الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نبذ

                                                          نبذ : النبذ طرحك الشيء من يدك أمامك أو وراءك . نبذت الشيء أنبذه نبذا إذا ألقيته من يدك ، ونبذته ، شدد للكثرة . ونبذت الشيء أيضا إذا رميته وأبعدته ، ومنه الحديث : فنبذ خاتمه ، فنبذ الناس خواتيمهم أي ألقاها من يده . وكل طرح : نبذ ; نبذه ينبذه نبذا . والنبيذ : معروف ، واحد الأنبذة . والنبيذ : الشيء المنبوذ . والنبيذ : ما نبذ من عصير ونحوه . وقد نبذ النبيذ وأنبذه وانتبذه ونبذه ونبذت نبيذا إذا تخذته ، والعامة تقول أنبذت . وفي الحديث : نبذوا وانتبذوا . وحكى اللحياني : نبذ تمرا جعله نبيذا ، وحكى أيضا : أنبذ فلان تمرا ، قال : وهي قليلة ، وإنما سمي نبيذا لأن الذي يتخذه يأخذ تمرا أو زبيبا فينبذه في وعاء أو سقاء عليه الماء ويتركه حتى يفور فيصير مسكرا . والنبذ : الطرح ، وهو ما لم يسكر حلال فإذا أسكر حرم . وقد تكرر في الحديث ذكر النبيذ ، وهو ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك . يقال : نبذت التمر والعنب إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا ، فصرف من مفعول إلى فعيل . وانتبذته : اتخذته نبيذا ، وسواء كان مسكرا أو غير مسكر فإنه يقال له نبيذ ، ويقال للخمر المعتصرة من العنب : نبيذ ، كما يقال للنبيذ خمر . ونبذ الكتاب وراء ظهره : ألقاه . وفي التنزيل : فنبذوه وراء ظهورهم ، وكذلك نبذ إليه القول . والمنبوذ : ولد الزنا لأنه ينبذ على الطريق ، وهم المنابذة ، والأنثى منبوذة ونبيذة ، وهم المنبوذون لأنهم يطرحون . قال أبو منصور : المنبوذ الذي تنبذه والدته في الطريق حين تلده فيلتقطه رجل من المسلمين ويقوم بأمره ، وسواء حملته أمه من زنا أو نكاح لا يجوز أن يقال له ولد الزنا لما أمكن في نسبه من الثبات . والنبيذة والمنبوذة : التي لا تؤكل من الهزال ; شاة كانت أو غيرها ، وذلك لأنها تنبذ . ويقال للشاة المهزولة التي يهملها أهلوها : نبيذة . ويقال لما ينبث من تراب الحفرة : نبيثة ونبيذة ، والجمع النبائث والنبائذ . وجلس نبذة ونبذة أي ناحية . وانتبذ عن قومه : تنحى . وانتبذ فلان إلى ناحية أي تنحى ناحية ، قال الله تعالى في قصة مريم فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا . والمنتبذ : المتنحي ناحية ، قال لبيد :


                                                          يجتاب أصلا قالصا ، متنبذا بعجوب أنقاء ، يميل هيامها

                                                          وانتبذ فلان أي ذهب ناحية . وفي الحديث : أنه مر بقبر منتبذ عن القبور أي منفرد بعيد عنها . وفي حديث آخر : انتهى إلى قبر منبوذ فصلى عليه ، يروى بتنوين القبر وبالإضافة ; فمع التنوين هو بمعنى الأول ، ومع الإضافة يكون المنبوذ اللقيط ، أي بقبر إنسان منبوذ رمته أمه على الطريق . وفي حديث الدجال : تلده أمه وهي منبوذة في قبرها أي ملقاة . والمنابذة والانتباذ : تحيز كل واحد من الفريقين في الحرب . وقد نابذهم الحرب ونبذ إليهم على سواء ينبذ أي نابذهم الحرب . وفي التنزيل : فانبذ إليهم على سواء ، قال اللحياني : على سواء أي على الحق والعدل . ونابذه الحرب : كاشفه . والمنابذة : انتباذ الفريقين للحق ، تقول : نابذناهم الحرب ونبذنا إليهم الحرب على سواء . قال أبو منصور : المنابذة أن يكون بين فريقين مختلفين عهد وهدنة بعد القتال ، ثم أرادا نقض ذلك العهد فينبذ كل فريق منهما إلى صاحبه العهد الذي تهادنا عليه ، ومنه قوله تعالى : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ; المعنى : إن كان بينك وبين قوم هدنة فخفت منهم نقضا للعهد فلا تبادر إلى النقض حتى تلقي إليهم أنك قد نقضت ما بينك وبينهم ، فيكونوا معك في علم النقض والعود إلى الحرب مستوين . وفي حديث سلمان : وإن أبيتم نابذناكم على سواء أي كاشفناكم وقاتلناكم على طريق مستقيم مستوفي العلم بالمنابذة منا ومنكم بأن نظهر لهم العزم على قتالهم ونخبرهم به إخبارا مكشوفا . والنبذ : يكون بالفعل والقول في الأجسام والمعاني ، ومنه نبذ العهد إذا نقضه وألقاه إلى من كان بينه وبينه . والمنابذة في التجر : أن يقول الرجل لصاحبه : انبذ إلي الثوب أو غيره من المتاع أو أنبذه إليك فقد وجب البيع بكذا وكذا . وقال اللحياني : المنابذة أن ترمي إليه بالثوب ويرمي إليك بمثله ، والمنابذة أيضا : أن يرمي إليك بحصاة ; عنه أيضا . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المنابذة في البيع والملامسة ، قال أبو عبيد : المنابذة أن يقول الرجل لصاحبه انبذ إلي الثوب أو غيره من المتاع أو أنبذه إليك وقد وجب البيع بكذا وكذا . قال : ويقال إنما هي أن تقول إذا نبذت الحصاة إليك فقد وجب البيع ، ومما يحققه الحديث الآخر : أنه نهى عن بيع الحصاة ; فيكون البيع معاطاة من غير عقد ولا يصح . ونبيذة البئر : نبيثتها ، وزعم يعقوب أن الذال بدل من الثاء . والنبذ : الشيء القليل ، والجمع أنباذ . ويقال : في هذا العذق نبذ قليل من الرطب ووخر قليل ; وهو أن يرطب في الخطيئة بعد الخطيئة . ويقال : ذهب ماله وبقي نبذ منه ونبذة أي شيء يسير ، وبأرض كذا نبذ من مال ومن كلإ . وفي رأسه نبذ من شيب . وأصاب الأرض نبذ [ ص: 175 ] من مطر أي شيء يسير . وفي حديث أنس : إنما كان البياض في عنفقته وفي الرأس نبذ أي يسير من شيب ; يعني به النبي - صلى الله عليه وسلم . وفي حديث أم عطية : نبذة قسط وأظفار أي قطعة منه . ورأيت في العذق نبذا من خضرة وفي اللحية نبذا من شيب أي قليلا ، وكذلك القليل من الناس والكلإ . والمنبذة : الوسادة المتكأ عليها ; هذه عن اللحياني . وفي حديث عدي بن حاتم : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر له لما أتاه بمنبذة ، وقال : إذا أتاكم كريم قول فأكرموه ، وسميت الوسادة منبذة لأنها تنبذ بالأرض أي تطرح للجلوس عليها ، ومنه الحديث : فأمر بالستر أن يقطع ويجعل له منه وسادتان منبوذتان . ونبذ العرق ينبذ نبذا : ضرب ، لغة في نبض ، وفي الصحاح : ينبذ نبذانا لغة في نبض ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية