الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نجع

                                                          نجع : النجعة عند العرب : المذهب في طلب الكلإ في موضعه . والبادية تحضر محاضرها عند هيج العشب ونقص الخرف وفناء ماء السماء في الغدران ، فلا يزالون حاضرة يشربون الماء العد حتى يقع ربيع بالأرض ; خرفيا كان أو شتيا ، فإذا وقع الربيع توزعتهم النجع وتتبعوا مساقط الغيث يرعون الكلأ والعشب ، إذا أعشبت البلاد ، ويشربون الكرع ، وهو ماء السماء ، فلا يزالون في النجع إلى أن يهيج العشب من عام قابل وتنش الغدران ، فيرجعون إلى محاضرهم على أعداد المياه . والنجعة : طلب الكلإ والعرف ، ويستعار فيما سواهما ، فيقال : فلان نجعتي أي أملي على المثال . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : ليست بدار نجعة . والمنتجع : المنزل في طلب الكلإ ، والمحضر : المرجع إلى المياه . وهؤلاء قوم ناجعة ومنتجعون ، ونجعوا الأرض ينجعونها وانتجعوها . وفي حديث بديل : هذه هوازن تنجعت أرضنا ، التنجع والانتجاع والنجعة : طلب الكلإ ومساقط الغيث . وفي المثل : من أجدب انتجع . ويقال : انتجعنا أرضا نطلب الريف ، وانتجعنا فلانا إذا أتيناه نطلب معروفه ، قال ذو الرمة :


                                                          فقلت لصيدح : انتجعي بلالا

                                                          ويقال للمنتجع منجع ، وجمعه مناجع ، ومنه قول ابن أحمر :


                                                          كانت مناجعها الدهنا وجانبها     والقف مما تراه فرقة دررا

                                                          وكذلك نجعت الإبل والغنم المرتع وانتجعته ، قال :

                                                          [ ص: 200 ]

                                                          أعطاك يا زيد الذي أعطى النعم     بوائكا لم تنتجع من الغنم

                                                          واستعمل عبيد الانتجاع في الحرب لأنهم إنما يذهبون في ذلك إلى الإغارة والنهب فقال :

                                                          فانتجعن الحرث الأعرج في جحفل كالليل ، خطار العوالي ونجع الطعام في الإنسان ينجع نجوعا : هنأ آكله أو تبينت تنميته واستمرأه وصلح عليه . ونجع فيه الدواء وأنجع إذا عمل ، ويقال : أنجع إذا نفع . ونجع فيه القول والخطاب والوعظ : عمل فيه ودخل وأثر . ونجع فيه الدواء ينجع وينجع ونجع بمعنى واحد ، ونجع في الدابة العلف ، ولا يقال أنجع . والنجوع : المديد . ونجعه : سقاه النجوع وهو أن يسقيه الماء بالبزر أو بالسمسم ، وقد نجعت البعير . وتقول : هذا طعام ينجع عنه وينجع به ويستنجع به ويسترجع عنه ، وذلك إذا نفع واستمرئ فيسمن عنه ، وكذلك الرعي ، وهو طعام ناجع ومنجع وغائر . وماء ناجع ونجيع : مريء ، وماء نجيع كما يقال نمير . وأنجع الرجل إذا أفلح . والنجيع : الدم ، وقيل : هو دم الجوف خاصة ، وقيل : هو الطري منه ، وقيل : ما كان إلى السواد ، وقال يعقوب : هو الدم المصبوب ; وبه فسر قول طرفة :


                                                          عالين رقما فاخرا لونه     من عبقري كنجيع الذبيح

                                                          ونجوع الصبي : هو اللبن . ونجع الصبي بلبن الشاة إذا غذي به وسقيه ، ومنه حديث أبي : وسئل عن النبيذ فقال : عليك باللبن الذي نجعت به ، أي سقيته في الصغر وغذيت به . والنجيع : خبط يضرب بالدقيق وبالماء يوجر الجمل . وفي حديث علي كرم الله وجهه : دخل عليه المقداد بالسقيا وهو ينجع بكرات له دقيقا وخبطا أي يعلفها ، يقال : نجعت الإبل أي علفتها النجوع والنجيع ، وهو أن يخلط العلف من الخبط والدقيق بالماء ثم تسقاه الإبل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية