الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        [ ص: 551 ] وإذا قلنا : إن من البدع ما يكون صغيرة ، فذلك بشروط :

                        أحدها : أن لا يداوم عليها ، فإن الصغيرة من المعاصي لمن داوم عليها تكبر بالنسبة إليه ، لأن ذلك ناشئ عن الإصرار عليها ، والإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة ، ولذلك قالوا : " لا صغيرة مع إصرار ، ولا كبيرة مع استغفار " فكذلك البدعة من غير فرق ، إلا أن المعاصي من شأنها في الواقع أنها قد يصر عليها ، وقد لا يصر عليها ، وعلى ذلك ينبني طرح الشهادة وسخطة الشاهد بها أو عدمه ، بخلاف البدعة فإن شأنها في المداومة والحرص على أن لا تزال من موضعها وأن تقوم على تاركها القيامة ، وتنطلق عليه ألسنة الملامة ، ويرمى بالتسفيه والتجهيل ، وينبز بالتبديع والتضليل ، ضد ما كان عليه سلف هذه [ ص: 552 ] الأمة ، والمقتدى بهم من الأئمة ، والدليل على ذلك الاعتبار والنقل ، فإن أهل البدع كان من شأنهم القيام بالنكير على أهل السنة إن كان لهم عصبة ، أو لصقوا بسلطان تجري أحكامه في الناس وتنفذ أوامره في الأقطار ، ومن طالع سير المتقدمين ، وجد من ذلك ما لا يخفى .

                        وأما النقل ، فما ذكره السلف من أن البدعة إذا أحدثت لا تزيد إلا مضيا ، وليست كذلك المعاصي ، فقد يتوب صاحبها وينيب إلى الله ، بل قد جاء ما يشد ذلك في حديث الفرق ، حيث جاء في بعض الروايات :

                        تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه ومن هنا جزم السلف بأن المبتدع لا توبة له منها حسبما تقدم .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية