الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب العمل في جامع الصلاة

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد صلاة العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          400 400 [ ص: 574 ] 23 - باب العمل في جامع الصلاة

                                                                                                          - ( مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين ) وفي حديث عائشة : " كان لا يدع أربعا قبل الظهر " رواه البخاري وغيره .

                                                                                                          وقال الداودي : هو محمول على أن كل واحد وصف ما رأى ، ويحتمل أن ينسى ابن عمر ركعتين من الأربع ، قال الحافظ : هذا الاحتمال بعيد والأولى أن يحمل على حالين ، فتارة كان يصلي ثنتين وتارة يصلي أربعا ، وقيل : يحمل على أنه كان في المسجد يقتصر على ركعتين وفي بيته أربعا ، أو يصلي في بيته ركعتين ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين ، فرأى ابن عمر ما في المسجد دون ما في بيته واطلعت عائشة على الأمرين ، ويقوي الأول ما رواه أحمد وأبو داود في حديث عائشة : " كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعا ثم يخرج " قال ابن جرير : الأربع كانت في كثير من أحواله والركعتان في قليلها ( وبعدها ركعتين ) ، وللترمذي وصححه مرفوعا : " من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار " ولم يذكر الصلاة قبل العصر .

                                                                                                          وللترمذي والنسائي عن علي : " كان يصلي قبل العصر أربعا " ولأحمد وأبي داود والترمذي وصححه ابن حبان عن أبي هريرة رفعه : " رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا " ( وبعد المغرب ركعتين ) وقوله : ( في بيته ) لم يقله يحيى والقعنبي سوى هنا ، ففيه أن نوافل الليل في البيت أفضل من المسجد بخلاف رواتب النهار ، وحكي ذلك عن مالك والثوري ، وفي الاستدلال به نظر ، والظاهر أنه لم يقع عن عمد ، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يتشاغل بالناس في النهار غالبا وبالليل يكون في بيته كذا في الفتح .

                                                                                                          ( وبعد صلاة العشاء ركعتين ) زاد ابن وهب وجماعة في بيته ( وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف ) من المسجد إلى بيته ( فيركع ركعتين ) زاد ابن بكير في بيته ، ولم يذكر ابن وهب وجماعة انصرافه من الجمعة قاله أبو عمر .

                                                                                                          قال الحافظ : وحكمة ذلك أنه كان يبادر إلى الجمعة ثم ينصرف إلى القائلة بخلاف الظهر كان يبرد بها فكان يقيل قبلها .

                                                                                                          وقال ابن بطال : إنما ذكر ابن عمر الجمعة بعد الظهر لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي سنة الجمعة في بيته بخلاف [ ص: 575 ] الظهر ، قال : والحكمة فيه أن الجمعة لما كانت بدل الظهر واقتصر فيها على ركعتين ترك التنفل بعدها في المسجد خشية أن يظن أنها التي حذفت . انتهى .

                                                                                                          وعلى هذا فلا يتنفل قبلها ركعتين متصلتين بها في المسجد لهذا المعنى .

                                                                                                          ولأبي داود وابن حبان من رواية أيوب عن نافع قال : كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين في بيته ، ويحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ، واحتج به النووي في الخلاصة على إثبات سنة الجمعة التي قبلها وتعقب بأن قوله كان يفعل ذلك عائد على قوله ويصلي بعدها لرواية الليث عن نافع : كان عبد الله إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته ثم قال : كان صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك ، أخرجه مسلم .

                                                                                                          وأما قوله : كان يطيل الصلاة قبل الجمعة فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعا ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إذا زالت الشمس ليشتغل بالخطبة ثم بصلاة الجمعة ، فإن كان المراد قبل دخول الوقت فذلك مطلق نافلة لا صلاة راتبة فلا حجة فيه لسنة الجمعة قبلها بل هو تنفل مطلق ، ورد الترغيب فيه كما تقدم في حديث سليمان وغيره حيث قال فيه : ثم صلى ما كتب له .

                                                                                                          وورد في سنة الجمعة التي قبلها أحاديث ضعيفة كحديث أبي هريرة : " كان يصلي قبل الجمعة ركعتين وبعدها أربعا " رواه البزار وفي إسناده ضعف .

                                                                                                          وعن علي عند الأثرم والطبراني في الأوسط : " كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا " وفيه محمد بن عبد الرحمن السهمي ضعفه البخاري وغيره ، وقال الأثرم : إنه حديث واه .

                                                                                                          وروى ابن ماجه بإسناد واه عن ابن عباس مثله وزاد : ولا يفصل في شيء منهن ، قال النووي في الخلاصة : حديث باطل ، وعن ابن مسعود مثله عند الطبراني وفيه ضعف وانقطاع .

                                                                                                          ورواه عبد الرزاق عنه موقوفا وهو الصواب انتهى ببعض اختصار .

                                                                                                          والحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به ، ورواه مسلم وغيره .




                                                                                                          الخدمات العلمية