الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          باب زكاة العروض جمع عرض أي : عروض التجارة ( والعرض ) بإسكان الراء ( ما يعد لبيع وشراء لأجل ربح ) ولو من نقد ، سمي عرضا لأنه يعرض ليباع ويشترى تسمية للمفعول بالمصدر ، كتسمية المعلوم علما ، أو لأنه يعرض ثم يزول ويفنى وجوب الزكاة في عروض التجارة قول عامة أهل العلم ، روي عن عمر وابنه وابن عباس . ودليله قوله تعالى : { وفي أموالهم حق معلوم } وقوله { خذ من أموالهم صدقة } ومال التجارة أعم الأموال ، فكان أولى بالدخول .

                                                                          واحتج أحمد بقول عمر لحماس - بكسر الحاء المهملة " أد زكاة مالك فقال : ما لي إلا جعاب وأدم ، [ ص: 435 ] فقال قومها ، وأد زكاتها " رواه أحمد وسعيد وأبو عبيد وابن أبي شيبة وغيرهم وهو مشهور ، ولأنها مال مرصد للنماء أشبه النقدين والمواشي ( وإنما تجب ) الزكاة ( في قيمة ) عروض تجارة ( بلغت نصابا ) من أحد النقدين لا في نفس العروض ; لأن النصاب معتبر بالقيمة فهي محل الوجوب .

                                                                          والقيمة إن لم توجد عينا فهي مقدرة شرعا ( لما ) أي : عرض ( ملك بفعل ) كبيع ونكاح وخلع ( ولو بلا عوض ) كاكتساب مباح وقبوله هبة ووصية ( أو ) كان العرض ( منفعة ) كمن يستأجر حانات وحوانيت ليربح فيها ( أو ) كان الملك ( استردادا ) لمبيع بخيار أو إقالة ( بنية تجارة ) عند الملك مع الاستصحاب إلى تمام الحول كالنصاب ; لأن التجارة عمل ، فدخل في " إنما الأعمال بالنيات " فإن دخلت في ملكه بغير فعله ، كإرث ومضى حول تعريف لفظة ، أو ملكها بفعله ، لا بنية تجارة ، ثم نواها لها . لم تصر لها ; لأن ما لا تتعلق به الزكاة من أصله لا يصير محلا لها بمجرد النية ، كالمعلوفة ينوي سومها ، ولأن الأصل في العروض القنية فلا تنتقل عنه بمجرد النية ، لضعفها ( أو استصحاب حكمها ) أي : بنية التجارة ( فيما تعوض عن عرضها ) أي : التجارة ولو بصلح عن قنها المقتول ، بأن لا ينوي قطع نية التجارة ، كأن تعوض عن عرضها شيئا بنية القنية ( ولا تجزي ) زكاة تجارة ( من العروض ) ولو بهيمة أنعام أو فلوسا نافقة ; لأن محل الوجوب القيمة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية