الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم

                                                                                                                                                                                                        4238 حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء ح وحدثنا أحمد بن عثمان حدثنا شريح بن مسلمة قال حدثني إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله عنه لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : باب أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم - إلى قوله - وابتغوا ما كتب الله لكم كذا لأبي ذر ، وساق في رواية كريمة الآية كلها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء ) قد تقدم في كتاب الصيام من حديث البراء أيضا أنهم كانوا لا يأكلون ولا يشربون إذا ناموا ، وأن الآية نزلت في ذلك ، وبينت هناك أن الآية نزلت في الأمرين معا ، وظاهر سياق حديث الباب أن الجماع كان ممنوعا في جميع الليل والنهار ، بخلاف الأكل والشرب فكان مأذونا فيه ليلا ما لم يحصل النوم ، لكن بقية الأحاديث الواردة في هذا المعنى تدل على عدم الفرق كما سأذكرها بعد ، فيحمل قوله " كانوا لا يقربون النساء " على الغالب جمعا بين الأخبار .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكان رجال يخونون أنفسهم ) سمي من هؤلاء عمر وكعب بن مالك - رضي الله عنهما - فروى أحمد وأبو داود والحاكم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال " أحل الصيام ثلاثة أحوال : فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، وصام عاشوراء . ثم إن الله فرض عليه الصيام وأنزل عليه يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام فذكر الحديث إلى أن قال " وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا ، فإذا ناموا امتنعوا . ثم إن رجلا من الأنصار صلى العشاء ثم نام فأصبح مجهودا ، وكان عمر أصاب من النساء بعدما نام ، فأنزل الله عز وجل أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم [ ص: 31 ] - إلى قوله - ثم أتموا الصيام إلى الليل وهذا الحديث مشهور عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، لكنه لم يسمع من معاذ ، وقد جاء عنه فيه " حدثنا أصحاب محمد " كما تقدم التنبيه عليه قريبا ، فكأنه سمعه من غير معاذ أيضا ، وله شواهد : منها ما أخرجه ابن مردويه من طريق كريب عن ابن عباس قال " بلغنا " ومن طريق عطاء عن أبي هريرة نحوه ، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال : كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد ، فرجع عمر من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سمر عنده ، فأراد امرأته ، فقالت : إني قد نمت ، قال : ما نمت ، ووقع عليها . وصنع كعب بن مالك مثل ذلك . فنزلت وروى ابن جرير من طريق ابن عباس نحوه ، ومن طريق أصحاب مجاهد وعطاء وعكرمة وغير واحد من غيرهم كالسدي وقتادة وثابت نحو هذا الحديث ، لكن لم يزد واحد منهم في القصة على تسمية عمر إلا في حديث كعب بن مالك ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية