الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 168 ] فصل : شروط إباحة الميتة

                                                                                                                                            فإذا ثبت إباحة أكل الميتة للمضطر بإباحتها معتبرة بأربعة شروط :

                                                                                                                                            أحدها : أن ينتهي به الجوع إلى حد التلف ، ولا يقدر على مشي ولا نهوض ، فيصير غير متماسك الرمق إلا بها ، فيصير حينئذ من أهل الإباحة ، فإن تماسك رمقه أو جلس وأقام ولم يتماسك إن مشى ، وسار نظر : فإن كان في سفر يخاف فوت رفاقته حل له أكلها ، وإن لم يخف فوت رفاقته لم تحل له .

                                                                                                                                            والشرط الثاني : أن لا يجد مأكول الحشيش والشجر ما يمسك به رمقه ، فإن وجده لم تحل له الميتة ، ولو وجد من الحشيش ما يستضر بأكله حلت له الميتة .

                                                                                                                                            والشرط الثالث : أن لا يجد طعاما يشتريه ، فإن وجد ما يشتريه بثمن مثله لزمه شراؤه ، سواء وجد ثمنه أو لم يجد إذا أنظره البائع ثمنه بخلاف الماء الذي لا يلزمه أن يشتريه إذا كان عادما ، لأن إباحة التيمم معتبرة بالعدم ، وهو بإعواز الثمن عادم .

                                                                                                                                            وإباحة الميتة معتبرة بالضرورة ، وهو مع الإنظار بالثمن غير مضطر ، فإن بذل له الطعام بأكثر من ثمن المثل لم يلزمه أن يشتريه ، كالماء : لأن التماس الزيادة منتف .

                                                                                                                                            والشرط الرابع : أن لا يكون بما دعته الضرورة إلى الميتة عاصيا ، كمقامه على قطع الطريق ، وإخافته السبيل أو لبغيه على إمام عادل لقول الله تعالى : فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه [ المائدة : 3 ] ولأن إباحة أكل الميتة رخصة ، والعاصي لا يترخص في معصيته ، فإن تاب من المعصية حل له أكل الميتة ، وإن أقام عليها ولم يتب حرمت عليه ، وهو غير مضطر إلى الامتناع من التوبة .

                                                                                                                                            ولا فرق بين المسافر والمقيم ، وإن قصر السفر ، لأن الأغلب من أحواله العدم ، وإن حدث مثله في الأمصار والقرى حل فيها أكل الميتة كالسفر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية