الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 322 ] باب ما يجوز في عتق الكفارات وما لا يجوز

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " ولا يجزئ رقبة في كفارة ولا واجب إلا مؤمنة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد ذكرنا أن العتق في الكفارات لا يجزئ إلا في رقبة مؤمنة وهو قول الأكثرين ، وقال أبو حنيفة : يجزئ عتق الكافرة في جميعها إلا في كفارة القتال ؛ لأن الله تعالى شرط إيمانها ، فحمل المشروط على تقييده ، والمطلق على إطلاقه ، ومن أصل الشافعي أن كل مطلق قيد بعض جنسه بشرط كان جميع المطلق محمولا على تقييد ذلك الشرط ، كما أطلق قوله تعالى : واستشهدوا شهيدين من رجالكم [ البقرة : 282 ] ، وقيد قوله : وأشهدوا ذوي عدل منكم [ الطلاق : 12 ] فحمل ذلك المطلق على هذا المقيد في اشتراط العدالة ، واختلف أصحابنا فيما ذهب إليه الشافعي من حمل المطلق على المقيد ، هل قاله لغة أو شرعا على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه قاله من طريق اللغة وما يقتضيه لسان العرب الذي جاء به الشرع ما لم يصرف عنه دليل .

                                                                                                                                            والثاني : أنه قاله من طريق الشرع وما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة ، واختلف من قال بهذا على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يجمع بينهما بالإطلاق إلا إن تفرقا في المعنى .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن لا يجمع بينهما إلا بعد اشتراكهما في المعنى ، ثم من الدليل أنه عتق في كفارة ، فوجب أن لا يجزئ فيه إلا مؤمنة ، كالعتق في كفارة القتل .

                                                                                                                                            ولأن كل رقبة لا يجزئ عتقها في كفارة القتل لم يجز عتقها في سائر الكفارات ، قياسا على المعيبة وقد مضت هذه المسألة في كتاب الظهار مستوفاة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية