الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا

                                                                                                                                                                                                        4217 حدثنا يوسف بن راشد حدثنا جرير وأبو أسامة واللفظ لجرير عن الأعمش عن أبي صالح وقال أبو أسامة حدثنا أبو صالح عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقال لأمته هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير فيقول من يشهد لك فيقول محمد وأمته فتشهدون أنه قد بلغ ويكون الرسول عليكم شهيدا فذلك قوله جل ذكره وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا والوسط العدل

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : باب قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا كذا لأبي ذر ، وساق غيره الآية إلى ( مستقيم ) وسيأتي الكلام على الآية في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا قتيبة حدثنا جرير وأبو أسامة واللفظ لجرير ) أي لفظ المتن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال أبو أسامة حدثنا أبو صالح ) يعني قال أبو أسامة عن الأعمش حدثنا أبو صالح . فأفاد تصريح الأعمش بالتحديث ، وقد أخرجه في الاعتصام من وجه آخر عن أبي أسامة وصرح في روايته أيضا بالتحديث ، وسيأتي في رواية أبي أسامة مفردة في الاعتصام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب ، فيقول : هل بلغت ؟ فيقول : نعم ) زاد في الاعتصام " نعم يا رب " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيقول من يشهد لك ) في الاعتصام فيقول " من شهودك " [ ص: 22 ] . قوله : ( فيشهدون ) في الاعتصام " فجاء بكم فتشهدون " وقد روى هذا الحديث أبو معاوية عن الأعمش بهذا الإسناد أتم من سياق غيره وأشمل ولفظه يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل ، ويجيء النبي ومعه الرجلان ، ويجيء النبي ومعه أكثر من ذلك ، قال : فيقال لهم : أبلغكم هذا ؟ فيقولون : لا ، فيقال للنبي : أبلغتهم ؟ فيقول : نعم ، فيقال له : من يشهد لك ؟ الحديث أخرجه أحمد عنه والنسائي وابن ماجه والإسماعيلي من طريق أبي معاوية أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيشهدون أنه قد بلغ ) زاد أبو معاوية " فيقال : وما علمكم ؟ فيقولون : أخبرنا نبينا أن الرسل قد بلغوا فصدقناه " ويؤخذ من حديث أبي بن كعب تعميم ذلك ، فأخرج ابن أبي حاتم بسند جيد عن أبي العالية عن أبي بن كعب في هذه الآية قال لتكونوا شهداء وكانوا شهداء على الناس يوم القيامة ، كانوا شهداء على قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وغيرهم أن رسلهم بلغتهم وأنهم كذبوا رسلهم ، قال أبو العالية وهي قراءة أبي : " لتكونوا شهداء على الناس يوم القيامة " ومن حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما من رجل من الأمم إلا ود أنه منا أيتها الأمة ، ما من نبي كذبه قومه إلا ونحن شهداؤه يوم القيامة أن قد بلغ رسالة الله ونصح لهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : فذلك قوله عز وجل وكذلك جعلناكم أمة وسطا في الاعتصام
                                                                                                                                                                                                        ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( والوسط العدل ) هو مرفوع من نفس الخبر ، وليس بمدرج من قول بعض الرواة كما وهم فيه بعضهم ، وسيأتي في الاعتصام بلفظ " وكذلك جعلناكم أمة وسطا عدلا " وأخرج الإسماعيلي من طريق حفص بن غياث عن الأعمش بهذا السند في قوله : ( وسطا ) قال : عدلا ، كذا أورده مختصرا مرفوعا ، وأخرجه الطبري من هذا الوجه مختصرا مرفوعا ، ومن طريق وكيع عن الأعمش بلفظ " والوسط العدل " مختصرا مرفوعا ، ومن طريق أبي معاوية عن الأعمش مثله ، وكذا أخرجه الترمذي والنسائي من هذا الوجه ، وأخرجه الطبري من طريق جعفر بن عون عن الأعمش مثله ، وأخرجه عن جماعة من التابعين كمجاهد وعطاء وقتادة ، ومن طريق العوفي عن ابن عباس مثله ، قال الطبري : الوسط في كلام العرب الخيار ، يقولون فلان وسط في قومه وواسط إذا أرادوا الرفع في حسبه . قال : والذي أرى أن معنى الوسط في الآية الجزء الذي بين الطرفين ، والمعنى أنهم وسط لتوسطهم في الدين فلم يغلوا كغلوالنصارى ولم يقصروا كتقصير اليهود ، ولكنهم أهل وسط واعتدال ، قلت : لا يلزم من كون الوسط في الآية صالحا لمعنى التوسط أن لا يكون أريد به معناه الآخر كما نص عليه الحديث ، فلا مغايرة بين الحديث وبين ما دل عليه معنى الآية والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية