الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نصر

                                                          نصر : النصر : إعانة المظلوم ، نصره على عدوه ينصره ونصره ينصره نصرا ، ورجل ناصر من قوم نصار ، ونصر مثل صاحب وصحب وأنصار ، قال :


                                                          والله سمى نصرك الأنصارا آثرك الله به إيثارا



                                                          وفي الحديث : انصر أخاك ظالما أو مظلوما . وتفسيره أن يمنعه من الظلم إن وجده ظالما ، وإن كان مظلوما أعانه على ظالمه ، والاسم النصرة ، ابن سيده : وقول خداش بن زهير :

                                                          [ ص: 270 ]

                                                          فإن كنت تشكو من خليل مخانة     فتلك الحواري عقها ونصورها



                                                          يجوز أن يكون نصور جمع ناصر كشاهد وشهود وأن يكون مصدرا كالخروج والدخول ، وقول أمية الهذلي :


                                                          أولئك آبائي وهم لي ناصر     وهم لك إن صانعت ذا معقل



                                                          أراد جمع ناصر كقوله - عز وجل - : نحن جميع منتصر والنصير : الناصر ، قال الله تعالى : نعم المولى ونعم النصير والجمع أنصار مثل شريف وأشراف . والأنصار : أنصار النبي - صلى الله عليه وسلم - غلبت عليهم الصفة فجرى مجرى الأسماء وصار كأنه اسم الحي ، ولذلك أضيف إليه بلفظ الجمع فقيل أنصاري . وقالوا : رجل نصر وقوم نصر ، فوصفوا بالمصدر كرجل عدل وقوم عدل ، عن ابن الأعرابي . والنصرة : حسن المعونة . قال الله - عز وجل - : من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة المعنى من ظن من الكفار أن الله لا يظهر محمدا على من خالفه فليختنق غيظا حتى يموت كمدا ، فإن الله - عز وجل - يظهره ولا ينفعه غيظه وموته حنقا ، فالهاء في قوله أن لن ينصره للنبي محمد صلى الله عليه وسلم . وانتصر الرجل إذا امتنع من ظالمه . قال الأزهري : يكون الانتصار من الظالم الانتصاف والانتقام وانتصر منه انتقم . قال الله تعالى مخبرا عن نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام ودعائه إياه بأن ينصره على قومه : فانتصر ففتحنا ، كأنه قال لربه : انتقم منهم كما قال : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا والانتصار : الانتقام . وفي التنزيل العزيز : ولمن انتصر بعد ظلمه وقوله - عز وجل - : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون قال ابن سيده : إن قال قائل : أهم محمودون على انتصارهم أم لا ؟ قيل : من لم يسرف ولم يجاوز ما أمر الله به فهو محمود . والاستنصار : استمداد النصر . واستنصره على عدوه أي سأله أن ينصره عليه . والتنصر : معالجة النصر ، وليس من باب تحلم وتنور . والتناصر : التعاون على النصر . وتناصروا : نصر بعضهم بعضا . وفي الحديث : كل المسلم عن مسلم محرم أخوان نصيران . أي هما أخوان يتناصران ويتعاضدان . والنصير فعيل بمعنى فاعل أو مفعول لأن كل واحد من المتناصرين ناصر ومنصور . وقد نصره ينصره نصرا إذا أعانه على عدوه وشد منه ، ومنه حديث الضيف المحروم : فإن نصره حق على كل مسلم حتى يأخذ بقرى ليلته ، قيل : يشبه أن يكون هذا في المضطر الذي لا يجد ما يأكل ويخاف على نفسه التلف ، فله أن يأكل من مال أخيه المسلم بقدر حاجته الضرورية وعليه الضمان . وتناصرت الأخبار : صدق بعضها بعضا . والنواصر : مجاري الماء إلى الأودية واحدها ناصر ، والناصر : أعظم من التلعة يكون ميلا ونحوه ثم تمج النواصر في التلاع . أبو خيرة : النواصر من الشعاب ما جاء من مكان بعيد إلى الوادي فنصر سيل الوادي الواحد ناصر . والنواصر : مسايل المياه واحدتها ناصرة سميت ناصرة ; لأنها تجيء من مكان بعيد حتى تقع في مجتمع الماء حيث انتهت لأن كل مسيل يضيع ماؤه فلا يقع في مجتمع الماء فهو ظالم لمائه . وقال أبو حنيفة : الناصر والناصرة ما جاء من مكان بعيد إلى الوادي فنصر السيول . ونصر البلاد ينصرها : أتاها عن ابن الأعرابي . ونصرت أرض بني فلان أي أتيتها قال الراعي يخاطب خيلا :


                                                          إذا دخل الشهر الحرام فودعي     بلاد تميم وانصري أرض عامر



                                                          ونصر الغيث الأرض نصرا : غاثها وسقاها وأنبتها قال :

                                                          من كان أخطاه الربيع ، فإنما     نصر الحجاز بغيث عبد الواحد



                                                          ونصر الغيث البلد إذا أعانه على الخصب والنبات . ابن الأعرابي : النصرة المطرة التامة ، وأرض منصورة ومضبوطة . وقال أبو عبيد : نصرت البلاد إذا مطرت فهي منصورة أي ممطورة . ونصر القوم إذا غيثوا . وفي الحديث : إن هذه السحابة تنصر أرض بني كعب أي تمطرهم . والنصر : العطاء ، قال رؤبة :


                                                          إني وأسطار سطرن سطرا     لقائل يا نصر نصرا نصرا



                                                          ونصره ينصره نصرا : أعطاه . والنصائر : العطايا . والمستنصر : السائل . ووقف أعرابي على قوم فقال : انصروني نصركم الله ، أي أعطوني أعطاكم الله . ونصرى ونصرى وناصرة ونصورية : قرية بالشام ، والنصارى منسوبون إليها ، قال ابن سيده : هذا قول أهل اللغة قال : وهو ضعيف إلا أن نادر النسب يسعه ، قال : وأما سيبويه فقال : أما نصارى فذهب الخليل إلى أنه جمع نصري ونصران كما قالوا ندمان وندامى ولكنهم حذفوا إحدى الياءين كما حذفوا من أثفية وأبدلوا مكانها ألفا كما قالوا صحارى ، قال : وأما الذي نوجهه نحن عليه فإنه جاء على نصران ; لأنه قد تكلم به فكأنك جمعت نصرا كما جمعت مسمعا ، والأشعث وقلت نصارى كما قلت ندامى فهذا أقيس والأول مذهب ، وإنما كان أقيس لأنا لم نسمعهم قالوا نصري . قال أبو إسحاق : واحد النصارى في أحد القولين نصران كما ترى مثل ندمان وندامى والأنثى نصرانة مثل ندمانة ، وأنشد لأبي الأخزر الحماني يصف ناقتين طأطأتا رؤوسهما من الإعياء فشبه رأس الناقة من تطأطئها برأس النصرانية إذا طأطأته في صلاتها :


                                                          فكلتاهما خرت وأسجد رأسها     كما أسجدت نصرانة لم تحنف



                                                          فنصرانة تأنيث نصران ولكن لم يستعمل نصران إلا بياءي النسب ; لأنهم قالوا : رجل نصراني وامرأة نصرانية ، قال ابن بري : قوله إن النصارى جمع نصران ونصرانة إنما يريد بذلك الأصل دون الاستعمال وإنما المستعمل في الكلام نصراني ونصرانية بياءي النسب وإنما جاء نصرانة في البيت على جهة الضرورة غيره : ويجوز أن يكون واحد النصارى نصريا مثل بعير مهري وإبل مهارى ، وأسجد : لغة في سجد . وقال الليث : زعموا أنهم نسبوا إلى قرية بالشام اسمها نصرونة . التهذيب : وقد جاء أنصار في جمع النصران قال :

                                                          لما رأيت نبطا أنصارا

                                                          بمعنى النصارى . الجوهري : ونصران قرية بالشأم ينسب إليها [ ص: 271 ] النصارى ويقال : ناصرة . والتنصر : الدخول في النصرانية ، وفي المحكم : الدخول في دين النصري . ونصره : جعله نصرانيا . وفي الحديث : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه اللذان يهودانه وينصرانه . اللذان رفع بالابتداء ; لأنه أضمر في يكون ، كذلك رواه سيبويه وأنشد :


                                                          إذا ما المرء كان أبوه عبس     فحسبك ما تريد إلى الكلام



                                                          أي كان هو . والأنصر : الأقلف ، وهو من ذلك لأن النصارى قلف . وفي الحديث : لا يؤمنكم أنصر أي أقلف ، كذا فسر في الحديث . ونصر : صنم وقد نفى سيبويه هذا البناء في الأسماء . وبختنصر : معروف ، وهو الذي كان خرب بيت المقدس ، عمره الله تعالى . قال الأصمعي : إنما هو بوختنصر فأعرب ، وبوخت ابن ونصر صنم ، وكان وجد عند الصنم ولم يعرف له أب فقيل : هو ابن الصنم . ونصر ونصير وناصر ومنصور : أسماء . وبنو ناصر وبنو نصر : بطنان . ونصر : أبو قبيلة من بني أسد وهو نصر بن قعين قال أوس ابن حجر يخاطب رجلا من بني لبينى بن سعد الأسدي وكان قد هجاه :


                                                          عددت رجالا من قعين تفجسا     فما ابن لبينى والتفجس والفخر
                                                          شأتك قعين غثها وسمينا     وأنت السه السفلى إذا دعيت نصر



                                                          التفجس : التعظم والتكبر . وشأتك : سبقتك . والسه : لغة في الاست .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية