الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نفح

                                                          نفح : نفح الطيب ينفح نفحا ونفوحا : أرج وفاح ، وقيل : النفحة دفعة الريح طيبة كانت أو خبيثة ، وله نفحة طيبة ونفحة خبيثة . وفي الصحاح : وله نفحة طيبة . ونفحت الريح : هبت . وفي الحديث : إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها . وفي حديث آخر : تعرضوا لنفحات رحمة الله . وريح نفوح : هبوب شديدة الدفع ، قال أبو ذؤيب :


                                                          ولا متحير باتت عليه ببلقعة شآمية نفوح



                                                          ونفحت الدابة تنفح نفحا وهي نفوح : رمحت برجلها ورمت بحد حافرها ودفعت ، وقيل : النفح بالرجل الواحدة والرمح بالرجلين معا . الجوهري : نفحت الناقة ضربت برجلها . وفي حديث شريح : أنه أبطل النفح ، أراد نفح الدابة برجلها وهو رفسها ، كان لا يلزم صاحبها شيئا . وقوس نفوح : شديدة الدفع والحفز للسهم ، حكاه أبو حنيفة وقيل : بعيدة الدفع للسهم . التهذيب : ويقال للقوس النفيحة وهي المنفحة ، ابن السكيت : النفيحة للقوس وهي شطيبة من نبع ، وقال مليح الهذلي :


                                                          أناخوا معيدات الوجيف كأنها نفائح نبع لم تربع ذوابل



                                                          والنفائح : القسي واحدتها نفيحة . ونفحه بشيء أي أعطاه . ونفحه بالمال نفحا : أعطاه . وفي الحديث : المكثرون هم المقلون إلا من نفح فيه يمينه وشماله أي ضرب يديه فيه بالعطاء . النفح : الضرب والرمي ، ومنه حديث أسماء : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنفقي وانضحي وانفحي ولا تحصي فيحصي الله عليك . ولا يزال لفلان من المعروف نفحات أي دفعات ، قال الشاعر :


                                                          لما أتيتك أرجو فضل نائلكم     نفحتني نفحة طابت لها العرب



                                                          أي طابت لها النفس ، قال ابن بري : هذا البيت للرماح بن ميادة واسم أبيه أبرد المري وميادة اسم أمه ، ومدح بهذا البيت الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، وقبله :


                                                          إلى الوليد أبي العباس ما عملت     ودونها المعط من تبان والكثب



                                                          الكثب : جمع كثيب . والعرب : جمع عربة وهي النفس . والمعط : اسم موضع ، وكذلك تبان . قال ابن بري : وقول الجوهري طابت لها العرب أي طابت لها النفس ليس بصحيح ، وصوابه أن يقول طابت لها النفوس ، إلا أن يجعل النفس جنسا لا يخص واحدا بعينه ، ويروى البيت :


                                                          لما أتيتك من نجد وساكنه

                                                          الصحاح : ونفحة من العذاب قطعة منه . ابن سيده : ونفحة العذاب دفعة منه . وقال الزجاج : النفح كاللفح إلا أن النفح أعظم تأثيرا من اللفح . ابن الأعرابي : اللفح لكل حار والنفح لكل بارد ، وأنشد أبو العالية :


                                                          ما أنت يا بغداد إلا سلح     إذا يهب مطر أو نفح
                                                          وإن جففت فتراب برح



                                                          والنفحة : ما أصابك من دفعة البرد . الجوهري : ما كان من الرياح نفح فهو برد ، وما كان لفح فهو حر ، وقول أبي ذؤيب :


                                                          ولا متحير باتت عليه     ببلقعة يمانية نفوح



                                                          يعني : الجنوب تنفحه ببردها ، قال ابن بري : متحير يريد ماء كثيرا قد تحير لكثرته ولا منفذ له ، يصف طيب فم محبوبته وشبهه بخمر مزجت بماء ، وبعده :


                                                          بأطيب من مقبلها إذا ما     دنا العيوق واكتتم النبوح



                                                          قال : والنبوح ضجة الحي وأصوات الكلاب . الليث عن أبي الهيثم : أنه قال في قول الله - عز وجل - : ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك يقال : أصابتنا نفحة من الصبا أي روحة وطيب لا غم فيه . وأصابتنا نفحة من سموم أي حر وغم وكرب وأنشد في طيب الصبا :


                                                          إذا نفحت من عن يمين المشارق

                                                          ونفح الطيب إذا فاح ريحه ، وقال جران العود يذكر امرأته :


                                                          لقد عالجتني بالقبيح وثوبها     جديد ومن أردانها المسك ينفح



                                                          أي يفوح طيبه فجعل النفح مرة أشد العذاب لقول الله - عز وجل - : ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك وجعله مرة ريح مسك ، قال الأصمعي : ما كان من الريح سموما فله لفح باللام ، وما كان باردا فله نفح ، رواه أبو عبيد عنه . وطعنة نفاحة : دفاعة بالدم ، وقد نفحت به . التهذيب : طعنة نفوح ينفح دمها سريعا . وفي الحديث : أول نفحة من دم الشهيد . قال خالد بن جنبة : نفحة الدم أول فورة تفور منه ودفعة ، قال الراعي :


                                                          يرجو سجالا من المعروف ينفحها     لسائليه فلا من ولا حسد



                                                          أبو زيد : من الضروع النفوح وهي التي لا تحبس لبنها . والنفوح من النوق : التي يخرج لبنها من غير حلب . ونفح العرق ينفح نفحا إذا نزا منه الدم . التهذيب : ابن الأعرابي : النفح الذب عن الرجل [ ص: 315 ] يقال : هو ينافح عن فلان ، قال : وقال غيره : هو يناضح . ونافحت عن فلان : خاصمت عنه . ونافحوهم : كافحوهم . وفي الحديث : إن جبريل مع حسان ما نافح عني أي دافع ، والمنافحة والمكافحة : المدافعة والمضاربة . ونفحت الرجل بالسيف : تناولته به يريد بمنافحته هجاء المشركين ومجاوبتهم على أشعارهم . وفي حديث علي رضي الله عنه في صفين : نافحوا بالظبى أي قاتلوا بالسيوف ، وأصله أن يقرب أحد المقاتلين من الآخر بحيث يصل نفح كل واحد منهما إلى صاحبه وهي ريحه ونفسه . ونفح الريح : هبوبها . ونفحه بالسيف : تناوله من بعيد شزرا . وفي الحديث : رأيت كأنه وضع في يدي سواران من ذهب فأوحي إلي أن انفخهما أي ارمهما وألقهما كما تنفخ الشيء إذا دفعته عنك ، قال ابن الأثير : وإن كانت بالحاء المهملة فهو من نفحت الشيء إذا رميته ، ونفحت الدابة برجلها . التهذيب : والله تعالى هو النفاح المنعم على عباده ، قال الأزهري : لم أسمع النفاح في صفات الله - عز وجل - التي جاءت في القرآن والسنة ، ولا يجوز عند أهل العلم أن يوصف الله تعالى بما ليس في كتابه ، ولم يبينها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، وإذا قيل للرجل : إنه نفاح فمعناه الكثير العطايا . والنفيح والنفيح الأخيرة عن كراع ، والمنفح والمعن : كله الداخل على القوم ، وفي التهذيب : مع القوم وليس شأنه شأنهم ، وقال ابن الأعرابي : النفيح الذي يجيء أجنبيا فيدخل بين القوم ويسمل بينهم ويصلح أمرهم . قال الأزهري : هكذا جاء عن ابن الأعرابي في هذا الموضع : النفيح ، بالحاء ، وقال في موضع آخر : النفيج بالجيم ، الذي يعترض بين القوم لا يصلح ولا يفسد . قال : هذا قول ثعلب . ونفح جمته : رجلها . والإنفحة ، بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة : كرش الحمل أو الجدي ما لم يأكل ، فإذا أكل فهو كرش ، وكذلك المنفحة بكسر الميم ، قال الراجز :


                                                          كم قد أكلت كبدا وإنفحه     ثم ادخرت ألية مشرحه



                                                          الأزهري ، عن الليث : الإنفحة لا تكون إلا لذي كرش ، وهو شيء يستخرج من بطن ذيه ، أصفر يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن ، ابن السكيت : هي إنفحة الجدي وإنفحته ، وهي اللغة الجيدة ولم يذكرها الجوهري بالتشديد ولا تقل : أنفحة ، قال : وحضرني أعرابيان فصيحان من بني كلاب ، فقال أحدهما : لا أقول إلا إنفحة ، وقال الآخر : لا أقول إلا منفحة ، ثم افترقا على أن يسألا عنهما أشياخ بني كلاب ، فاتفقت جماعة على قول ذا وجماعة على قول ذا ، فهما لغتان . قال ابن الأعرابي : ويقال : منفحة وبنفحة . قال أبو الهيثم : الجفر من أولاد الضأن والمعز ما قد استكرش وفطم بعد خمسين يوما من الولادة وشهرين أي صارت إنفحته كرشا حين رعى النبت ، وإنما تكون إنفحة ما دامت ترضع . ابن سيده : وإنفحة الجدي وإنفحته وإنفحته ومنفحته شيء يخرج من بطنه أصفر يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن ، والجمع أنافح ، قال الشماخ :


                                                          وإنا لمن قوم على أن ذممتهم     إذا أولموا لم يولموا بالأنافح



                                                          وجاءت الإبل كأنها الإنفحة إذا بالغوا في امتلائها وارتوائها ، حكاها ابن الأعرابي . ونفاح المرأة : زوجها ، يمانية عن كراع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية