الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فالق الإصباح في معنى الفلق قولان قد سبقا . فأما الإصباح فقال الأخفش هو مصدر من أصبح وقال الزجاج : الإصباح والصبح واحد .

                                                                                                                                                                                                                                      وللمفسرين في الإصباح ، ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنه ضوء الشمس بالنهار ، وضوء القمر بالليل ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه إضاءة الفجر ، قاله مجاهد . وقال ابن زيد: فلق الإصباح من الليل .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أنه نور النهار ، قاله الضحاك . وقرأ أنس بن مالك ، والحسن ، وأبو مجلز ، وأيوب ، والجحدري: "فالق الإصباح" بفتح الهمزة . قال أبو عبيد: ومعناه جمع صبح . [ ص: 91 ] قوله تعالى: ( وجاعل الليل سكنا ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر: "جاعل" بألف . وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي: "وجعل" بغير ألف . "الليل" نصبا . قال أبو علي: من قرأ: "جاعل" فلأجل "فالق" وهم يراعون المشاكلة . ومن قرأ: "جعل" فلأن "فاعلا" هاهنا ، بمعنى: "فعل" بدليل قوله: والشمس والقمر حسبانا . فأما السكن ، فهو ما سكنت إليه . والمعنى: أن الناس يسكنون فيه سكون راحة . وفي الحسبان قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه الحساب ، قاله الجمهور . قال ابن قتيبة: يقال: خذ من كل شيء بحسبانه ، أي: بحسابه . وفي المراد بهذا الحساب ، ثلاثة أقوال . أحدها: أنهما يجريان إلى أجل جعل لهما ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثاني: يجريان في منازلهما بحساب ، ويرجعان إلى زيادة ونقصان ، قاله السدي . والثالث: أن جريانهما سبب لمعرفة حساب الشهور والأعوام ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      والقول الثاني: أن معنى الحسبان: الضياء ، قاله قتادة . قال الماوردي ، كأنه أخذه من قوله تعالى: ويرسل عليها حسبانا من السماء أي: نارا . قال ابن جرير: وليس هذا من ذاك في شيء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية