الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نحب

                                                          نحب : النحب والنحيب : رفع الصوت بالبكاء ، وفي المحكم : أشد البكاء . نحب ينحب بالكسر ، نحيبا ، والانتحاب مثله ، وانتحب انتحابا . وفي حديث ابن عمر لما نعي إليه حجر : غلب عليه النحيب ، النحيب : البكاء بصوت طويل ومد . وفي حديث الأسود بن المطلب : هل أحل النحب ؟ أي أحل البكاء . وفي حديث مجاهد : فنحب نحبة هاج ما ثم من البقل . وفي حديث علي : فهل دفعت الأقارب ، ونفعت النواحب ؟ أي البواكي ، جمع ناحبة ، وقال ابن محكان :


                                                          زيافة لا تضيع الحي مبركها إذا نعوها لراعي أهلها انتحبا

                                                          ويروى : لما نعوها ; ذكر أنه نحر ناقة كريمة عليه ، قد عرف مبركها ، كانت تؤتى مرارا فتحلب للضيف والصبي . والنحب : النذر ، تقول منه : نحبت أنحب ، بالضم ، قال :


                                                          فإني والهجاء لآل لأم     كذات النحب توفي بالنذور

                                                          وقد نحب ينحب ، قال :


                                                          يا عمرو يا ابن الأكرمين نسبا     قد نحب المجد عليك نحبا أراد نسبا
                                                          فخفف لمكان نحب أي لا يزايلك     فهو لا يقضي ذلك النذر أبدا

                                                          . والنحب : الخطر العظيم . وناحبه على الأمر : خاطره ، قال جرير :

                                                          [ ص: 207 ] بطخفة جالدنا الملوك ، وخيلنا ، عشية بسطام ، جرين على نحب أي على خطر عظيم . ويقال : على نذر . والنحب : المراهنة والفعل كالفعل . والنحب : الهمة . والنحب : البرهان . والنحب : الحاجة . والنحب : السعال . الأزهري عن أبي زيد : من أمراض الإبل النحاب ، والقحاب ، والنحاز ، وكل هذا من السعال . وقد نحب البعير ينحب نحابا إذا أخذه السعال . أبو عمرو : النحب النوم ، والنحب : صوت البكاء ، والنحب : الطول ، والنحب : السمن ، والنحب : الشدة ، والنحب : القمار ، كلها بتسكين الحاء . وروي عن الرياشي : يوم نحب أي طويل . والنحب : الموت . وفي التنزيل العزيز : فمنهم من قضى نحبه ، وقيل معناه : قتلوا في سبيل الله ، فأدركوا ما تمنوا ; فذلك قضاء النحب . وقال الزجاج والفراء : فمنهم من قضى نحبه أي أجله . والنحب : المدة والوقت . يقال قضى فلان نحبه إذا مات . وروى الأزهري عن محمد بن إسحاق في قوله : فمنهم من قضى نحبه ، قال : فرغ من عمله ، ورجع إلى ربه ، هذا لمن استشهد يوم أحد ، ومنهم من ينتظر ما وعده الله تعالى من نصره ، أو الشهادة ، على ما مضى عليه أصحابه ، وقيل : فمنهم من قضى نحبه أي قضى نذره ، كأنه ألزم نفسه أن يموت ، فوفى به . ويقال : تناحب القوم إذا تواعدوا للقتال أي وقت ، وفي غير القتال أيضا . وفي الحديث : " طلحة ممن قضى نحبه " ، النحب : النذر ، كأنه ألزم نفسه أن يصدق الأعداء في الحرب ، فوفى به ولم يفسخ ، وقيل : هو من النحب الموت ، كأنه يلزم نفسه أن يقاتل حتى يموت . وقال الزجاج : النحب النفس ; عن أبي عبيدة . والنحب : السير السريع ، مثل النعب . وسير منحب : سريع ، وكذلك الرجل . ونحب القوم تنحيبا : جدوا في عملهم ، قال طفيل :


                                                          يزرن ألالا ، ما ينحبن غيره     بكل ملب أشعث الرأس محرم

                                                          وسار فلان على نحب إذا سار فأجهد السير ، كأنه خاطر على شيء ، فجد ، قال الشاعر :


                                                          ورد القطا منها بخمس نحب

                                                          أي دأبت . والتنحيب : شدة القرب للماء ، قال ذو الرمة :


                                                          ورب مفازة قذف جموح     تغول منحب القرب اغتيالا

                                                          والقذف : البرية التي تقاذف بسالكها . وتغول : تهلك . وسرنا إليها ثلاث ليال منحبات أي دائبات . ونحبنا سيرنا : دأبناه ، ويقال : سار سيرا منحبا أي قاصدا لا يريد غيره ، كأنه جعل ذلك نذرا على نفسه لا يريد غيره ، قال الكميت :


                                                          يخدن بنا عرض الفلاة وطولها     كما صار عن يمنى يديه المنحب

                                                          المنحب : الرجل ، قال الأزهري : يقول إن لم أبلغ مكان كذا وكذا ، فلك يميني . قال ابن سيده في هذا البيت : أنشده ثعلب وفسره ، فقال : هذا رجل حلف إن لم أغلب قطعت يدي ، كأنه ذهب به إلى معنى النذر ، قال : وعندي أن هذا الرجل جرت له الطير ميامين ، فأخذ ذات اليمين علما منه أن الخير في تلك الناحية . قال : ويجوز أن يريد كما صار بيمنى يديه أي يضرب يمنى يديه بالسوط للناقة ; التهذيب ، وقال لبيد :


                                                          ألا تسألان المرء ماذا يحاول :     أنحب فيقضى أم ضلال وباطل

                                                          يقول : عليه نذر في طول سعيه . ونحبه السير : أجهده . وناحب الرجل : حاكمه وفاخره . وناحبت الرجل إلى فلان ، مثل حاكمته . وفي حديث طلحة بن عبيد الله أنه قال لابن عباس : هل لك أن أناحبك وترفع النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال أبو عبيد : قال الأصمعي : ناحبت الرجل إذا حاكمته أو قاضيته إلى رجل . قال ، وقال غيره : ناحبته ، ونافرته مثله . قال أبو منصور : أراد طلحة هذا المعنى ، كأنه قال لابن عباس : أنافرك أي أفاخرك وأحاكمك ، فتعد فضائلك وحسبك ، وأعد فضائلي ، ولا تذكر في فضائلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقرب قرابتك منه ، فإن هذا الفضل مسلم لك ، فارفعه من الرأس ، وأنافرك بما سواه ، يعني أنه لا يقصر عنه ، فيما عدا ذلك من المفاخر . والنحبة : القرعة ، وهو من ذلك لأنها كالحاكمة في الاستهام . ومنه الحديث : لو علم الناس ما في الصف الأول ، لاقتتلوا عليه ، وما تقدموا إلا بنحبة أي بقرعة . والمناحبة : المخاطرة والمراهنة . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - في مناحبة : الم غلبت الروم ، أي مراهنته لقريش ، بين الروم والفرس . ومنه حديث الأذان : " استهموا عليه " . قال : وأصله من المناحبة ، وهي المحاكمة . قال : ويقال للقمار : النحب ، لأنه كالمساهمة . التهذيب ، أبو سعيد : التنحيب الإكباب على الشيء لا يفارقه ، ويقال : نحب فلان على أمره . قال : وقال أعرابي أصابته شوكة ، فنحب عليها يستخرجها أي أكب عليها ، وكذلك هو في كل شيء ، هو منحب في كذا ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية