الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4914 [ ص: 70 ] 98 - باب: المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها، وكيف يقسم ذلك؟

                                                                                                                                                                                                                              5212 - حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا زهير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة بيومها ويوم سودة. [انظر: 2593 - مسلم: 1463 - فتح 9 \ 312].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم يومها ويوم سودة.

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث سلف في المظالم عنها في تفسير وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا [النساء: 128]، وكذا في التفسير، في سورة النساء .

                                                                                                                                                                                                                              ويريد بقوله: (وكيف يقسم ذلك) أن تكون فيه الموهوبة بمنزلة الواهبة في رتبة القسمة، فإن كان يوم سودة تاليا ليوم عائشة أو رابعا أو خامسا استحقته عائشة على حسب القسمة التي كانت لسودة، ولا تتأخر عن ذلك اليوم ولا تتقدم، ولا يكون تاليا ليوم عائشة إلا أن يكون يوم سودة بعد يوم عائشة. قال المهلب: وأجراه النبي - صلى الله عليه وسلم - مجرى الحقوق الواجبة; ولم يجره على أصل المسألة من الحكم مما جعل الله له من ذلك; لقوله تعالى: ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء [الأحزاب: 51] فأجراه مجرى الحقوق، وتفضلا منه - عليه السلام -; ليكون أبلغ في رضاهن كما قال تعالى: ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن [الأحزاب: 51] أي: لا يحزن اذا كان منزلا عليك من الله، ويرضين بما أعطيتهن من تقريب وإرجاء.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 71 ] وقال قتادة في قوله: ترجي من تشاء منهن الآية، قال: هذا شيء خص الله به نبيه، وليس لأحد غيره، كان يدع المرأة من نسائه ما بدا له بغير طلاق وإذا شاء راجعها.

                                                                                                                                                                                                                              قال غيره: وكان ممن آوى إليه عائشة وأم سلمة وزينب وحفصة، وكان قسمه من نفسه وماله فيهن سواء، وكان ممن أرجى: سودة وجويرية وصفية وأم حبيبة وميمونة، وكان يقسم لهن ما شاء.

                                                                                                                                                                                                                              واختلفوا في كم يقسم لكل واحدة من نسائه، فقال ابن القاسم: لم أسمع مالكا يقول إلا: يوما لهذه ويوما لهذه .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الشافعي: إن أراد أن يقسم ليلتين ليلتين، وثلاثا ثلاثا كان له ذلك، وأكره مجاوزة الثلاث من (العدد) . وهو الأصح من مذهبه .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن المنذر: ولا أرى مجاوزة يوم; إذ لا حجة مع من تخطى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غيرها ، ألا ترى قوله في الحديث أن سودة وهبت يومها لعائشة، ولم يحفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قسمته لأزواجه أكثر من يوم وليلة، ولو جاز ثلاثة لجاز خمسة وشهرا، ثم يتخطى بالقول إلى ما لا نهاية له، ولا يجوز معارضة السنة.

                                                                                                                                                                                                                              وكان مالك يقول: لا بأس أن يقيم الرجل عند أم ولده اليوم واليومين والثلاثة، ولا يقيم عند الحرة إلا يوما، من غير أن يكون

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 72 ] مضارا بها . وكذلك قال الشافعي: يأتي الإماء ما شاء أكثر مما يأتي الحرائر الأيام والليالي، فإذا صار إلى الحرائر عدل بينهن .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية