الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : ولا يحل بيعه لأنه نجس بالمجاورة ، فجاز بيعه كالثوب النجس .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهو كما قال ، لا يحل بيع ما نجس من الزيت ، والسمن ، والدبس ، وجميع ما لم تتميز نجاسته .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يجوز بيعه : لأنه نجس بالمجاورة ، فجاز بيعه ، كالثوب النجس .

                                                                                                                                            ودليلنا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإراقته ، ولو جاز بيعه لم يأمر بإضاعته ، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لعن الله اليهود : حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها ، وإن الله تعالى إذا حرم أكل شيء ، حرم ثمنه .

                                                                                                                                            وقوله : " جملوها " يعني أذابوها .

                                                                                                                                            ولأنه مائع ورد الشرع بإراقته ، فلم يجز بيعه ، كالخمر .

                                                                                                                                            ولأنه مائع نجس ، فلم يجز بيعه كولوغ الكلب ، وكاللبن والخل .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن قياسه على بيع الثوب فمن وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن عين الثوب طاهر ، ونجاسته مجاورة ، فتميز عنها وعين الزيت قد نجس : لامتزاج النجاسة به .

                                                                                                                                            وإنها لا تتميز عنه كما لم تتميز عن الخل ، واللبن .

                                                                                                                                            والثاني : أن أكثر منافع الزيت ، قد ذهبت بعد نجاسته : لأن مقصوده الأكل ، [ ص: 159 ] وأكثر منافع الثوب باقية بعد نجاسته : لبقاء أكثر منافعه ، ولم يجز بيع الزيت النجس ، لذهاب أكثر منافعه ، أولا ترى أن الميتة ، وإن جاز الانتفاع بها للمضطر لا يجوز بيعها : لذهاب أكثر منافعها ، ولو أذيب شحمها جاز الانتفاع به ، وإن لم يجز بيعه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية