الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( 1032 ) فصل : فأما nindex.php?page=treesubj&link=25891_1492قضاء السنن في سائر أوقات النهي ، وفعل غيرها من الصلوات التي لها سبب ، كتحية المسجد ، وصلاة الكسوف ، وسجود التلاوة ، فالمشهور في المذهب أنه لا يجوز . ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي في سجود التلاوة وصلاة الكسوف . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : في ذلك روايتان ; أصحهما أنه لا يجوز . وهو قول أصحاب الرأي ; لعموم النهي . والثانية : يجوز . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9924إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين } . [ ص: 432 ] متفق عليه . وقال في الكسوف : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23509فإذا رأيتموهما فصلوا } . وهذا خاص في هذه الصلاة ، فيقدم على النهي العام في الصلاة كلها ، ولأنها صلاة ذات سبب ، فأشبهت ما ثبت جوازه .
ولنا ، أن النهي للتحريم ، والأمر للندب ، وترك المحرم أولى من فعل المندوب . وقولهم : إن الأمر خاص في الصلاة . قلنا : ولكنه عام في الوقت ، والنهي خاص فيه ، فيقدم ، ولا يصح القياس على القضاء بعد العصر ; لأن حكم النهي فيه أخف ، لما ذكرنا ، ولا على قضاء الوتر بعد طلوع الفجر لذلك ، ولأنه وقت له ، بدليل حديث أبي بصرة ، ولا على صلاة الجنازة لأنها فرض كفاية ، ويخاف على الميت ، ولا على ركعتي الطواف ، لأنهما تابعتان لما لا يمنع منه النهي ، مع أننا قد ذكرنا أن الصحيح أنه لا يصلى على الجنازة في الأوقات الثلاثة التي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر . وكذلك لا ينبغي أن يركع للطواف فيها ، ولا يعيد فيها جماعة . وإذا منعت هذه الصلوات المتأكدة فيها فغيرها أولى بالمنع ، والله أعلم .
( 1033 ) فصل : ولا فرق بين مكة وغيرها في المنع من التطوع في أوقات النهي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يمنع فيها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30604لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار } . وعن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31732لا يصلين أحد بعد الصبح إلى طلوع الشمس ، ولا بعد العصر إلى أن تغرب الشمس ، إلا بمكة يقول : قال ذلك ثلاثا } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني . ولنا عموم النهي ، وأنه معنى يمنع الصلاة ، فاستوت فيه مكة وغيرها ، كالحيض ، وحديثهم أراد به ركعتي الطواف ، فيختص بهما ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ضعيف ، يرويه عبد الله بن المؤمل ، وهو ضعيف ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين .
( 1034 ) فصل : ولا فرق في وقت الزوال بين الجمعة وغيرها ، ولا بين الشتاء والصيف ، كان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ينهى عنه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : { كنا ننهى عن ذلك . يعني يوم الجمعة } . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد المقبري : أدركت الناس وهم يتقون ذلك . وعن عمرو بن سعيد بن العاص ، عن أبيه قال : كنت ألقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا زالت الشمس قاموا فصلوا أربعا . ورخص فيه الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15995وسعيد بن عبد العزيز ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وإسحاق في يوم الجمعة ; لما روى nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=4556أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة } . وعن nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة مثله ، رواه أبو داود . ولأن الناس ينتظرون الجمعة في هذا الوقت ، وليس عليهم قطع النوافل .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أكرهه إذا علمت انتصاف النهار ، وإذا كنت في موضع لا أعلمه ، ولا أستطيع أن أنظر ، فإني أراه واسعا . وأباحه فيها nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء في الشتاء دون الصيف ; لأن شدة الحر من فيح جهنم ، وذلك الوقت حين تسجر جهنم . ولنا ، عموم الأحاديث في النهي .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد الرخصة في الصلاة نصف النهار يوم الجمعة ، قال : فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاثة وجوه : حديث nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=5152الصنابحي ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم ، عن عبد الله الصنابحي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11082إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان ، فإذا ارتفعت فارقها ، ثم إذا استوت قارنها ، فإذا زالت فارقها ، فإذا دنت للغروب قارنها ، فإذا غربت فارقها } . ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات . ولأنه وقت نهي ، فاستوى فيه يوم الجمعة وغيره ، كسائر الأوقات ، [ ص: 433 ] وحديثهم ضعيف ، في إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث بن أبي سليم ، وهو ضعيف ، وهو مرسل ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=16203أبا الخليل يرويه عن nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ، ولم يسمع منه .
وقولهم : إنهم ينتظرون الجمعة . قلنا : إذا علم وقت النهي فليس له أن يصلي ، فإن شك فله أن يصلي حتى يعلم ; لأن الأصل الإباحة ، فلا تزول بالشك . والله أعلم