الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نعر

                                                          نعر : النعرة والنعرة : الخيشوم ومنها ينعر الناعر . والنعرة : صوت في الخيشوم ، قال الراجز :


                                                          إني ورب الكعبة المستوره والنعرات من أبي محذوره



                                                          يعني أذانه . ونعر الرجل ينعر وينعر نعيرا ونعارا : صاح وصوت بخيشومه وهو من الصوت . قال الأزهري : أما قول الليث في النعير إنه صوت في الخيشوم وقوله النعرة الخيشوم ، فما سمعته لأحد من الأئمة ، قال : وما أرى الليث حفظه . والنعير : الصياح . والنعير : الصراخ في حرب أو شر . وامرأة نعارة : صخابة فاحشة ، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر . ويقال : غيرى نعرى للمرأة ، قال الأزهري : نعرى لا يجوز أن يكون تأنيث نعران ، وهو الصخاب لأن فعلان وفعلى يجيئان في باب فعل يفعل ولا يجيئان في باب فعل يفعل . قال شمر : الناعر على وجهين : الناعر المصوت والناعر العرق الذي يسيل دما . ونعر عرقه ينعر نعورا ونعيرا فهو نعار ونعور : صوت لخروج الدم ، قال العجاج :


                                                          وبج كل عاند نعور قضب     الطبيب نائط المصفور



                                                          وهذا الرجز نسبه الجوهري لرؤبة قال ابن بري : وهو لأبيه العجاج ، ومعنى بج شق يعني أن الثور طعن الكلب فشق جلده . والعاند : العرق الذي لا يرقأ دمه . وقوله قضب الطبيب أي قطع الطبيب ، النائط وهو العرق . والمصفور : الذي به الصفار وهو الماء الأصفر . [ ص: 297 ] والناعور : عرق لا يرقأ دمه . ونعر الجرح بالدم ينعر إذا فار . وجرح نعار : لا يرقأ . وجرح نعور : يصوت من شدة خروج دمه منه . ونعر العرق ينعر بالفتح فيهما نعرا أي فار منه الدم قال الشاعر :


                                                          صرت نظرة لو صادقت جوز دارع     غدا والعواصي من دم الجوف تنعر



                                                          وقال جندل بن المثنى :


                                                          رأيت نيران الحروب تسعر     منهم إذا ما لبس السنور
                                                          ضرب دراك وطعان ينعر



                                                          ويروى ينعر أي واسع الجراحات يفور منه الدم . وضرب دراك أي متتابع لا فتور فيه . والسنور : الدروع ويقال : إنه اسم لجميع السلاح ، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أعوذ بالله من شر عرق نعار ، من ذلك . ونعر الجرح ينعر : ارتفع دمه . ونعر العرق بالدم وهو عرق نعار بالدم : ارتفع دمه . قال الأزهري : قرأت في كتاب أبي عمر الزاهد منسوبا إلى ابن الأعرابي أنه قال : جرح تعار بالعين والتاء وتغار بالغين والتاء ونعار بالعين والنون بمعنى واحد وهو الذي لا يرقأ ، فجعلها كلها لغات وصححها . والنعرة : ذباب أزرق يدخل في أنوف الحمير والخيل والجمع نعر . قال سيبويه : نعر من الجمع الذي لا يفارق واحده إلا بالهاء ، قال ابن سيده : وأراه سمع العرب تقول هو النعر ، فحمله ذلك على أن تأول نعرا في الجمع الذي ذكرنا وإلا فقد كان توجيهه على التكسير أوسع . ونعر الفرس والحمار ينعر نعرا فهو نعر : دخلت النعرة في أنفه قال امرؤ القيس :


                                                          فظل يرنح في غيطل     كما يستدير الحمار النعر



                                                          أي فظل الكلب لما طعنه الثور بقرنه يستدير لألم الطعنة كما يستدير الحمار الذي دخلت النعرة في أنفه . والغيطل : الشجر الواحدة غيطلة . قال الجوهري : النعرة مثال الهمزة ذباب ضخم أزرق العين أخضر له إبرة في طرف ذنبه يلسع بها ذوات الحافر خاصة ، وربما دخل في أنف الحمار فيركب رأسه ولا يرده شيء ، تقول منه : نعر الحمار بالكسر ينعر نعرا فهو حمار نعر وأتان نعرة ورجل نعر : لا يستقر في مكان وهو منه . وقال الأحمر : النعرة ذبابة تسقط على الدواب فتؤذيها ، قال ابن مقبل :


                                                          ترى النعرات الخضر حول لبانه     أحاد ومثنى أصعقتها صواهله



                                                          أي قتلها صهيله . ونعر في البلاد أي ذهب . وقولهم : إن في رأسه نعرة أي كبرا . وقال الأموي : إن في رأسه نعرة بالفتح أي أمرا يهم به . ويقال : لأطيرن نعرتك أي كبرك وجهلك من رأسك ، والأصل فيه أن الحمار إذا نعر ركب رأسه ، فيقال لكل من ركب رأسه : فيه نعرة . وفي حديث عمر رضي الله عنه : لا أقلع عنه حتى أطير نعرته ، وروي : حتى أنزع النعرة التي في أنفه ، قال ابن الأثير : هو الذباب الأزرق ووصفه وقال : ويتولع بالبعير ويدخل في أنفه فيركب رأسه ، سميت بذلك لنعيرها وهو صوتها ، قال : ثم استعيرت للنخوة والأنفة والكبر أي حتى أزيل نخوته وأخرج جهله من رأسه ، أخرجه الهروي من حديث عمر رضي الله عنه ، وجعله الزمخشري حديثا مرفوعا ، ومنه حديث أبي الدرداء رضي الله عنه : إذا رأيت نعرة الناس ولا تستطيع أن تغيرها فدعها حتى يكون الله يغيرها أي كبرهم وجهلهم ، والنعرة والنعر : ما أجنت حمر الوحش في أرحامها قبل أن يتم خلقه ، شبه بالذباب وقيل : إذا استحالت المضغة في الرحم فهي نعرة ، وقيل : النعر أولاد الحوامل إذا صوتت ، وما حملت الناقة نعرة قط أي ما حملت ولدا ، وجاء بها العجاج في غير الجحد فقال :


                                                          والشدنيات يساقطن النعر



                                                          يريد الأجنة شبهها بذلك الذباب . وما حملت المرأة نعرة قط أي ملقوحا ، هذا قول أبي عبيد ، والملقوح إنما هو لغير الإنسان . ويقال للمرأة ولكل أنثى : ما حملت نعرة قط ، بالفتح ، أي ما حملت ملقوحا أي ولدا ، والنعر : ريح تأخذ في الأنف فتهزه . والنعور من الرياح : ما فاجأك ببرد وأنت في حر أو بحر وأنت في برد ، عن أبي علي في التذكرة . ونعرت الريح إذا هبت مع صوت ، ورياح نواعر ، وقد نعرت نعارا . النعرة من النوء إذا اشتد به هبوب الريح ، ومنه قوله :


                                                          عمل الأنامل ساقط أرواقه     متزحر نعرت به الجوزاء



                                                          والناعورة : الدولاب . والناعور : جناح الرحى . والناعور : دلو يستقى بها . والناعور : واحد النواعير التي يستقى بها يديرها الماء ولها صوت . والنعرة : الخيلاء . وفي رأسه نعرة ونعرة أي أمر يهم به . ونية نعور : بعيدة ، قال :


                                                          وكنت إذا لم يصرني الهوى     ولا حبها كان همي نعورا



                                                          وفلان نعير الهم أي بعيده . وهمة نعور : بعيدة . والنعور من الحاجات : البعيدة . ويقال : سفر نعور إذا كان بعيدا ، ومنه قول طرفة :


                                                          ومثلي فاعلمي يا أم عمرو     إذا ما اعتاده سفر نعور



                                                          ورجل نعار في الفتن : خراج فيها سعاء ، لا يراد به الصوت وإنما تعنى به الحركة . والنعار أيضا : العاصي ، عن ابن الأعرابي . ونعر القوم : هاجوا واجتمعوا في الحرب . وقال الأصمعي في حديث ذكره : ما كانت فتنة إلا نعر فيها فلان أي نهض فيها . وفي حديث الحسن : كلما نعر بهم ناعر اتبعوه أي ناهض يدعوهم إلى الفتنة ويصيح بهم إليها . ونعر الرجل : خالف وأبى ، وأنشد ابن الأعرابي للمخبل السعدي :


                                                          إذا ما هم أصلحوا أمرهم     نعرت كما ينعر الأخدع



                                                          يعني أنه يفسد على قومه أمرهم ، ونعرة النجم : هبوب الريح واشتداد الحر عند طلوعه فإذا غرب سكن . ومن أين نعرت إلينا أي أتيتنا وأقبلت إلينا ، عن ابن الأعرابي . وقال مرة : نعر إليهم طرأ عليهم . والتنعير : إدارة السهم على الظفر ليعرف قوامه من عوجه [ ص: 298 ] وهكذا يفعل من أراد اختبار النبل ، والذي حكاه صاحب العين في هذا إنما هو التنفيز . والنعر : أول ما يثمر الأراك ، وقد أنعر أي أثمر ، وذلك إذا صار ثمرة بمقدار النعرة . وبنو النعير : بطن من العرب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية