الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نضر

                                                          نضر : النضرة : النعمة والعيش والغنى ، وقيل : الحسن والرونق وقد نضر الشجر والورق والوجه واللون ، وكل شيء ينضر نضرا ونضرة ونضارة ونضورا ، ونضر ونضر ، فهو ناضر ونضير ونضر أي حسن ، والأنثى نضرة ، وأنضر : كنضر ، ونضره الله ونضره وأنضره ونضر الله وجهه ينضره نضرة أي حسن ، ونضر وجهه يتعدى ولا يتعدى ، ويقال : نضر ، بالضم نضارة ، وفيه لغة ثالثة نضر بالكسر ; حكاها أبو عبيد ، ويقال : نضر الله وجهه بالتشديد وأنضر الله وجهه بمعنى ، وإذا قلت : نضر الله امرأ يعني نعمه ، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من يسمعها ; نضره ونضره وأنضره أي نعمه ، يروى بالتخفيف والتشديد من النضارة ، وهي في الأصل حسن الوجه والبريق ، وإنما أراد حسن خلقه وقدره ; قال شمر : الرواة يروون هذا الحديث بالتخفيف والتشديد ، وفسره أبو عبيدة فقال : جعله الله ناضرا ; قال : وروي عن الأصمعي فيه التشديد : نضر الله وجهه ; وأنشد :


                                                          : نضر الله أعظما دفنوها بسجستان طلحة الطلحات



                                                          وأنشد شمر في لغة من رواه بالتخفيف قول جرير :


                                                          والوجه لا حسنا ولا منضورا



                                                          ومنضور لا يكون إلا من نضره ، بالتخفيف ، قال شمر : وسمعت ابن [ ص: 282 ] الأعرابي يقول : نضره الله فنضر ينضر ونضر ينضر ، وقال ابن الأعرابي : نضر وجهه ونضر وجهه ونضر وأنضر وأنضره الله بالتخفيف ونضره بالتخفيف أيضا ، أبو داود عن النضر : نضر الله امرأ وأنضر الله امرأ فعل كذا ونضر الله امرأ ; قال الحسن المؤدب : ليس هذا من الحسن في الوجه إنما معناه حسن الله وجهه في خلقه أي جاهه وقدره ، قال : وهو مثل قوله : اطلبوا الحوائج إلى حسان الوجوه . يعني به ذوي الوجوه في الناس وذوي الأقدار ، أبو الهزيل : نضر الله وجهه ونضر وجه الرجل سواء ، وفي الحديث : يا معشر محارب نضركم الله لا تسقوني حلب امرأة ; قال : كان حلب النساء عندهم عيبا يتعايرون عليه ، وقال الفراء في قوله - عز وجل - : وجوه يومئذ ناضرة قال : مشرقة بالنعيم ، قال وقوله : تعرف في وجوههم نضرة النعيم قال : بريقه ونداه ، والنضرة نعيم الوجه ، وقال الزجاج في قوله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال ; نضرت بنعيم الجنة والنظر إلى ربها - عز وجل - وأنضر النبت : نضر ورقه ، وغلام نضير : ناعم ، والأنثى نضيرة ، ويقال : غلام غض نضير وجارية غضة نضيرة وقد أنضر الشجر إذا اخضر ورقه ، وربما صار النضر نعتا ، يقال : شيء نضر ونضير وناضر ، والناضر : الأخضر الشديد الخضرة ، يقال : أخضر ناضر كما يقال : أبيض ناصع وأصفر فاقع ، وقد يبالغ بالناضر في كل لون ، يقال : أحمر ناضر وأصفر ناضر ; روي ذلك عن ابن الأعرابي وحكاه في نوادره ، أبو عبيد : أخضر ناضر معناه ناعم ، ابن الأعرابي : الناضر في جميع الألوان ; قال أبو منصور : كأنه يجيز أبيض ناضر وأحمر ناضر ومعناه الناعم الذي له بريق في صفائه ، والنضير والنضار والأنضر : اسم الذهب والفضة ، وقد غلب على الذهب وهو النضر ; عن ابن جني ; وقال الأعشى :


                                                          : إذا جردت يوما حسبت خميصة     عليها وجريال النضير الدلامصا



                                                          وجمعه نضار وأنضر ; قال أبو كبير الهذلي :


                                                          وبياض وجه لم تحل أسراره     مثل الوذيلة أو كشنف الأنضر



                                                          التهذيب : النضر الذهب وجمعه أنضر ; قال الشاعر :


                                                          كناحلة من زينها حلي أنضر     بغير ندى من لا يبالي اعتطالها



                                                          وأنشد الجوهري للكميت :


                                                          ترى السابح الخنذيذ منها كأنما     جرى بين ليتيه إلى الخد أنضر



                                                          والنضرة : السبيكة من الذهب ، وذهب نضار : صار هاهنا نعتا ، ونضارة كل شيء : خالصه ، والنضار : الخالص من كل شيء ; قالت الخرنق بنت هفان :


                                                          لا يبعدن قومي الذين هم     سم العداة وآفة الجزر
                                                          الخالطين نحيتهم بنضارهم     وذوي الغنى منهم بذي الفقر



                                                          ويروى هذا البيت لحاتم الطائي في قصيدة له مشهورة أولها :


                                                          إن كنت كارهة لعيشتنا     هاتا فحلي في بني بدر



                                                          والنضر : أبو قريش ، وهو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ، ابن سيده : النضر بن كنانة أبو قريش خاصة من لم يلده النضر فليس من قريش ، النضار : الأثل وقيل : هو ما كان عذيا على غير ماء ، وقيل : هو الطويل منه المستقيم الغصون ، وقيل : هو ما نبت منه في الجبل وهو أفضله ; قال رؤبة :


                                                          فرع نما منه نضار الأثل     طيب أعراق الثرى في الأصل



                                                          قال أبو حنيفة : النضار والنضار لغتان ، والأول أعرف قال : وهو أجود الخشب للآنية ; لأنه يعمل منه ما رق من الأقداح واتسع وما غلظ ولا يحتمله من الخشب غيره ، قال : ومنبر سيدنا رسول الله نضار ، وقدح نضار : اتخذ من نضار الخشب ، وقيل : هو يتخذ من أثل ورسي اللون ، يضاف ولا يضاف يكون بالغور ، وفي حديث إبراهيم النخعي : لا بأس أن يشرب في قدح النضار ; قال شمر : قال بعضهم معنى النضار هذه الأقداح الحمر الجيشانية سميت نضارا ، ابن الأعرابي : النضار النبع ، والنضار شجر الأثل ، والنضار الخالص من كل شيء ، وقال يحيى بن نجيم : كل شجر أثل ينبت في جبل فهو نضار ; وقال الأعشى :


                                                          : تراموا به غربا أو نضارا



                                                          والغرب والنضار : ضربان من الشجر تعمل منهما الأقداح ، وقال مؤرج : النضار من الخلاف يدفن خشبه حتى ينضر ثم يعمل فيكون أمكن لعامله في ترقيقه ; وقال ذو الرمة :


                                                          نقح جسمي عن نضار العود     بعد اضطراب العنق الأملود



                                                          قال : نضاره حسن عوده ; وأنشد :


                                                          القوم نبع ونضار وعشر



                                                          وزعم أن النضار تتخذ منه الآنية التي يشرب فيها ; قال : وهي أجود العيدان التي تتخذ منها الأقداح ، قال الليث : النضار الخالص من جوهر التبر والخشب ، وجمعه أنضر ، وفي حديث عاصم الأحول : رأيت قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أنس وهو قدح عريض من نضار أي من خشب نضار وهو خشب معروف ، وقيل هو الأثل الورسي اللون ، وقيل : النبع ، وقيل الخلاف ، وقيل أقداح النضار حمر من خشب أحمر ، شمر فيما روى عنه الإيادي : امرأة الرجل يقال لها هي الحدادة وهي النضر بالضاد ، قال : وهي شاعته أي امرأته ، والناضر : الطحلب ، وبنو النضير : حي من يهود خيبر من آل هارون أو موسى عليهما السلام ، وقد دخلوا في العرب ، والنضرة والنضيرة : اسم امرأة ; قال حسان :


                                                          حي النضيرة ربة الخدر     أسرت إليك ولم تكن تسري



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية