الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " قال وأحب أن لا يذبح المناسك التي يتقرب بها إلى الله عز وجل إلا مسلم ، فإن ذبح مشرك تحل ذبيحته ، أجزأ على كراهيتي لما وصفت " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : الأولى بالمضحي والمهدي أن يتولى بنفسه ذبح أضحيته وهديه لرواية جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساق مائة بدنة ، فنحر بيده منها ثلاثا وستين بدنة ، وأمر عليا عليه السلام فنحر ما بقي .

                                                                                                                                            وروى نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذبح أضحيته بالمصلى ، قال نافع : وكان عمر يفعل ذلك .

                                                                                                                                            وقالت عائشة رضوان الله عليها : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر نساءه أن يلين ذبح هديهن : لأنها قربة ، فكان قيامه بها أفضل من استنابته فيها ، فإن استناب فيها جاز : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استناب عليا في نحر ما تبقى من هديه ، ويختار أن يحضر ذبحها إذا استناب ، لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لامرأة من أهله ، قيل : إنها فاطمة عليها السلام : احضري ذبح نسيكتك فإنه يغفر لك بأول قطرة ويختار إذا استناب في ذبحها أن يستنيب فيها خيار المسلمين : لأن قيامهم بالقرب أفضل ، ومن استناب فيها من المسلمين أجزأ ، وإن كان فاسقا ، فإن استناب في ذبحها كافرا لا تؤكل ذبيحته من المجوس أو عبدة الأوثان فهي ميتة لا تؤكل .

                                                                                                                                            القول في ذبيحة الكتابي للأضحية

                                                                                                                                            وإن كان مأكول الذبيحة كالكتابي حلت ، وكانت أضحية ، وإن كان قيام الكافر بها مكروها .

                                                                                                                                            وقال مالك : هي شاة لحم يحل أكلها ، ولا تكون أضحية : احتجاجا لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا يذبح ضحاياكم إلا طاهر يريد إلا مسلم ، ولأنه كافر فأشبه المجوسي .

                                                                                                                                            [ ص: 92 ] ودليلنا قول الله تعالى : وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم [ المائدة : 5 ] فكان على عمومه في الضحايا وغيرها : ولأن كل من كان من أهل الكتاب صح أن يذبح الأضحية كالمسلم : ولأنه ذبح يصح من المسلم فصح من الكتابي كالذكاة : ولأن معونة الكافر على القرب لا يمنع من الإجزاء كاستنابته في تفريق الزكوات والكفارات ، فأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم : لا يذبح ضحاياكم إلا طاهر فهو أن معناه إلا مطهرا للضحايا ، وهو من تحل ذبيحته ، فمنع به ذبيحة المجوسي ، والمعنى في منع المجوسي والوثني أنهم ليسوا من أهل الذكاة بخلاف أهل الكتاب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية