الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              231- صفوان بن سليم

              ومنهم المجتهد الوفي ، المتعبد السخي ، صفوان بن سليم الزهري ، كان ذا جهد واغتناء ، وورد واعتناء .

              وقيل : إن التصوف بذل الغنا لحفظ الوفا ، وحمل الضنا لترك الجفا .

              حدثنا مخلد بن جعفر ، ثنا جعفر بن محمد الفريابي ، ثنا أبو أمية ، ثنا يعقوب بن محمد ، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، قال : عادلني صفوان بن سليم إلى مكة ، [ ص: 159 ] فما وضع جنبه في المحمل حتى رجع .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا جعفر بن محمد الفريابي ، ثنا أبو أمية ، ثنا يعقوب بن محمد ، ثنا سليمان بن سالم ، قال : كان صفوان بن سليم في الصيف يصلي في البيت ، وإذا كان في الشتاء صلى في السطح لئلا ينام .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ، ثنا علي بن الحسين الهجائي ، ثنا إسحاق بن محمد الفروي ، ثنا مالك بن أنس ، قال : كان صفوان يصلي في الشتاء في السطح ، وفي الصيف في بطن البيت ، يتيقظ بالحر والبرد حتى يصبح ، ثم يقول : هذا الجهد من صفوان وأنت أعلم ، وإنه لترم رجلاه حتى تعود مثل السفط من قيام الليل ويظهر فيها عروق خضر .

              حدثنا الحسين بن علي الوراق ، ثنا عبيد الله بن محمد بن عبد العزيز بن يزيد الآدمي ، ثنا أبو ضمرة أنس بن عياض ، قال : رأيت صفوان بن سليم ، ولو قيل له غدا القيامة ، ما كان عنده مزيد على ما هو عليه من العبادة .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أحمد بن أيوب المقري ، ثنا أبو بكر بن صدقة ، ثنا أحمد بن يحيى الصوفي ، ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل ، قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول - وأعانه على بعض الحديث أخوه محمد - قال : آلى صفوان بن سليم أن لا يضع جنبه إلى الأرض حتى يلقى الله عز وجل ، فلما حضره الموت وهو منتصب ، قالت له ابنته : يا أبت أنت في هذه الحالة لو ألقيت نفسك ، قال : يا بنية إذا ما وفيت له بالقول .

              أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه ، ثنا أحمد بن محمد بن عاصم ، ثنا أبو مصعب ، قال : قال لي ابن أبي حازم : دخلت أنا وأبي نسأل عنه -يعني صفوان بن سليم - وهو في مصلاه فما زال به أبي حتى رده إلى فراشه ، فأخبرتني مولاته أن ساعة خرجتم مات .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، حدثني محمد بن عبد الوهاب ، حدثني الحسين بن الوليد ، قال : قال مالك بن أنس : كان صفوان بن سليم يصلي في قميص لئلا ينام .

              حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ، ثنا محمد بن إسحاق السراج ، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : قال لي علي بن عبد الله [ ص: 160 ] المديني : كان صفوان !! وذكر عنه عبادة وفضلا .

              حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الأمدحي ، ثنا سعيد بن محمد البغدادي ، ثنا محمد بن يزيد الآدمي ، ثنا أبو ضمرة أنس بن عياض ، قال : انصرف صفوان يوم فطر أو أضحى إلى منزله ومعه صديق له ، فقرب إليه خبزا وزيتا فجاء سائل فوقف على الباب فقام إليه فأعطاه دينارا .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثنا أبو بكر بن راشد ، حدثنا محمد بن عبادة ، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري ، ثنا أبو مروان مولى بني تميم ، قال : انصرفت مع صفوان بن سليم في العيد إلى منزله فجاء بخبز يابس ، وقال أبو يوسف : بخبز وملح ، فجاء سائل فوقف على الباب وسأل ، فقام صفوان إلى كوة في البيت وأخذ منها شيئا ثم خرج إليه فأعطاه ، فاتبعت السائل لأنظر ما أعطاه وإذا هو يقول : أعطاه أفضل ما أعطى أحدا من خلقه ، وذكر دعاء مخلصا ، فقلت : ما أعطاك . قال : أعطاني دينارا .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية ، ثنا أبو معمر القطيعي ، ثنا ابن عيينة ، قال : حج صفوان بن سليم ومعه سبعة دنانير فاشترى بها بدنة ، فقيل له : ليس معك إلا سبعة دنانير تشتري بها بدنة ، قال : إني سمعت الله عز وجل يقول : لكم فيها خير .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية