الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4892 [ ص: 556 ] 81 - باب: قول الله -عز وجل - : قوا أنفسكم وأهليكم نارا [التحريم : 6 ]

                                                                                                                                                                                                                              5188 - حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب عن نافع ، عن عبد الله : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كلكم راع وكلكم مسئول ، فالإمام راع وهو مسئول ، والرجل راع على أهله وهو مسئول ، والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة ، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول ، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول " . [انظر : 893 - مسلم: 1829 - فتح: 9 \ 254 ] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - : "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " .

                                                                                                                                                                                                                              الحديث سلف في الصلاة والاستقراض والعتق وغير موضع ، وهو مفسر للآية المذكورة ; لأنه أخبر - عليه السلام - أن الرجل مسئول عن أهله ، وإذا كان كذلك فواجب عليه أن يعلمهم ما يقيهم من النار . وقال زيد بن أسلم : لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله ، هذا وقينا أنفسنا ، فكيف بأهلينا ؟ قال : "تأمرونهم بطاعة الله ، وتنهوهم عن معاصي الله " وروي ذلك عن علي .

                                                                                                                                                                                                                              والرعاية منها ما هو واجب ، ومنها ما هو مندوب كما نبه عليه سيدي عبد الله بن أبي جمرة ، فهي بمعنى الحفظ والأمانة ، ومنه قولهم : رعاك الله . أي : حفظك ، وراعي الغنم : أي : الحافظ لها والأمين .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 557 ] قال : وهل يتعدى لأكثر مما في الحديث أم لا ؟ إن فهمت العلة عديناه ، و [يكون ] الحديث من باب التنبيه (بالأقل على الأكثر ) ; إذ هي الأمانة والحفظ ، وقواعد الشريعة من هذا كثير ، والأهل في الحديث مبهم فيطلق على الزوجة ، كقول أسامة في حديث الإفك : أهلك يا رسول الله . والأهل (إنما ) تطلق على من تلزمه نفقته شرعا ; كقول نوح - صلى الله عليه وسلم - : إن ابني من أهلي [هود : 45 ] . وكقوله في قصة أيوب - صلى الله عليه وسلم - : ووهبنا له أهله [ص : 43 ] . وكان الزوجة وولده . وقال في الحديث : "والرجل راع في مال أبيه " ، ولم يذكر : الأب راع في مال ولده ; لأن الابن دخل في قوله : "أهله " . والأهل تطلق على العبيد . قال - صلى الله عليه وسلم - : "سلمان من أهل البيت " ، قال : وكان عبدا له ، أي : منتميا . إليه .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية