الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نثر

                                                          نثر : الليث : النثر نثرك الشيء بيدك ترمي به متفرقا مثل نثر الجوز واللوز والسكر ، وكذلك نثر الحب إذا بذر ، هو النثار ، وقد نثره ينثره وينثره نثرا ونثارا ونثره فانتثر وتناثر ، والنثارة : ما تناثر منه ، وخص اللحياني به ما ينتثر من المائدة فيؤكل فيرجى فيه الثواب . التهذيب : والنثار فتات ما يتناثر حوالي الخوان من الخبز ونحو ذلك من كل شيء . الجوهري : النثار ، بالضم ، ما تناثر من الشيء . ودر منثر : شدد للكثرة ، وقيل : نثارة الحنطة والشعير ونحوهما ما انتثر منه . وشيء نثر : منتثر ، وكذلك الجمع ، قال :


                                                          حد النهار تراعي ثيرة نثرا

                                                          ويقال : شهدت نثار فلان ، وقوله أنشده ثعلب :


                                                          هذريان هذر هذاءة     موشك السقطة ، ذو لب نثر

                                                          قال ابن سيده : لم يفسر نثرا ، قال : وعندي أنه متناثر متساقط لا يثبت . وفي حديث ابن مسعود وحذيفة في القراءة : هذا كهذ الشعر ونثرا كنثر الدقل ، أي كما يتساقط الرطب اليابس من العذق إذا هز . وفي حديث أبي ذر : يوافقكم العدو حلب شاة نثور ; هي الواسعة الإحليل كأنها تنثر اللبن نثرا تفتح سبيله ، ووجأه فنثر أمعاءه . وتناثر القوم : مرضوا فماتوا . والنثور : الكثير الولد ، وكذلك المرأة ، وقد نثر ولدا ونثر كلاما : أكثره ، وقد نثرت ذا بطنها ونثرت بطنها . وفي الحديث : فلما خلا سني ونثرت له ذا بطني ; أرادت أنها كانت شابة تلد الأولاد عنده . وقيل لامرأة : أي البغاة أبغض إليك ؟ فقالت : التي إن غدت بكرت ، وإن حدثت نثرت . ورجل نثر بين النثر ومنثر ; كلاهما : كثير الكلام ، والأنثى نثرة فقط . والنثرة : الخيشوم وما والاه . وشاة ناثر ونثور : تطرح من أنفها كالدود . والنثير للدواب والإبل كالعطاس للناس ; زاد الأزهري : إلا أنه ليس بغالب له ولكنه شيء يفعله هو بأنفه ، يقال : نثر الحمار وهو ينثر نثيرا . الجوهري : والنثرة للدواب شبه العطسة ، يقال : نثرت الشاة إذا طرحت من أنفها الأذى . قال الأصمعي : النافر والناثر الشاة تسعل فينتثر من أنفها شيء . وفي حديث ابن عباس : " الجراد نثرة الحوت " ; أي عطسته ، وحديث كعب : إنما هو نثرة حوت ، وقد نثر ينثر نثيرا ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          فما أنجرت حتى أهب بسدفة     علاجيم ، عير ابني صباح نثيرها

                                                          واستنثر الإنسان : استنشق الماء ثم استخرج ذلك بنفس الأنف . والانتثار والاستنثار بمعنى : وهو نثر ما في الأنف بالنفس . وفي الحديث : " إذا استنشقت فانثر " ، وفي التهذيب : فانثر ، وقد روي : فأنثر ، بقطع الألف ، قال : ولا يعرفه أهل اللغة ، وقد وجد بخطه في حاشية كتابه في الحديث : " من توضأ فلينثر " ، بكسر الثاء ، يقال : نثر الجوز والدر ينثر ، بضم الثاء ، ونثر من أنفه ينثر ، بكسر الثاء لا غير ، قال : وهذا صحيح ; كذا حفظه علماء اللغة . ابن الأعرابي : النثرة طرف الأنف ، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطهارة : " استنثر " ، قال : ومعناه استنشق وحرك النثرة . الفراء : نثر الرجل وانتثر واستنثر إذا حرك النثرة في الطهارة ، قال أبو منصور : وقد روي هذا الحرف عن أبي عبيد أنه قال في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا توضأت فأنثر " ; من الإنثار ، إنما يقال : نثر ينثر وانتثر ينتثر واستنثر يستنثر . وروى أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال : " إذا توضأ أحدكم فليجعل الماء في أنفه ثم لينثر " ، قال الأزهري : هكذا رواه أهل الضبط لألفاظ الحديث ، قال : وهو الصحيح عندي ، وقد فسر قوله لينثر واستنثر على غير ما فسره الفراء وابن الأعرابي ، قال بعض أهل العلم : معنى الاستنثار والنثر أن يستنشق الماء ثم يستخرج ما فيه من أذى أو مخاط ، قال : ومما يدل على هذا الحديث الآخر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستنشق ثلاثا في كل مرة يستنثر فجعل الاستنثار غير الاستنشاق ، يقال منه : نثر ينثر ، بكسر الثاء . وفي الحديث : من توضأ فلينثر ، بكسر الثاء ، لا غير . والإنسان يستنثر إذا استنشق الماء ثم استخرج نثيره بنفس الأنف . ابن الأثير : نثر ينثر ، بالكسر ، إذا امتخط ، واستنثر استفعل منه : استنشق الماء ثم استخرج ما في الأنف ، وقيل : هو من تحريك النثرة ، وهي طرف الأنف ، قال : ويروى فأنثر بألف مقطوعة ، قال : وأهل اللغة لا يجيزونه ، والصواب بألف الوصل . ونثر السكر ينثره ، بالضم ، قال : وأما قول ابن الأعرابي النثرة طرف الأنف فهو صحيح ، وبه سمي النجم الذي يقال له نثرة الأسد كأنها جعلت طرف أنفه . والنثرة : فرجة ما بين الشاربين حيال وترة الأنف ، وكذلك هي من الأسد ، وقيل : هي أنف الأسد . والنثرة : نجم من نجوم الأسد ينزلها القمر ، قال :


                                                          كاد السماك بها أو نثرة الأسد

                                                          [ ص: 189 ] ‌‌‌التهذيب : النثرة كوكب في السماء كأنه لطخ سحاب حيال كوكبين ; تسميه العرب نثرة الأسد وهي من منازل القمر ، قال : وهي في علم النجوم من برج السرطان . قال أبو الهيثم : النثرة أنف الأسد ومنخراه ، وهي ثلاثة كواكب خفية متقاربة ، والطرف عينا الأسد كوكبان ، الجبهة أمامها وهي أربعة كواكب . الجوهري : النثرة كوكبان بينهما مقدار شبر ، وفيهما لطخ بياض كأنه قطعة سحاب وهي أنف الأسد ينزلها القمر . والعرب تقول : إذا طلعت النثرة قنأت البسرة أي داخل حمرتها سواد ، وطلوع النثرة على إثر طلوع الشعرى . وطعنه فأنثره عن فرسه أي ألقاه على نثرته ، قال :


                                                          إن عليها فارسا كعشره ;     إذا رأى فارس قوم أنثره

                                                          قال ثعلب : معناه طعنه فأخرج نفسه من أنفه ، ويروى رئيس . الجوهري : ويقال طعنه فأنثره أي أرعفه ، وأنشد الراجز :


                                                          إذا رأى فارس قوم أنثره

                                                          والنثرة : الدرع السلسة الملبس ، وقيل : هي الدرع الواسعة . ونثر درعه عليه : صبها ، ويقال للدرع : نثرة ونثلة . قال ابن جني : ينبغي أن تكون الراء في النثرة بدلا من اللام لقولهم نثل عليه درعه ولم يقولوا نثرها ، واللام أعم تصرفا ، وهي الأصل ، يعني أن باب نثل أكثر من باب نثر . وقال شمر في كتابه في السلاح : النثرة والنثلة اسم من أسماء الدرع ، قال : وهي المنثولة ، وأنشد :


                                                          وضاعف من فوقها نثرة     ترد القواضب عنها فلولا

                                                          وقال ابن شميل : النثل الأدراع ، يقال نثلها عليه ونثلها عنه أي خلعها . ونثلها عليه إذا لبسها . قال الجوهري : يقال نثر درعه عنه إذا ألقاها عنه ، قال : ولا يقال نثلها . وفي حديث أم زرع : ويميس في حلق النثرة ، قال : هي ما لطف من الدروع ، أي يتبختر في حلق الدرع ، وهو ما لطف منها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية