الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2194 ] القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [106] يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين : يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت أي: ظهرت أماراته: حين الوصية بدل من الظرف، ظرف (للموت) ولا لحضوره. فإن في الإبدال تنبيها على أن الوصية من المهمات التي لا ينبغي التهاون بها. وقوله تعالى: اثنان خبر: شهادة بتقدير مضاف. أي: شهادة بينكم حينئذ، شهادة اثنين. أو فاعل (شهادة) على أن خبرها محذوف. أي: فيما نزل عليكم، أن يشهد بينكم اثنان: ذوا عدل منكم أي: من المسلمين: أو آخران من غيركم أي: من أهل الذمة: إن أنتم ضربتم في الأرض أي: سافرتم فيها: فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما أي: توقفونهما للتحليف: من بعد الصلاة أي: صلاة العصر. كما قاله ابن عباس وثلة من التابعين. وعدم تعيينها، لتعيينها عندهم بالتحليف بعدها. لأنه وقت اجتماع الناس ووقت تصادم ملائكة الليل وملائكة النهار. واجتماع طائفتي الملائكة، فيه تكثير للشهود منهم على صدقه وكذبه. فيكون أقوى من غيره وأخوف.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن الزهري: بعد أي صلاة للمسلمين كانت. وذلك لأن الصلاة داعية إلى النطق بالصدق، وناهية عن الكذب والزور، كما قال تعالى: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر [ ص: 2195 ] فالتعريف في: الصلاة إما للعهد أو للجنس فيقسمان أي: يحلفان: بالله إن ارتبتم أي: شككتم فيهما بخيانة وأخذ شيء من تركة الميت. وقوله تعالى: لا نشتري به ثمنا جواب للقسم. أي: يقولان: لا نأخذ لأنفسنا بدلا من الله. أي: من حرمته عرضا من الدنيا بأن نهتكها ونزيلها بالحلف الكاذب. أي: لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال: ولو كان أي: من نقسم له ونشهد عليه، المدلول عليه بفحوى الكلام: ذا قربى أي: قريبا منا. تأكيد لتبرئهم من الحلف كاذبا. ومبالغة في التنزه عنه. كأنهما قالا: لا نأخذ لأنفسنا بدلا من حرمة اسمه تعالى مالا. ولو انضم إليه رعاية جانب الأقرباء. فكيف إذا لم يكن كذلك؟: ولا نكتم شهادة الله أي: الشهادة التي أمرنا الله تعالى بإقامتها. وإضافتها إلى الاسم الكريم تشريفا لها وتعظيما لأمرها: إنا إذا إن كتمناها: لمن الآثمين أي: المعدودين من المسترقين في الإثم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية