الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فصل وإن قتل واحد اثنين فأكثر واحدا بعد واحد أو دفعة واحدة ) فاتفق أولياؤهم على قتله قتل لهم ; لأن الحق لهم كما لو قتل عبد عبيدا خطأ فرضوا بأخذه ، ولأنهم رضوا ببعض حقهم كما لو رضي صاحب اليد الصحيحة بالشلاء ( ولا شيء لهم سواه ) أي سوى القتل ; لأنهم رضوا بقتله فلم يكن لهم سواه ، وإن طلب أحدهم القصاص والباقون الدية فلهم ذلك ( وإن تشاحوا فيمن يقتله منهم على الكمال أقيد للأول إن كان قتلهم واحدا بعد واحد ) لأن حقه أسبق ، ولأن المحل صار مستحقا له بالقتل ( وللباقين ) بعد الأول ( دية قتلاهم ) لأن القتل إذا فات تعينت الدية ( كما لو بادر غير ولي الأول واقتص ) بجنايته فللباقين الدية ( فإن كان ولي الأول غائبا أو صغيرا أو مجنونا انتظر ) قدومه أو بلوغه أو عقله لأن الحق له ( وإن قتلهم دفعة واحدة وتشاحوا أقرع بينهم ) فيقتل من خرجت له القرعة وللباقين الدية .

                                                                                                                      ( وإن بادر غير من وقعت له القرعة فقتله ) فقد ( استوفى حقه وسقط حق الباقين إلى الدية ) لفوات القتل بالنسبة إليهم ( وإن قتلهم متفرقا ) واحدا بعد واحد ( وأشكل الأول وادعى كل واحد ) من الأولياء ( الأولية ولا بينة ) لواحد منهم ( فأقر القاتل لأحدهم قدم ) المقر له بالأولية ( بإقراره ) أي القاتل على نفسه ( وإلا ) أي وإن لم يقر القاتل بالأولية لأحدهم ( أقرع ) كما لو قتلهم معا .

                                                                                                                      ( فإن عفا ولي الأول عن القود قدم ولي المقتول الأول بعده ) لأن الأول إنما قدم عليه بسبقه ، وقد سقط حقه لرضاه بالدية ( فإن لم تكن أولية بعده ) أي العافي ( أو جهلت ) الأولية بعده ( فبقرعة ) لأنه لا مرجح غيرها ( وإن عفا أولياء الجميع إلى الديات فلهم ذلك ) لأنهم رضوا ببعض حقهم ، ولا تتداخل حقوقهم ، لأنها حقوق مقصودة لآدمي فلا تتداخل كالديون .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية