الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        294 - الحديث الأول : عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب ، أو الورق ؟ فقال : اعرف وكاءها وعفاصها ، ثم عرفها سنة فإن لم تعرف ، فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوما من الدهر : فأدها إليه ، وسأله عن ضالة الإبل ؟ فقال : ما لك ولها ؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ، ترد الماء وتأكل الشجر ، حتى يجدها ربها وسأله عن الشاة ؟ فقال : خذها فإنما هي لك ، أو لأخيك ، أو للذئب }

                                        التالي السابق


                                        " اللقطة " هي المال الملتقط وقد استعمله الفقهاء كثيرا بفتح القاف وقياس هذا : أن يكون لمن يكثر منه الالتقاط ، كالهزأة والضحكة وأمثاله " والوكاء " ما يربط به الشيء و " العفاص " الوعاء الذي تجعل فيه النفقة ثم يربط عليه والأمر بمعرفة ذلك : ليكون وسيلة إلى معرفة المال ، تذكرة لما عرفه الملتقط وفي الحديث : دليل على وجوب التعريف سنة وإطلاقة : يدخل فيه القليل والكثير وقد اختلف في تعريف القليل ومدة تعريفه [ ص: 544 ] وقوله " فإن لم تعرف فاستنفقها " ليس الأمر فيه على الوجوب وإنما هو للإباحة .

                                        وقوله " ولتكن وديعة عندك " يحتمل أن يراد بذلك : بعد الاستنفاق ويكون قوله " ولتكن وديعة عندك " فيه مجاز في لفظ " الوديعة " فإنها تدل على الأعيان وإذا استنفق اللقطة لم تكن عينا فتجوز بلفظ " الوديعة " عن كون الشيء بحيث يرد إذا جاء ربه ويحتمل أن يكون قوله " ولتكن " الواو فيه بمعنى " أو " فيكون حكمها حكم الأمانات والودائع فإنه إذا لم يتملكها بقيت عنده على حكم الأمانة ، فهي كالوديعة .

                                        وقوله " فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه " فيه دليل على وجوب الرد على المالك ، إذا بين كونه صاحبها واختلف الفقهاء : هل يتوقف وجوب الرد على إقامة البينة ، أم يكتفي بوصفه بأماراتها التي عرفها الملتقط أو لا ؟



                                        وقوله " وسأله عن ضالة الإبل إلخ " فيه دليل على امتناع التقاطها وقد نبه على العلة فيه وهي استغناؤها عن الحافظ والمتفقد و " الحذاء والسقاء " ههنا مجازان كأنه لما استغنت بقوتها وما ركب في طبعها من الجلادة عن الماء : كأنها أعطيت الحذاء والسقاء



                                        وقوله " وسأله عن الشاة - إلى آخر الحديث " يريد الشاة الضالة والحديث يدل على التقاطها وقد نبه فيه على العلة وهي خوف الضياع عليها ، إن لم يلتقطها أحد وفي ذلك إتلاف لماليتها على مالكها والتساوي بين هذا الرجل وبين غيره من الناس إذا وجدها ، فإن هذا التساوي تقتضي الألفاظ : بأنه لا بد منه : إما لهذا الواجد ، وإما لغيره من الناس والله أعلم .




                                        الخدمات العلمية