الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الشرط السادس : كون المنفعة مقدورا على تسليمها ، وفي الجواهر : احترازا من استئجار الأخرس للكلام ، والأعمى للإبصار ، أو أرض للزراعة لا ماء لها قطعا ولا غالبا ، وقال الأئمة ، وفي الكتاب : يجوز كراء المشاع كنصف [ ص: 412 ] عبد أو دابة ويأخذه يوما بيوم ، ولمن اكترى نصف دار كراء حصته ولا شفعة له بخلاف البيع ; لأن الضرر في الرقاب أعظم ; لأنه يدوم والإجارة محدودة ، ووافقنا ( ش ) وأحمد في كراء المشاع ، ومنع ( ح ) لعدم القدرة على التسليم بسبب اختلاط المكري بغيره ، لنا : القياس على شراء المشاع ويمنع امتناع التسليم ، بل يسلم الجميع له ، فيحصل تسليم المكرى ضمنا كالبيع ، قال اللخمي : إن كانت صنعة العبد لا يمكن تبعيضها ترك نصيبه واقتسما خراجه ، وإن قبلت الدار القسمة قسمت منافعها وسكن المكتري فيما يصير إليه أو أكراه ، وإلا أكريت واقتسما كراءها إلا أن يريدها أحدهما بما تقف عليه ، فإن أكرى أحد الشريكين بإذن شريكه : فالجواب ما تقدم ، أو بغير إذنه ولم يجز ، ودعا للبيع أجيب في العبد والدابة والدار إذا لم تنقسم ، وإن قبلت القسمة ودعا إليها قسمت المنافع بالقرعة ، وإن أراد المكري القسم بالقرعة فللأبهري منعه ، فإن اقتسما الرقاب وصار للمكري أقل من النصف بما لا ضرر فيه على المكتري حط من الكراء بقدره أو أكثر ، وأمكن تمييز الزائد ميز وانتفع به المكري ، وإن لم يتميز ولم يضر فيه سكن بانفراده مع المكتري بغير شيء ; لأنه يقول : لا حاجة لي به ، فإن أجره نصفا معينا : خير الشريك بين الإجازة وله نصف الأجرة وبين مقاسمة المنافع ، فإن صار النصف المكرى للمكتري أخذه ، أو للآخر خير بين الإجازة وله الكراء أو يرد ، واختلف قول مالك إذا كان الكراء في نصف شائع في الأخذ بالشفعة إذا كانت الدار تحمل القسمة وأراد الأخذ ليسكن ، وإن [ ص: 413 ] أراده ليكريه فلا ، كالأخذ بها في البيع ليبيع ، فإن أكرى نصيبا معينا فلا شفعة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إن لم يفعله في يوم كذا وكذا فلا أجرة : يمتنع ; للغرر في تسليم المنفعة في ذلك الأجل ، وفي الكتاب : يجوز كراؤها قابلا وفيها زرع الآن لربها أو لغيره ، وكراء الدار على أن لا يقبضها إلا بعد سنة ، ولا يشترط في مدة الإجارة أن يلي العقد ، وقاله ( ح ) وأحمد ، واشترطه ( ش ) حتى يتمكن من التسليم في الحال ، ونحن نقول : تكفي القدرة على التسليم في الجملة ، وإنما منعناه في المعين الذي يتأخر قبضه خشية هلاكه فلا يحصل مقصود العقد ، وهذه أعيان مأمونة ، ووافقنا على إجارتها السنة القابلة ممن هو مستأجرها الآن ، وفي الكتاب : ويجوز تعجيل النقد في مثل السنة ، ويكره في الزمان الطويل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : تجوز إجارة الفحل للإنزاء أكواما معروفة ، أو شهرا بكذا ; لأنها منفعة مقصودة مضبوطة ، وتمتنع على نزوه حتى يكل الإنزاء للغرر ، ومنعه الأئمة مطلقا لنهيه - عليه السلام - عن عسب الفحل ، أو لأنه يعجز عن تسليمه ; لأنه باختيار الفحل ، أو لأنه تافه لا يقابل بالأعواض ، أو لأن فيه استيفاء عين ، وكلها مبطلات ، والجواب عن الأول : أن النهي محمول على ما فيه غرر [ ص: 414 ] من اشتراط الحمل جمعا بين الأدلة ، وعن الثاني : أن تنهيض الفحل لذلك معلوم عادة من طبعه ، فهو مقدور على تسليمه ، وعن الثالث : أن حركة الفحل مقصودة عادة عند جميع العقلاء ولولا ذلك لبطل النسل ، وعن الرابع : أن تلك العين كاللبن في الرضاع للضرورة ، قال ابن يونس : قال ابن حبيب : تعيق الرمكة - بضم التاء وكسر العين - أي : تحمل ، والأكوام جمع كوم ، وهو الضراب والنزو ، ويقال : كامها يكومها إذا فعل ذلك ، وإذا سمى شهرا امتنع تسمية المرات ، قال اللخمي : وعن مالك : كراهة بيع عسيب الفحل ; لأنه ليس من مكارم الأخلاق ، قال سحنون : إذا استأجر الفحل مرتين فعطبت الدابة بعد مرة انفسخت الإجارة كالصبي في الرضاع .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                ويجوز عندنا كراء الأرض التي تروى غالبا اكتفاء بالغلبة ، وقال ( ش ) : لا تكفي الغلبة ، بل لا بد من القطع بالري حتى يقطع بالتسليم ، وفي الكتاب : يجوز كراء الأرض الغارقة إن انكشف ذلك عنها ، وإلا فلا كراء بينكما إن لم ينقد ; لئلا يكون تارة بيعا وتارة سلفا ، فإن تيقن الانكشاف جاز النقد ، وقال غيره : يمتنع العقد إن خيف عدم الانكشاف لأنه غرر .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يجوز كراء الأرض الغائبة بإفريقية بمصر إذا عرف الدار وموضعها ، وإلا فلا ، ويجوز النقد فيها لأنها مأمونة ، ومنع أحمد الكراء على الصفة لعدم الانضباط ( وافقنا ( ح ) قياسا على البيع ) .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية