الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نزع

                                                          نزع : نزع الشيء ينزعه نزعا ، فهو منزوع ونزيع ، وانتزعه فانتزع : اقتلعه فاقتلع ، وفرق سيبويه بين نزع وانتزع فقال : انتزع استلب ، ونزع : حول الشيء عن موضعه وإن كان على نحو الاستلاب . وانتزع الرمح : اقتلعه ثم حمل . وانتزع الشيء : انقلع . ونزع الأمير العامل عن عمله : أزاله ، وهو على المثل لأنه إذا أزاله فقد اقتلعه وأزاله . وقولهم فلان في النزع أي في قلع الحياة . يقال : فلان ينزع نزعا إذا كان في السياق عند الموت ، وكذلك هو يسوق سوقا ، وقوله تعالى : والنازعات غرقا والناشطات نشطا ، قال الفراء : تنزع الأنفس من صدور الكفار كما يغرق النازع في القوس إذا جذب الوتر ، وقيل في التفسير : يعني به الملائكة تنزع روح الكافر وتنشطه فيشتد عليه أمر خروج روحه ، وقيل : النازعات غرقا القسي ، والناشطات نشطا الأوهاق ، وقيل : النازعات والناشطات النجوم تنزع من مكان إلى مكان وتنشط . والمنزعة ، بكسر الميم : خشبة عريضة نحو الملعقة تكون مع مشتار العسل ينزع بها النحل اللواصق بالشهد ، وتسمى المحبض . ونزع عن الصبي والأمر ينزع نزوعا : كف وانتهى ، وربما قالوا نزعا . ونازعتني نفسي إلى هواها نزاعا : غالبتني . ونزعتها أنا : غلبتها . ويقال للإنسان إذا هوي شيئا ونازعته نفسه إليه : هو ينزع إليه نزاعا . ونزع الدلو من البئر ينزعها نزعا ونزع بها ; كلاهما : جذبها بغير قامة وأخرجها ، أنشد ثعلب :


                                                          قد أنزع الدلو تقطى بالمرس توزغ من ملء كإيزاغ الفرس

                                                          تقطيها : خروجها قليلا قليلا بغير قامة ، وأصل النزع الجذب والقلع ، ومنه نزع الميت روحه . ونزع القوس إذا جذبها . وبئر نزوع ونزيع : قريبة القعر تنزع دلاؤها بالأيدي نزعا لقربها ، ونزوع هنا للمفعول مثل ركوب ، والجمع نزاع . وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : " رأيتني أنزع على قليب " ، معناه رأيتني في المنام أستقي بيدي من قليب ، يقال : نزع بيده إذا استقى بدلو علق فيها الرشاء . وجمل نزوع : ينزع عليه الماء من البئر وحده . والمنزعة : رأس البئر الذي ينزع عليه ، قال :


                                                          يا عين بكي عامرا يوم النهل     عند العشاء والرشاء والعمل

                                                          ، قام على منزعة زلج فزل وقال ابن الأعرابي : هي صخرة تكون على رأس البئر يقوم عليها الساقي ، والعقابان من جنبتيها تعضدانها ، وهي التي تسمى القبيلة . وفلان قريب المنزعة أي قريب الهمة . ابن السكيت : وانتزاع النية بعدها ، ومنه نزع الإنسان إلى أهله والبعير إلى وطنه ينزع نزاعا ونزوعا : حن واشتاق ، وهو نزوع ، والجمع نزع ، وناقة نازع إلى وطنها بغير هاء ، والجمع نوازع ، وهي النزائع ; واحدتها نزيعة . وجمل نازع ونزوع ونزيع ، قال جميل :

                                                          فقلت لهم : لا تعذلوني وانظروا إلى النازع المقصور كيف يكون ؟ وأنزع القوم فهم منزعون : نزعت إبلهم إلى أوطانها ، قال :

                                                          فقد أهافوا زعموا وأنزعوا أهافوا : عطشت إبلهم والنزيع والنازع : الغريب ، وهو أيضا البعيد . والنزيع : الذي أمه سبية ، قال المرار :


                                                          عقلت نساءهم فينا حديثا     ضنين المال ، والولد النزيعا

                                                          ونزاع القبائل : غرباؤهم الذين يجاورون قبائل ليسوا منهم ، الواحد نزيع ونازع . والنزائع والنزاع : الغرباء ، وفي الحديث : " طوبى للغرباء " ، قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : " النزاع من القبائل " ; هو الذي نزع عن أهله وعشيرته أي بعد وغاب ، وقيل : لأنه نزع إلى [ ص: 234 ] وطنه أي ينجذب ويميل ، والمراد الأول : أي طوبى للمهاجرين الذين هجروا أوطانهم في الله تعالى . ونزع إلى عرق كريم أو لؤم ، ينزع نزوعا ونزعت به أعراقه ونزعته ونزعها ونزع إليها ، قال : ونزع شبهه عرق ، وفي حديث القذف : إنما هو عرق نزعه . والنزيع : الشريف من القوم الذي نزع إلى عرق كريم ، وكذلك فرس نزيع . ونزع فلان إلى أبيه ينزع في الشبه أي ذهب إليه وأشبهه . وفي الحديث : " لقد نزعت بمثل ما في التوراة أي جئت بما يشبهها " . والنزائع من الخيل : التي نزعت إلى أعراق ; واحدتها نزيعة ، وقيل : النزائع من الإبل والخيل التي انتزعت من أيدي الغرباء ، وفي التهذيب : من أيدي قوم آخرين ، وجلبت إلى غير بلادها ، وقيل : هي المنتقذة من أيديهم ، وهي من النساء التي تزوج في غير عشيرتها فتنقل ، والواحدة من كل ذلك نزيعة . وفي حديث ظبيان : أن قبائل من الأزد نتجوا فيها النزائع أي الإبل الغرائب انتزعوها من أيدي الناس . وفي حديث عمر : قال لآل السائب : قد أضويتم فانكحوا في النزائع أي في النساء الغرائب من عشيرتكم . ويقال : هذه الأرض تنازع أرض كذا أي تتصل بها ، وقال ذو الرمة :


                                                          لقى بين أجماد وجرعاء نازعت     حبالا ، بهن الجازئات الأوابد

                                                          والمنزعة : القوس الفجواء . ونزع في القوس ينزع نزعا : مد بالوتر ، وقيل : جذب الوتر بالسهم . والنزعة : الرماة ; واحدهم نازع . وفي مثل : عاد السهم إلى النزعة أي رجع الحق إلى أهله وقام بإصلاح الأمر أهل الأناة ، وهو جمع نازع . وفي التهذيب : وفي المثل عاد الرمي على النزعة ، يضرب مثلا للذي يحيق به مكره . وفي حديث عمر : لن تخور قوى ما دام صاحبها ينزع وينزو أي يجذب قوسه ويثب على فرسه . وانتزع للصيد سهما : رماه به ، واسم السهم المنزع ، ومنه قول أبي ذؤيب :


                                                          فرمى لينفذ فرها     فهوى له سهم ، فأنفذ

                                                          طرتيه المنزع فرها جمع فاره ، قال ابن بري : أنشد الجوهري عجز هذا البيت : ورمى فأنفذ ; والصواب ما ذكرناه . والمنزع أيضا : السهم الذي يرمى به أبعد ما يقدر عليه لتقدر به الغلوة ، قال الأعشى :


                                                          فهو كالمنزع المريش من الشو     حط ، غالت به يمين المغالي

                                                          وقال أبو حنيفة : المنزع حديدة لا سنخ لها إنما هي أدنى حديدة لا خير فيها ، تؤخذ وتدخل في الرعظ . وانتزع بالآية والشعر : تمثل . ويقال للرجل إذا استنبط معنى آية من كتاب الله - عز وجل - : قد انتزع معنى جيدا ، ونزعه مثله أي استخرجه . ومنازعة الكأس : معاطاتها . قال الله - عز وجل - : يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم ، أي يتعاطون والأصل فيه يتجاذبون . ويقال : نازعني فلان بنانه أي صافحني . والمنازعة : المصافحة ، قال الراعي :


                                                          ينازعننا رخص البنان ، كأنما     ينازعننا هداب ريط معضد

                                                          والمنازعة : المجاذبة في الأعيان والمعاني ، ومنه الحديث : " أنا فرطكم على الحوض ، فلألفين ما نوزعت في أحدكم فأقول هذا مني " أي يجذب ويؤخذ مني . والنزاعة والنزاعة والمنزعة والمنزعة : الخصومة . والمنازعة في الخصومة : مجاذبة الحجج فيما يتنازع فيه الخصمان . وقد نازعه منازعة ونزاعا : جاذبه في الخصومة ، قال ابن مقبل :


                                                          نازعت ألبابها لبي بمقتصر

                                                          من الأحاديث ، حتى زدنني لينا أي نازع لبي ألبابهن . قال سيبويه : ولا يقال في العاقبة فنزعته استغنوا عنه بغلبته . والتنازع : التخاصم . وتنازع القوم : اختصموا . وبينهم نزاعة أي خصومة في حق . وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى يوما فلما سلم من صلاته قال : " ما لي أنازع القرآن " ، أي أجاذب في قراءته ; وذلك أن بعض المأمومين جهر خلفه فنازعه قراءته فشغله ، فنهاه عن الجهر بالقراءة في الصلاة خلفه . والمنزعة والمنزعة : ما يرجع إليه الرجل من أمره ورأيه وتدبيره . قال الأصمعي : يقولون والله لتعلمن أينا أضعف منزعة ، بكسر الميم ، ومنزعة ، بفتحها ، أي رأيا وتدبيرا ; حكى ذلك ابن السكيت في مفعلة ومفعلة ، وقيل : المنزعة قوة عزم الرأي والهمة ، ويقال للرجل الجيد الرأي : إنه لجيد المنزعة . ونزعت الخيل تنزع : جرت طلقا ، وأنشد :


                                                          والخيل تنزع قبا في أعنتها     كالطير تنجو من الشؤبوب

                                                          ذي البرد ونزع المريض ينزع نزعا ونازع نزاعا : جاد بنفسه . ومنزعة الشراب : طيب مقطعه ، يقال : شراب طيب المنزعة أي طيب مقطع الشرب . وقيل في قوله تعالى : ختامه مسك ، إنهم إذا شربوا الرحيق ففني ما في الكأس وانقطع الشرب انختم ذلك بريح المسك . والنزع : انحسار مقدم شعر الرأس عن جانبي الجبهة ، وموضعه النزعة ، وقد نزع ينزع نزعا ، وهو أنزع بين النزع ، والاسم النزعة ، وامرأة نزعاء ، وقيل : لا يقال امرأة نزعاء ، ولكن يقال زعراء . والنزعتان : ما ينحسر عن الشعر من أعلى الجبينين حتى يصعد في الرأس . والنزعاء من الجباه التي أقبلت ناصيتها وارتفع أعلى شعر صدغها . وفي حديث القرشي : أسرني رجل أنزع . وفي صفة علي - رضي الله عنه - : البطين الأنزع . والعرب تحب النزع وتتيمن بالأنزع وتذم الغمم وتتشاءم بالأغم ، وتزعم أن الأغم القفا والجبين لا يكون إلا لئيما ، ومنه قول هدبة بن خشرم :

                                                          ولا تنكحي ، إن فرق الدهر بيننا ، أغم القفا والوجه ليس بأنزعا وأنزع الرجل إذا ظهرت نزعتاه . ونزعه بنزيعة : نخسه ; عن كراع . وغنم نزع ونزع : حرامى تطلب الفحل ، وبها نزاع ، وشاة نازع . والنزائع من الرياح : هي النكب ; سميت نزائع لاختلاف مهابها . والنزعة : بقلة كالخضرة ، وثمام منزع : شدد للكثرة . قال أبو حنيفة : النزعة تكون بالروض وليس لها زهرة ولا ثمر ، تأكلها الإبل إذا لم تجد غيرها ، فإذا أكلتها امتنعت ألبانها خبثا . ورأيت في التهذيب : النزعة نبت معروف . ورأيت فلانا متنزعا إلى كذا أي متسرعا نازعا إليه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية