الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نشا

                                                          نشا : النشا مقصور : نسيم الريح الطيبة ، وقد نشي منه ريحا طيبة نشوة ونشوة أي شممت ، عن اللحياني قال أبو خراش الهذلي :


                                                          ونشيت ريح الموت من تلقائهم وخشيت وقع مهند قرضاب



                                                          قال ابن بري : قال أبو عبيدة في المجاز في آخر سورة " ن " والقلم : إن البيت لقيس بن جعدة الخزاعي . واستنشى وتنشى وانتشى . وأنشى الضب الرجل : وجد نشوته ، وهو طيب النشوة والنشوة والنشية ، الأخيرة عن ابن الأعرابي أي الرائحة ، وقد تكون النشوة في غير الريح الطيبة . والنشا مقصور : شيء يعمل به الفالوذج ، فارسي معرب ، يقال له النشاستج ، حذف شطره تخفيفا ، كما قالوا للمنازل منا ، سمي بذلك لخموم رائحته . ونشي الرجل من الشراب نشوا ونشوة ونشوة ونشوة الكسر عن اللحياني ، وتنشى وانتشى كله : سكر فهو نشوان ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          إني نشيت فما أسطيع من فلت     حتى أشقق أثوابي وأبرادي



                                                          ورجل نشوان ونشيان على المعاقبة ، والأنثى نشوى ، وجمعها نشاوى كسكارى ، قال زهير :


                                                          وقد أغدو على ثبة كرام     نشاوى واجدين لما نشاء



                                                          واستبانت نشوته ، وزعم يونس أنه سمع نشوته . وقال شمر : يقال من الريح نشوة ، ومن السكر نشوة . وفي حديث شرب الخمر : إن انتشى لم تقبل له صلاة أربعين يوما . الانتشاء : أول السكر ومقدماته ، وقيل : هو السكر نفسه ، ورجل نشوان بين النشوة . وفي الحديث : إذا استنشيت واستنثرت . أي استنشقت بالماء في الوضوء من قولك نشيت الرائحة إذا شممتها . أبو زيد : نشيت منه أنشى نشوة وهي الريح تجدها ، واستنشيت نشاريح طيبة أي نسيمها ، قال ذو الرمة :


                                                          وأدرك المتبقى من ثميلته     ومن ثمائلها واستنشي الغرب



                                                          وقال الشاعر :


                                                          وتنشى نشا المسك في فارة     وريح الخزامى على الأجرع



                                                          قال ابن بري : قال علي بن حمزة يقال للرائحة نشوة ونشاة ونشا ، وأنشد :


                                                          بآية ما إن النقا طيب النشا إذا     ما اعتراه آخر الليل طارقه


                                                          قال أبو زيد : النشا حدة الرائحة طيبة كانت أو خبيثة ، فمن الطيب قول الشاعر :


                                                          بآية ما إن النقا طيب النشا



                                                          ومن النتن النشا سمي بذلك لنتنه في حال عمله ، قال : وهذا يدل على أن النشا عربي ، وليس كما ذكره الجوهري ، قال : ويدلك على أن النشا ليس هو النشاستج ، كما زعم أبو عبيد ( القاسم بن سلام ) في باب ضروب الألوان من كتاب الغريب المصنف ، الأرجوان : الحمرة ويقال الأرجوان النشاستج ، وكذلك ذكره الجوهري في فصل رجا ، فقال : والأرجوان صبغ أحمر شديد الحمرة ، قال أبو عبيد : وهو الذي يقال له النشاستج ، قال : والبهرمان دونه ، قال ابن بري : فثبت بهذا أن النشاستج غير النشا . والنشوة : الخبر أول ما يرد . ورجل نشيان بين النشوة : يتخبر الأخبار أول ورودها ، وهذا على الشذوذ إنما حكمه نشوان ، ولكنه من باب جبوت المال جباية . الكسائي : رجل نشيان للخبر ونشوان ، وهو الكلام المعتمد . ونشيت الخبر إذا تخبرت ونظرت من أين جاء . ويقال : من أين نشيت هذا الخبر أي من أين علمته ، الأصمعي : انظر لنا الخبر واستنش واستوش ، أي تعرفه . ورجل نشيان للخبر بين النشوة بالكسر ، وإنما قالوه بالياء للفرق بينه وبين النشوان ، وأصل الياء في نشيت واو قلبت ياء للكسرة . قال شمر : ورجل نشيان للخبر ونشوان من السكر ، وأصلهما الواو ففرقوا بينهما . الجوهري : ورجل نشوان أي سكران بين النشوة بالفتح . قال : وزعم يونس أنه سمع فيه نشوة بالكسر . وقول سنان بن الفحل :


                                                          وقالوا قد جننت فقلت كلا     وربي ما جننت ولا انتشيت



                                                          يريد : ولا بكيت من سكر ، وقوله :


                                                          من النشوات والنشإ الحسان



                                                          أراد جمع النشوة . وفي الحديث : أنه دخل على خديجة خطبها ، ودخل عليها مستنشية من مولدات قريش ، وقد روي بالهمز وقد تقدم . والمستنشية : الكاهنة . سميت بذلك ; لأنها كانت تستنشي الأخبار أي تبحث عنها ، من قولك رجل نشيان للخبر . يعقوب : الذئب يستنشئ الريح بالهمز ، قال : وإنما هو من نشيت غير مهموز . ونشوت في بني فلان : ربيت ، نادر ، وهو محول من نشأت ، وبعكسه هو يستنشئ الريح ، حولوها إلى الهمزة . وحكى قطرب : نشا ينشو لغة في نشأ ينشأ ، وليس عنده على التحويل . والنشاة : الشجرة اليابسة ، إما أن يكون على التحويل وإما أن يكون على ما حكاه قطرب ، قال الهذلي :


                                                          تدلى عليه من بشام وأيكة     نشاة فروع مرثعن الذوائب



                                                          والجمع نشا . والنشو : اسم للجمع ، أنشد :


                                                          كأن على أكتافهم نشو غرقد     وقد جاوزوا نيان كالنبط الغلف



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية