الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          795 - مسألة : ولا يحل صوم يوم الجمعة إلا لمن صام يوما قبله أو يوما بعده فلو نذره إنسان كان نذره باطلا ، فلو كان إنسان يصوم يوما ويفطر يوما فجاءه صومه في الجمعة فليصمه ; - : نا عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج نا أبو كريب نا حسين هو الجعفي - عن زائدة عن هشام هو ابن حسان - عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا [ ص: 441 ] أن يكون في صوم يصومه أحدكم } - : . نا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب نا إسماعيل بن مسعود هو الجحدري - نا بشر هو ابن المفضل - نا سعيد هو ابن أبي عروبة - عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو قال : { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على جويرية بنت الحارث يوم الجمعة وهي صائمة فقال لها : أصمت أمس ؟ قالت : لا قال : أتريدين أن تصومي غدا ؟ قالت : لا قال : فأفطري } . وروينا أيضا من طريق جابر ; ومن طريق جويرية أم المؤمنين .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق جنادة الأزدي : - وله صحبة كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم . وبه قال طائفة من الصحابة رضي الله عنهم - : روينا من طريق حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي العلاء هو ابن الشخير - أن سلمان الفارسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لزيد بن صوحان : انظر ليلة الجمعة فلا تصلها ؟ قال علي : لا نعلم له مخالفا من الصحابة رضي الله عنهم .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق يحيى بن سعيد القطان عن شعبة عن عبد العزيز بن رفيع عن قيس بن السكن قال : مر ناس من أصحاب ابن مسعود بأبي ذر يوم جمعة وهم صيام فقال : عزمت عليكم لما أفطرتم فإنه يوم عيد - قيس بن السكن أدرك أبا ذر وجالسه . وعن علي بن أبي طالب أنه نهى عن تعمد صيام يوم الجمعة . ومن طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن منصور عن مجاهد عن أبي هريرة قال : لا تصم يوم الجمعة إلا أن تصوم قبله أو بعده . وهو قول إبراهيم النخعي ; ومجاهد ، والشعبي ، وابن سيرين وغيرهم ، وذكره إبراهيم عمن لقي ، وإنما لقي أصحاب ابن مسعود . فإن قيل : فقد رويتم من طريق شيبان عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال : { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر وقل ما كان يفطر يوم الجمعة } . [ ص: 442 ]

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ليث بن أبي سليم عن عمر بن أبي عمير { عن ابن عمر قل ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مفطرا يوم جمعة } . ومن طريق ليث بن أبي سليم عن طاوس { عن ابن عباس قل ما رأيته مفطرا يوم جمعة قط } . قال أبو محمد : ليث ليس بالقوي وأما خبر ابن مسعود فصحيح ، والقول فيها كلها سواء ، وهو أنه ليس في شيء منها - لا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن ابن مسعود ، ولا عن ابن عمر ، ولا عن ابن عباس - : إباحة تخصيص يوم الجمعة بصيام دون يوم قبله أو يوم بعده . ونحن لا ننكر صيامه إذا صام يوما قبله أو يوما بعده ، ولا يحل أن نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبر عنه بما لم يخبر به عنه صاحبه ، ولا أن نحمل فعله على مخالفة أمره ألبتة إلا ببيان نص صحيح فيكون حينئذ نسخا أو تخصيصا ، قال تعالى آمرا له أن يقول : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } فكيف وقد ورد عن ابن عباس ، وطاوس بيان قولنا بأصح من هذه الطرق ؟ كما روينا من طريق ابن أبي شيبة - : نا محمد بن بكر عن ابن جريج عن عطاء قال : كان ابن عباس ينهى عن افتراد اليوم كلما مر بالإنسان - يعني عن صيامه - : فصح نهي ابن عباس عن افتراد يوم بعينه في الصوم ، فدخل في ذلك يوم الجمعة وغيره . ومن طريق عبد الله بن طاوس عن أبيه أنه كان يكره أن يتحرى يوما يصومه ، وما نعلم لمن ذكرنا من الصحابة رضي الله عنهم مخالفا أصلا في النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصيام - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية