الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فصل ) في فروع متعلقة بالسرقة من حيث بيان حقيقتها بذكر ضدها وبالسارق من جهة ما يمنع قطعه وما لا يمنعه ، والحرز من حيث كونه يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ( يقطع مؤجر الحرز ) بسرقته منه مال المستأجر لانتفاء شبهته بانتقال المنافع التي من جملتها الإحراز للمكتري ; إذ الفرض صحة الإجارة ، وبه فارق عدم حده بوطء أمته المزوجة لدوام قيام الشبهة في المحل ، وشمل كلامه ما لو ثبت له الخيار في فسخ الإجارة بإفلاس المستأجر ، وفهم من التعليل أن محل ذلك فيما يستحق إحرازه به وإلا كأن استعمله فيما نهي عنه أو في أضر مما استأجر له لم يقطع ، ويقطع بسرقته منه في مدة الإجارة وبعد انقضاء أمدها كما يصرح به تشبيه ابن الرفعة له بقطع المعير ، وتنظير الأذرعي فيه يحمل على ما لو علم المستأجر بانقضائها واستعمله تعديا ( وكذا ) ( معيره ) يقطع بسرقته من حرزه المعار لغيره ما للمستعير [ ص: 456 ] وضعه فيه لما مر وإن دخل بنية الرجوع وإنما يجوز له الدخول إذا رجع ، ومثله ما لو أعار عبدا لحفظ مال أو رعي غنم ثم سرق مما يحفظه عنده ، فلو أعار قميصا فلبسه فطر المعير الجيب وأخذ المال قطع .

                                                                                                                            قال الأذرعي : ونقب الجدار كطر الجيب فيما يظهر ( في الأصح ) لانتفاء الشبهة ، وأيضا لاستحقاقه منفعته وإن جاز للمعير الرجوع ، ومن ثم لو رجع وعلم المستعير برجوعه فاستعمله أو امتنع من الرد تعديا لم يقطع نظير ما مر بعد مدة الإجارة ; لأنه صار غاصبا .

                                                                                                                            والثاني لا يقطع ; لأن له الرجوع عن العارية متى شاء .

                                                                                                                            والثالث إن دخل بقصد الرجوع عن العارية لم يقطع أو بقصد السرقة قطع .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في فروع متعلقة بالسرقة

                                                                                                                            ( قوله : يختلف باختلاف الأحوال ) كما لو أخرج من بيت دار إلى صحنها حيث يفرق فيه بين كون البابين مفتوحين أو مغلقين أو غير ذلك على ما يأتي

                                                                                                                            ( قوله : يقطع مؤجر الحرز ) أي إجارة صحيحة كما يفيده قوله : إذ الفرض صحة إلخ ، وبه شرح ع ومفهومه أن الإجارة الفاسدة لا يقطع فيها المؤجر .

                                                                                                                            لا يقال : الإجارة الفاسدة تتضمن الإذن في الانتفاع ، فالقياس أن المؤجر حينئذ كالمعير ; لأنا نقول : لما فسدت الإجارة فسد الإذن الذي تضمنته ، ومن ثم يحرم على المستأجر إجارة فاسدة استعمال العين المؤجرة حيث علم بالفساد

                                                                                                                            ( قوله : لانتفاء شبهته بانتقال المنافع ) أفهم أنه لو فسخ ثم سرق لم يقطع وإن لم يعلم المستأجر بالفسخ ، وسنذكر ما يدل على خلافه

                                                                                                                            ( قوله : واستعمله تعديا ) أي بأن وضع فيه متاعا بعد العلم بانقضاء الإجارة أو امتنع من التخلية بعد طلبها ، بخلاف ما لو [ ص: 456 ] استدام وضع الأمتعة ، ولم يوجد من المالك طلب التخلية ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقياس القطع بالأخذ بعد انقضاء مدة الإجارة أنه لو فسخ المؤجر لإفلاس المستأجر ثم سرق قبل علم المستأجر بالفسخ القطع ، وكذا بعد علمه وقبل طلب التخلية فليراجع

                                                                                                                            ( قوله : وإن دخل ) غاية لقوله يقطع ( قوله : وإنما يجوز له الدخول إلخ ) صريح في أنه قبل الرجوع لا يجوز له الدخول ، وسبقه إلى هذا التعبير في شرح الروض ، وقال فيه سم على حج : وقوله : وإنما يجوز إلخ صريح في حرمة الدخول قبل الرجوع ، وهو مشكل لبقاء العين ومنفعتها على ملكه وعدم ملك المستعير المنفعة ، وإنما يملك أن ينتفع ، نعم إن كان على المستعير ضرر بدخوله اتجه توقف جواز الدخول على الرجوع ، ثم بحثت مع م ر في ذلك فأخذ بإطلاق شرح الروض ما لم يعلم رضا المستعير فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                            [ فرع ] قال في شرح البهجة ولو اشترى حرزا وسرق منه قبل قبضه مال البائع ، فإن لم يكن أدى ثمنه قطع ; لأن للبائع حق الحبس حينئذ وإلا فلا ، وقضية التعليل أنه لو كان الثمن مؤجلا لم يقطع وهو ظاهر ا هـ سم على منهج

                                                                                                                            ( قوله : إذا رجع ) أي وعلم المستعير برجوعه كما يأتي وإلا فلا قطع

                                                                                                                            ( قوله : ومثله ) أي في القطع

                                                                                                                            ( قوله : فلو أعار ) كان الأولى ولو إلخ

                                                                                                                            ( قوله : فطر المعير ) أي قطعه ( قوله : وأخذ المال قطع ) قال ع : بلا خلاف ا هـ .

                                                                                                                            أقول : ولعل وجهه أن في طر الجيب هتكا للحرز فلم ينظر مع ذلك إلى تمكنه من الرجوع ( قوله : وأيضا لاستحقاقه ) اقتصر حج على هذه العلة وهو ظاهر ; لأن ما مر في المؤجر هو انتفاء شبهته بانتقال المنافع إلخ ، والمنافع هنا باقية على ملك المعير

                                                                                                                            ( قوله : لاستحقاقه منفعته ) فيه شيء ا هـ سم على حج ووجهه أنه إنما يستحق الانتفاع به دون المنفعة

                                                                                                                            ( قوله : أو امتنع من الرد ) يؤخذ منه أن الكلام في العارية الصحيحة

                                                                                                                            ( قوله : لم يقطع ) أي المعير .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( فصل ) في فروع متعلقة بالسرقة ( قوله : وإلا كأن استعمله فيما نهي عنه أو في أضر مما استؤجر له لم يقطع ) الظاهر أن مثله في عدم القطع الأجنبي فليراجع ( قوله : واستعمله تعديا ) قال ابن قاسم : كأنه إشارة إلى ما لو أحدث سفلا جديدا بأن أحدث [ ص: 456 ] وضع أمتعة ، بخلاف ما إذا استصحب ما كان ففي هذه إشارة إلى جواز بقاء الأمتعة بعد المدة . ا هـ .

                                                                                                                            ومحله إن لم يطلب المالك التفريغ كما نبه عليه هو في قولة أخرى ( قوله : إذا رجع ) أي باللفظ كما نبه عليه ابن قاسم ( قوله : نظير ما مر ) هذا إنما مر نظيره في الأولى في حمل تنظير الأذرعي في مسألة الإجارة فعلم رجوع المعير نظير علم [ ص: 457 ] انقضاء المدة ، وأما الثانية فانظر أين مر نظيرها




                                                                                                                            الخدمات العلمية