الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نقب

                                                          نقب : النقب : الثقب في أي شيء كان ، نقبه ينقبه نقبا . وشيء نقيب : منقوب ، قال أبو ذؤيب :


                                                          أرقت لذكره ، من غير نوب كما يهتاج موشي نقيب

                                                          يعني بالموشي يراعة . ونقب الجلد نقبا ، واسم تلك النقبة نقب أيضا . ونقب البعير بالكسر إذا رقت أخفافه . وأنقب الرجل إذا نقب بعيره . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أتاه أعرابي فقال : إني على ناقة دبراء عجفاء نقباء ، واستحمله فظنه كاذبا ، فلم يحمله فانطلق وهو يقول :

                                                          أقسم بالله أبو حفص عمر ما مسها من نقب ولا دبر أراد بالنقب هاهنا : رقة الأخفاف . نقب البعير ينقب فهو نقب . وفي حديثه الآخر قال لامرأة حاجة : أنقبت وأدبرت أي نقب بعيرك ودبر . وفي حديث علي - عليه السلام - : وليستأن بالنقب والظالع أي يرفق بهما . ويجوز أن يكون من الجرب . وفي حديث أبي موسى : فنقبت أقدامنا أي رقت جلودها ، وتنفطت من المشي . ونقب الخف الملبوس نقبا : تخرق ، وقيل : حفي . ونقب خف البعير نقبا إذا حفي حتى يتخرق فرسنه ، فهو نقب ، وأنقب كذلك ، قال كثير عزة :


                                                          وقد أزجر العرجاء أنقب خفها     مناسمها لا يستبل رثيمها



                                                          أراد : ومناسمها فحذف حرف العطف كما قال : قسما الطارف التليد ، ويروى : أنقب خفها مناسمها . والمنقب من السرة : قدامها حيث ينقب البطن . وكذلك هو من الفرس ، وقيل : المنقب السرة نفسها ، قال النابغة الجعدي يصف الفرس :

                                                          [ ص: 331 ]

                                                          كأن مقط شراسيفه     إلى طرف القنب فالمنقب
                                                          لطمن بترس ، شديد الصفا     ق ، من خشب الجوز لم يثقب



                                                          والمنقبة : التي ينقب بها البيطار ، نادر . والبيطار ينقب في بطن الدابة بالمنقب في سرته حتى يسيل منه ماء أصفر ، ومنه قول الشاعر :


                                                          كالسيد لم ينقب البيطار سرته     ولم يسمه ، ولم يلمس له عصبا



                                                          ونقب البيطار سرة الدابة ، وتلك الحديدة منقب ، بالكسر ، والمكان منقب بالفتح ؛ وأنشد الجوهري لمرة بن محكان :


                                                          أقب لم ينقب البيطار سرته     ولم يدجه ، ولم يغمز له عصبا



                                                          وفي حديث أبي بكر ، رضي الله عنه : أنه اشتكى عينه ، فكره أن ينقبها ، قال ابن الأثير : نقب العين هو الذي تسميه الأطباء القدح وهو معالجة الماء الأسود الذي يحدث في العين ، وأصله أن ينقر البيطار حافر الدابة ليخرج منه ما دخل فيه . والأنقاب : الآذان ، لا أعرف لها واحدا ، قال القطامي :


                                                          كانت خدود هجانهن ممالة     أنقابهن ، إلى حداء السوق



                                                          ويروى : أنقا بهن أي إعجابا بهن . التهذيب : إن عليه نقبة أي أثرا . ونقبة كل شيء : أثره وهيأته . والنقب : والنقب : القطع المتفرقة من الجرب ، الواحدة نقبة ، وقيل : هي أول ما يبدو من الجرب ، قال دريد ابن الصمة :


                                                          متبذلا تبدو محاسنه     يضع الهناء مواضع النقب



                                                          وقيل : النقب الجرب عامة ، وبه فسر ثعلب قول أبي محمد الحذلمي :


                                                          وتكشف النقبة عن لثامها



                                                          يقول : تبرئ من الجرب . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يعدي شيء شيئا . فقال أعرابي : يا رسول الله إن النقبة تكون بمشفر البعير أو بذنبه في الإبل العظيمة فتجرب كلها ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فما أعدى الأول ؟ قال الأصمعي : النقبة هي أول جرب يبدو يقال للبعير : به نقبة ، وجمعها نقب ، بسكون القاف ؛ لأنها تنقب الجلد أي تخرقه . قال أبو عبيد : والنقبة ، في غير هذا ، أن تؤخذ القطعة من الثوب ، قدر السراويل ، فتجعل لها حجزة مخيطة من غير نيفق وتشد كما تشد حجزة السراويل ، فإذا كان لها نيفق وساقان فهي سراويل ، فإذا لم يكن لها نيفق ولا ساقان ولا حجزة فهو النطاق . ابن شميل : النقبة أول بدء الجرب ، ترى الرقعة مثل الكف بجنب البعير ، أو وركه ، أو بمشفره ، ثم تتمشى فيه حتى تشريه كله أي تملأه ، قال أبو النجم يصف فحلا :


                                                          فاسود ، من جفرته ، إبطاها     كما طلى ، النقبة طالياها



                                                          أي اسود من العرق حين سال حتى كأنه جرب ذلك الموضع ، فطلي بالقطران فاسود من العرق ، والجفرة : الوسط . والناقبة : قرحة تخرج بالجنب . ابن سيده : النقب قرحة تخرج في الجنب ، وتهجم على الجوف ، ورأسها من داخل . ونقبته النكبة تنقبه نقبا : أصابته فبلغت منه ، كنكبته . والناقبة : داء يأخذ الإنسان من طول الضجعة . والنقبة : الصدأ . وفي المحكم : والنقبة صدأ السيف والنصل ، قال لبيد :


                                                          جنوء الهالكي على يديه     مكبا ، يجتلي نقب النصال



                                                          ويروى : جنوح الهالكي . والنقب والنقب : الطريق ، وقيل : الطريق الضيق في الجبل ، والجمع أنقاب ونقاب ؛ أنشد ثعلب لابن أبي عاصية :


                                                          تطاول ليلي بالعراق ، ولم يكن     علي بأنقاب الحجاز ، يطول



                                                          وفي التهذيب ، في جمعه : نقبة ، قال : ومثله الجرف وجمعه جرفة . والمنقب والمنقبة كالنقب . والمنقب ، والنقاب : الطريق في الغلظ ؛ قال :


                                                          وتراهن شزبا كالسعالي     يتطلعن من ثغور النقاب



                                                          يكون جمعا ويكون واحدا . والمنقبة : الطريق الضيق بين دارين لا يستطاع سلوكه . وفي الحديث : لا شفعة في فحل ، ولا منقبة ، فسروا المنقبة بالحائط ، وسيأتي ذكر الفحل وفي رواية : لا شفعة في فناء ، ولا طريق ، ولا منقبة ؛ المنقبة : هي الطريق بين الدارين كأنه نقب من هذه إلى هذه ، وقيل : هو الطريق التي تعلو أنشاز الأرض . وفي الحديث : إنهم فزعوا من الطاعون فقال : أرجو أن لا يطلع إلينا نقابها ، قال ابن الأثير : هي جمع نقب ، وهو الطريق بين الجبلين ، أراد أنه لا يطلع إلينا من طرق المدينة ، فأضمر عن غير مذكور ؛ ومنه الحديث : على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ؛ هو جمع قلة للنقب . والنقب : أن يجمع الفرس قوائمه في حضره ، ولا يبسط يديه ، ويكون حضره وثبا . والنقيبة النفس ، وقيل : الطبيعة ، وقيل الخليقة . والنقيبة : يمن الفعل . ابن بزرج : ما لهم نقيبة أي نفاذ رأي . ورجل ميمون النقيبة : مبارك النفس ، مظفر بما يحاول ، قال ابن السكيت : إذا كان ميمون الأمر ، ينجح فيما حاول ويظفر ، وقال ثعلب : إذا كان ميمون المشورة . وفي حديث مجدي بن عمرو : أنه ميمون النقيبة أي منجح الفعال ، مظفر المطالب . التهذيب في ترجمة عرك : يقال فلان ميمون العريكة ، والنقيبة ، والنقيمة ، والطبيعة ؛ بمعنى واحد . والمنقبة : كرم الفعل ، يقال : إنه لكريم المناقب من النجدات وغيرها ، والمنقبة : ضد المثلبة . وقال الليث : النقيبة من النوق المؤتزرة بضرعها عظما وحسنا ، بينة النقابة ؛ قال أبو منصور : هذا تصحيف ، إنما هي الثقيبة ، وهي الغزيرة من النوق بالثاء . وقال ابن سيده : ناقة نقيبة : عظيمة الضرع . والنقبة : ما أحاط بالوجه من دوائره . قال ثعلب : وقيل لامرأة أي النساء أبغض إليك ؟ قالت : الحديدة الركبة ، القبيحة النقبة ، الحاضرة الكذبة ؛ وقيل : النقبة اللون والوجه ، قال ذو الرمة يصف ثورا :


                                                          ولاح أزهر مشهور بنقبته     كأنه ، حين يعلوا عاقرا ، لهب



                                                          [ ص: 332 ] قال ابن الأعرابي : فلان ميمون النقيبة والنقيمة أي اللون ، ومنه سمي نقاب المرأة ؛ لأنه يستر نقابها أي لونها بلون النقاب . والنقبة : خرقة يجعل أعلاها كالسراويل وأسفلها كالإزار ، وقيل النقبة مثل النطاق إلا أنه مخيط الحزة نحو السراويل ، وقيل : هي سراويل بغير ساقين . الجوهري : النقبة ثوب كالإزار يجعل له حجزة مخيطة من غير نيفق ويشد كما يشد السراويل . ونقب الثوب ينقبه : جعله نقبة . وفي الحديث : ألبستنا أمنا نقبتها ؛ هي السراويل التي تكون لها حجزة من غير نيفق ، فإذا كان لها نيفق فهي سراويل . وفي حديث ابن عمر : أن مولاة امرأة اختلعت من كل شيء لها وكل ثوب عليها حتى نقبتها فلم ينكر ذلك . والنقاب : القناع على مارن الأنف ، والجمع نقب . وقد تنقبت المرأة وانتقبت وإنها لحسنة النقبة ، بالكسر ، والنقاب : نقاب المرأة . التهذيب : والنقاب على وجوه ، قال الفراء : إذا أدنت المرأة نقابها إلى عينها فتلك الوصوصة ، فإن أنزلته دون ذلك إلى المحجر فهو النقاب ، فإن كان على طرف الأنف فهو اللفام . وقال أبو زيد : النقاب على مارن الأنف . وفي حديث ابن سيرين : النقاب محدث ، أراد أن النساء ما كن ينتقبن أي يختمرن ، قال أبو عبيد : ليس هذا وجه الحديث ، ولكن النقاب عند العرب هو الذي يبدو منه محجر العين ، ومعناه أن إبداءهن المحاجر محدث ، إنما كان النقاب لاحقا بالعين ، وكانت تبدو إحدى العينين والأخرى مستورة ، والنقاب لا يبدو منه إلا العينان ، وكان اسمه عندهم الوصوصة والبرقع ، وكان من لباس النساء ثم أحدثن النقاب بعد ، وقوله أنشده سيبويه :


                                                          بأعين منها مليحات النقب     شكل التجار ، وحلال المكتسب



                                                          يروى النقب والنقب ، روى الأولى سيبويه وروى الثانية الرياشي ، فمن قال النقب عنى دوائر الوجه ، ومن قال النقب أراد جمع نقبة من الانتقاب بالنقاب . والنقاب : العالم بالأمور . ومن كلام الحجاج في مناطقته للشعبي : إن كان ابن عباس لنقابا ، فما قال فيها ؟ وفي رواية : إن كان ابن عباس لمنقبا . النقاب والمنقب ، بالكسر والتخفيف : الرجل العالم بالأشياء ، الكثير البحث عنها ، والتنقيب عليها ، أي ما كان إلا نقابا . قال أبو عبيد : النقاب هو الرجل العلامة ، وقال غيره : هو الرجل العالم بالأشياء ، المبحث عنها ، الفطن الشديد الدخول فيها ، قال أوس بن حجر يمدح رجلا :


                                                          نجيح جواد ، أخو مأقط     نقاب ، يحدث بالغائب



                                                          وهذا البيت ذكره الجوهري : كريم جواد ، قال ابن بري : والرواية :


                                                          نجيح مليح أخو مأقط



                                                          قال : وإنما غيره من غيره ؛ لأنه زعم أن الملاحة التي هي حسن الخلق ، ليست بموضع للمدح في الرجال ، إذ كانت الملاحة لا تجري مجرى الفضائل الحقيقية ، وإنما المليح هنا هو المستشفى برأيه ، على ما حكي عنأبي عمرو ، قال : ومنه قولهم : قريش ملح الناس أي يستشفى بهم . وقال غيره : المليح في بيت أوس يراد به المستطاب مجالسته . ونقب في الأرض : ذهب . وفي التنزيل العزيز : فنقبوا في البلاد هل من محيص قال الفراء : قرأه القراء : فنقبوا . مشددا ، يقول : خرقوا البلاد فساروا فيها طلبا للمهرب فهل كان لهم محيص من الموت ، قال : ومن قرأ : فنقبوا . بكسر القاف فإنه كالوعيد ، أي اذهبوا في البلاد وجيئوا ، وقال الزجاج : فنقبوا طوفوا وفتشوا ، قال : وقرأ الحسن فنقبوا ، بالتخفيف ، قال امرؤ القيس :


                                                          وقد نقبت في الآفاق     حتى رضيت من السلامة بالإياب

                                                          أي ضربت في البلاد ، أقبلت وأدبرت . ابن الأعرابي : أنقب الرجل : إذا سار في البلاد ، وأنقب : إذا صار حاجبا ، وأنقب : إذا صار نقيبا . ونقب عن الأخبار وغيرها : بحث ، وقيل : نقب عن الأخبار : أخبر بها . وفي الحديث : إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس أي أفتش وأكشف . والنقيب : عريف القوم ، والجمع نقباء . والنقيب : العريف وهو شاهد القوم وضمينهم ، ونقب عليهم ينقب نقابة : عرف . وفي التنزيل العزيز : وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا قال أبو إسحاق : النقيب في اللغة كالأمين والكفيل . ويقال : نقب الرجل على القوم ينقب نقابة ، مثل كتب يكتب كتابة فهو نقيب ، وما كان الرجل نقيبا ، ولقد نقب . قال الفراء : إذا أردت أنه لم يكن نقيبا ففعل قلت : نقب ، بالضم ، نقابة بالفتح . قال سيبويه : النقابة ، بالكسر ، الاسم ، وبالفتح المصدر ، مثل الولاية والولاية . وفي حديث عبادة بن الصامت : وكان من النقباء ، جمع نقيب وهو كالعريف على القوم ، المقدم عليهم ، الذي يتعرف أخبارهم ، وينقب عن أحوالهم أي يفتش . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعل ليلة العقبة كل واحد من الجماعة الذين بايعوه بها نقيبا على قومه وجماعته ، ليأخذوا عليهم الإسلام ويعرفوهم شرائطه ، وكانوا اثني عشر نقيبا كلهم من الأنصار ، وكان عبادة بن الصامت منهم . وقيل : النقيب الرئيس الأكبر . وقولهم : في فلان مناقب جميلة ، أي أخلاق . وهو حسن النقيبة أي جميل الخليقة . وإنما قيل للنقيب نقيب ؛ لأنه يعلم دخيلة أمر القوم ، ويعرف مناقبهم ، وهو الطريق إلى معرفة أمورهم . قال : وهذا الباب كله أصله التأثير الذي له عمق ودخول ، ومن ذلك يقال : نقبت الحائط أي بلغت في النقب آخره . ويقال : كلب نقيب ، وهو أن ينقب حنجرة الكلب أو غلصمته ليضعف صوته ولا يرتفع صوت نباحه ، وإنما يفعل ذلك البخلاء من العرب لئلا يطرقهم ضيف ، باستماع نباح الكلاب . والنقاب : البطن . يقال في المثل في الاثنين يتشابهان : فرخان في نقاب . والنقيب : المزمار . وناقبت فلانا إذا لقيته فجأة . ولقيته نقابا أي مواجهة ، ومررت على طريق فناقبني فيه فلان نقابا أي لقيني على غير ميعاد ولا اعتماد . وورد الماء نقابا ، مثل التقاطا ، إذا ورد عليه من غير أن يشعر به قبل ذلك ، وقيل : ورد عليه من غير طلب . ونقب : موضع ، قال سليك بن السلكة :


                                                          وهن عجال من نباك ومن نقب



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية