الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      الأذان في السفر

                                                                                                      633 أخبرنا إبراهيم بن الحسن قال حدثنا حجاج عن ابن جريج عن عثمان بن السائب قال أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة نطلبهم فسمعناهم يؤذنون بالصلاة فقمنا نؤذن نستهزئ بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت فأرسل إلينا فأذنا رجل رجل وكنت آخرهم فقال حين أذنت تعال فأجلسني بين يديه فمسح على ناصيتي وبرك علي ثلاث مرات ثم قال اذهب فأذن عند البيت الحرام قلت كيف يا رسول الله فعلمني كما تؤذنون الآن بها الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح قال وعلمني الإقامة مرتين الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله قال ابن جريج أخبرني عثمان هذا الخبر كله عن أبيه وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة أنهما سمعا ذلك من أبي محذورة

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      633 ( فعلمني كما [ ص: 8 ] تؤذنون الآن بها ، الله أكبر الله أكبر إلخ ) قال ابن العربي : فائدة الأذان متعددة ، منها : الإعلام بالصلاة بذكر الله تعالى وتوحيده وتصديق رسوله وتجديد التوحيد ، فإنها ترجمة عظيمة من تراجم لا يؤلفها إلا الله ، وطرد الشيطان ، وقال القاضي عياض : اعلم أن الأذان كلمات جامعة لعقيدة الإيمان ، ومشتملة على نوعيه من العقليات والسمعيات ، فابتدأ بإثبات الذات بقوله : الله وما يستحقه من الكمال والتنزيه عن أضدادها المضمنة تحت قوله : الله أكبر ، فإن هذه اللفظة على قلة كلمها واختصار صيغتها مشعرة بما قلناه لمتأمله ، ثم صرح بإثبات الربانية والإلهية ونفي ضدها من الشركة المستحيلة في حقه ، وهذه هي عمدة الإيمان والتوحيد المقدمة على سائر وظائفه ، ثم صرح بإثبات النبوة والشهادة بالرسالة لنبينا عليه الصلاة والسلام ، ورسالته لهداية الخلق ودعائهم إلى الله - تعالى - ، وهي قاعدة عظيمة بعد الشهادة بالوحدانية ، وموضعها بعد التوحيد ؛ لأنها من باب الأفعال الجائزة الوقوع ، وتلك المقدمات من باب الواجبات ، وهنا كمل تراجم العقائد العقليات فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقه تعالى ، ثم دعا إلى ما دعاهم إليه من العبادات فصرح بالصلاة ورتبتها بعد إثبات النبوة ؛ إذ معرفة وجوبها من جهته عليه الصلاة والسلام لا من جهة العقل ، ثم دعا إلى الفلاح ، وهو الفوز والبقاء في التنعيم المقيم ، وفيه إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء ، وهي آخر تراجم العقائد الإسلامية ، ثم كرر ذلك عند [ ص: 9 ] إقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها ، وهو متضمن لتأكيد الإيمان ، وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان وليدخل المصلي فيها على بينة من أمره وبصيرة من إيمانه ، ويستشعر عظم ما دخل [ ص: 10 ] فيه وعظمة حق من يعبده وجزيل ثوابه على عبادته




                                                                                                      الخدمات العلمية