الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      100- وقال: (إلا من سفه نفسه) فزعم أهل التأويل أنه في معنى: "سفه نفسه" وقال يونس : "أراها لغة". ويجوز في هذا القول: "سفهت زيدا"، وهو يشبه "غبن رأيه" و"خسر نفسه" إلا أن هذا كثير، ولهذا معنى ليس لذاك. تقول: "غبن في رأيه" و"خسر في أهله" و"خسر في بيعه". وقد جاء لهذا نظير، قال: "ضرب عبد الله الظهر والبطن" ومعناه: على الظهر والبطن" كما قالوا: "دخلت البيت" وإنما هو "دخلت في البيت". وقوله: "توجه مكة والكوفة" وإنما هو: إلى مكة وإلى الكوفة. ومما يشبه هذا قول الشاعر: [رجل من قيس ]:


                                                                                                                                                                                                                      (135) نغالي اللحم للأضياف نيا ونبذله إذا نضج القدور

                                                                                                                                                                                                                      يريد: نغالي باللحم. ومثل هذا: (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) يقول: "لأولادكم" [و]: (ولا تعزموا عقدة النكاح) أي: على عقدة النكاح. وأحسن ذلك أن تقول: "إن سفه نفسه" جرت مجرى "سفه" إذ كان الفعل غير متعد، وإنما عداه إلى "نفسه" و"رأيه" وأشباه ذا

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 158 ] مما هو في المعنى نحو: "سفه" إذا لم يتعد. وأما "غبن" و"خسر" فقد يتعدى إلى غيره تقول: "غبن خمسين" و"خسر خمسين".

                                                                                                                                                                                                                      وقال: (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني) فهو - والله أعلم - "وقال يعقوب يا بني" لأنه حين قال: (ووصى بها) قد أخبر أنه قال لهم شيئا فأجرى الأخير على معنى الأول وإن شئت قلت: (ويعقوب) معطوف كأنك قلت: "ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب" ثم فسر ما قال يعقوب ، قال: "يا بني".

                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية