الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 273 ] نصف

                                                          نصف : النصف : أحد شقي الشيء . ابن سيده : النصف والنصف . بالضم ، والنصيف والنصف الأخيرة عن ابن جني : أحد جزأي الكمال وقرأ زيد بن ثابت : فلها النصف . وفي الحديث : الصبر نصف الإيمان قال ابن الأثير : أراد بالصبر الورع لأن العبادة قسمان : نسك وورع ، فالنسك ما أمرت به الشريعة والورع ما نهت عنه ، وإنما ينتهى عنه بالصبر فكان الصبر نصف الإيمان ، والجمع أنصاف . ونصف الشيء ينصفه نصفا وانتصفه وتنصفه ونصفه : أخذ نصفه . والمنصف من الشراب : الذي يطبخ حتى يذهب نصفه . ونصف القدح ينصفه نصفا : شرب نصفه . ونصف الشيء الشيء ينصفه : بلغ نصفه . ونصف النهار ينصف وينصف وانتصف وأنصف : بلغ نصفه ، وقيل : كل ما بلغ نصفه في ذاته فقد أنصف وكل ما بلغ نصفه في غيره فقد نصف ، وقال المسيب بن علس يصف غائصا في البحر على درة :


                                                          نصف النهار الماء غامره ورفيقه بالغيب لا يدري



                                                          أراد انتصف النهار والماء غامره فانتصف النهار ولم يخرج من الماء ، فحذف واو الحال ، ونصفت الشيء إذا بلغت نصفه ، تقول : نصفت القرآن أي بلغت النصف ، ونصف عمره ونصف الشيب رأسه . ويقال : قد نصف الإزار ساقه ينصفها إذا بلغ نصفها ، وأنشد لأبي جندب الهذلي :


                                                          وكنت إذا جاري دعا لمضوفة     أشمر حتى ينصف الساق مئزري



                                                          وقال ابن ميادة يمدح رجلا :


                                                          ترى سيفه لا ينصف الساق نعله     أجل لا وإن كانت طوالا محامله



                                                          اليزيدي : ونصف الماء البئر والحب والكوز وهو ينصفه نصفا ونصوفا ، وقد أنصف الماء الحب إنصافا وكذلك الكوز إذا بلغ نصفه ، فإن كنت أنت فعلت به قلت : أنصفت الماء الحب والكوز إنصافا ، وتقول : أنصف الشيب رأسه ونصف تنصيفا وإذا بلغت نصف السن قلت : قد أنصفته ونصفته إنصافا وتنصيفا وأنصفته من نفسي . وإناء نصفان بالفتح : بلغ الكيل أو الماء نصفه ، وجمجمة نصفى ولا يقال ذلك في غير النصف من الأجزاء أعني أنه لا يقال ثلثان ولا ربعان ولا غير ذلك من الصفات التي تقتضي هذه الأجزاء ، وهذا مروي عن ابن الأعرابي . ونصف البسر : رطب نصفه ، هذه عن أبي حنيفة . ومنصف القوس والوتر : موضع النصف منهما . ومنصف الشيء : وسطه . والمنصف من الطريق ومن النهار ومن كل شيء : وسطه . والمنصف : نصف الطريق . وفي الحديث : حتى إذا كان بالمنصف أي الموضع الوسط بين الموضعين : ومنتصف الليل والنهار : وسطه . وانتصف النهار ونصف فهو ينصف . ويقال : أنصف النهار أيضا أي انتصف وكذلك نصف قال الفرزدق :


                                                          وإن نبهتهن الولائد بعدما     تصعد يوم الصيف أو كاد ينصف



                                                          قال العجاج :


                                                          حتى إذا الليل التمام نصفا



                                                          وكل شيء بلغ نصف غيره فقد نصفه ، وكل شيء بلغ نصف نفسه فقد أنصف . ابن السكيت : نصف النهار إذا انتصف وأنصف النهار إذا انتصف . ونصفت الشيء : إذا أخذت نصفه . وتنصيف الشيء : جعله نصفين . وناصفته المال : قاسمته على النصف . والنصف : الكهل كأنه بلغ نصف عمره . وقوم أنصاف ونصفون والأنثى نصف ونصفة ، كذلك أيضا : كأن نصف عمرها ذهب ، وقد بين ذلك الشاعر في قوله :


                                                          لا تنكحن عجوزا أو مطلقة     ولا يسوقنها في حبلك القدر
                                                          وإن أتوك فقالوا إنها نصف     فإن أطيب نصفيها الذي غبرا



                                                          أنشده ابن الأعرابي . ابن شميل : إن فلانة لعلى نصفها أي نصف شبابها وأنشد :


                                                          إن غلاما غره جرشبية     على نفسها من نفسه لضعيف



                                                          الجرشبية : العجوز الكبيرة الهرمة وقيل : النصف بالتحريك المرأة بين الحدثة والمسنة ، وتصغيرها نصيف بلا هاء لأنها صفة وفي قصيدة كعب :


                                                          شد النهار ذراعي عيطل نصف



                                                          النصف بالتحريك : التي بين الشابة والكهلة وقيل : النصف من النساء التي قد بلغت خمسا وأربعين ونحوها ، وقيل : التي قد بلغت خمسين والقياس الأول ; لأنه يجره اشتقاق وهذا لا اشتقاق له ، والجمع أنصاف ونصف ونصف الأخيرة عن سيبويه وقد يكون النصف للجمع كالواحد ، وقد نصف . والنصيف : مكيال . وقد نصفهم : أخذ منهم النصف ينصفهم نصفا ، كما يقال عشرهم يعشرهم عشرا . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق ما في الأرض جميعا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه . قال أبو عبيد : العرب تسمي النصف النصيف كما يقولون في العشر : العشير وفي الثمن : الثمين ، وأنشد لسلمة بن الأكوع :


                                                          لم يغذها مد ولا نصيف     ولا تميرات ولا تعجيف
                                                          لكن غذاها اللبن الخريف     المحض والقارص والصريف



                                                          والنصيف : الخمار ، وقد نصفت المرأة رأسها بالخمار . وانتصفت الجارية وتنصفت أي اختمرت ، ونصفتها أنا تنصيفا ، ومنه الحديث في صفة الحور العين : ولنصيف إحداهن على رأسها خير من الدنيا وما فيها وهو الخمار ، وقيل المعجر ومنه قول النابغة يصف امرأة :


                                                          سقط النصيف ولم ترد إسقاطه     فتناولته واتقتنا باليد



                                                          قال أبو سعيد : النصيف ثوب تتجلل به المرأة فوق ثيابها كلها ، سمي نصيفا ; لأنه نصف بين الناس وبينها فحجز أبصارهم عنها ، قال : والدليل على صحة ما قاله قول النابغة : سقط النصيف لأن [ ص: 274 ] النصيف إذا جعل خمارا فسقط فليس لسترها وجهها مع كشفها شعرها معنى ، وقيل : نصيف المرأة معجرها . والنصف والنصفة والإنصاف : إعطاء الحق ، وقد انتصف منه ، وأنصف الرجل صاحبه إنصافا ، وقد أعطاه النصفة . ابن الأعرابي : أنصف إذا أخذ الحق وأعطى الحق . والنصفة : اسم الإنصاف وتفسيره أن تعطيه من نفسك النصف أي تعطيه من الحق كالذي تستحق لنفسك . ويقال : انتصفت من فلان أخذت حقي كملا حتى صرت أنا وهو على النصف سواء . وتنصفت السلطان أي سألته أن ينصفني . والنصف : الإنصاف ، قال الفرزدق :


                                                          ولكن نصفا لو سببت وسبني     بنو عبد شمس من مناف وهاشم



                                                          وأنصف الرجل أي عدل . ويقال : أنصفه من نفسه وانتصفت أنا منه وتناصفوا أي أنصف بعضهم بعضا من نفسه ، وفي حديث عمر مع زنباع بن روح :


                                                          متى ألق زنباع بن روح ببلدة     لي النصف منها يقرع السن من ندم



                                                          النصف بالكسر : الانتصاف ، وقد أنصفه من خصمه ينصفه إنصافا ونصفه ينصفه وينصفه نصفا ونصافة ونصافا ونصافا وأنصفه وتنصفه كله : خدمه . الجوهري : تنصف أي خدم ، قالت الحرقة بنت النعمان بن المنذر :


                                                          فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا     إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
                                                          فأف لدنيا لا يدوم نعيمها     تقلب تارات بنا وتصرف



                                                          ويقال : تنصفته بمعنى خدمته وعبدته ، وأنشد ابن بري :


                                                          فإن الإله تنصفته     بأن لا أعق وأن لا أحوبا



                                                          قال : وعليه بيت الحرقة بنت النعمان بن المنذر :


                                                          إذا نحن فيهم سوقة نتنصف



                                                          ونصف القوم أيضا : خدمهم ، قال لبيد :


                                                          لها غلل من زازقي وكرسف     بأيمان عجم ينصفون المقاولا



                                                          قوله لها أي لظروف الخمر . والناصف والمنصف بكسر الميم : الخادم . ويقال للخادم : منصف ومنصف ، والنصيف : الخادم . وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أنه ذكر داود - عليه السلام - فقال : دخل المحراب وأقعد منصفا على الباب ، يعني خادما ، والجمع مناصف ، قال ابن الأثير : المنصف بكسر الميم الخادم ، وقد تفتح الميم . وفي حديث ابن سلام رضي الله عنه : فجاءني منصف فرفع ثيابي من خلفي . ويقال : نصفت الرجل فأنا أنصفه وأنصفه نصافة ونصافة أي خدمته . والنصفة : الخدام ، واحدهم ناصف ، وفي الصحاح : والنصف الخدام . وتنصفه : طلب معروفه ، قال :


                                                          فإن الإله تنصفته     بأن لا أخون وأن لا أخانا



                                                          وقيل : تنصفته أطعته وانقدت له ، وقول ابن هرمة :


                                                          من ذا رسول ناصح فمبلغ     عني علية غير قيل الكاذب
                                                          أني غرضت إلى تناصف وجهها     غرض المحب إلى الحبيب الغائب



                                                          أي اشتقت وقيل : معناه خدمة وجهها بالنظر إليه ، وقيل : إلى محاسنه التي تقسمت الحسن فتناصفته أي أنصف بعضها بعضا فاستوت فيه ، وقال ابن الأعرابي : تناصف وجهها محاسنها أنها كلها حسنة ينصف بعضها بعضا ، يريد أن أعضاءها متساوية في الجمال والحسن فكأن بعضها أنصف بعضا فتناصف ، وقال الجوهري : يعني استواء المحاسن كأن بعض أعضاء الوجه أنصف بعضا في أخذ القسط من الجمال ، ورجل متناصف : متساوي المحاسن ، وأنصف إذا خدم سيده . وأنصف إذا سار بنصف النهار . والمناصف : أودية صغار ، والنواصف : صخور في مناصف أسناد الوادي ونحو ذلك من المسايل ، وفي حديث ابن الصبغاء :


                                                          بين القران السوء والنواصف



                                                          جمع ناصفة وهي الصخرة . قال ابن الأثير : ويروى التراصف . والنواصف : مجاري الماء في الوادي ، واحدتها ناصفة وأنشد :


                                                          خلايا سفين بالنواصف من دد



                                                          والناصفة من الأرض : رحبة بها شجر لا تكون ناصفة إلا ولها شجر . والناصفة : الأرض التي تنبت الثمام وغيره . وقال أبو حنيفة : الناصفة موضع منبات يتسع من الوادي ، قال الأعشى :


                                                          كخذول ترعى النواصف من تث     ليث قفرا خلا لها الأسلاق



                                                          والناصفة : مجرى الماء ، والجمع النواصف وقيل : النواصف أماكن بين الغلظ واللين ، وأنشد قول طرفة :


                                                          كأن حدوج المالكية غدوة     خلايا سفين بالنواصف من دد



                                                          وقيل : النواصف رحاب من الأرض . وناصفة : موضع ، قال :


                                                          بناصفة الجوين أو بمحجر



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية