الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نكب

                                                          نكب : نكب عن الشيء وعن الطريق ينكب نكبا ونكوبا ، ونكب نكبا ، ونكب وتنكب : عدل ؛ قال :


                                                          إذا ما كنت ملتمسا أيامى فنكب كل محترة صناع



                                                          وقال رجل من الأعراب وقد كبر ، وكان في داخل بيته ، ومرت سحابة : كيف تراها يا بني ؟ قال أراها قد نكبت وتبهرت ، نكبت : عدلت ؛ وأنشد الفارسي :


                                                          هما إبلان فيهما ما علمتم     فعن أيها ، ما شئتم ، فتنكبوا



                                                          عداه بعن لأن فيه معنى اعدلوا وتباعدوا ، وما زائدة . قال الأزهري : وسمعت العرب تقول نكب فلان عن الصواب ينكب نكوبا إذا عدل عنه . ونكب عن الصواب تنكيبا ، ونكب غيره . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - أنه قال لهني مولاه : نكب عنا ابن أم عبد . أي نحه عنا . وتنكب فلان عنا تنكبا أي مال عنا ، الجوهري : نكبه تنكيبا أي عدل عنه واعتزله . وتنكبه أي تجنبه . ونكبه الطريق ونكب به : عدل . وطريق ينكوب : على غير قصد . والنكب ، بالتحريك : الميل في الشيء . وفي التهذيب : شبه ميل في المشي ؛ وأنشد : عن الحق أنكب أي مائل عنه ، وإنه لمنكاب عن الحق . وقامة نكباء : مائلة ، وقيم نكب . والقامة : البكرة . وفي حديث حجة الوداع : فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس ، أي يميلها إليهم يريد بذلك أن يشهد الله عليهم . يقال : نكبت الإناء نكبا ونكبته تنكيبا إذا أماله وكبه . وفي حديث الزكاة : نكبوا عن الطعام . يريد الأكولة وذوات اللبن ونحوهما أي أعرضوا عنها ، ولا تأخذوها في الزكاة ، ودعوها لأهلها ، فيقال فيه : نكب ونكب ، وفي حديث آخر : نكب عن ذات الدر . وفي الحديث الآخر قال لوحشي : تنكب عن وجهي . أي تنح وأعرض عني . والنكباء : كل ريح وقيل كل ريح من الرياح الأربع انحرفت ووقعت بين ريحين ، وهي تهلك المال وتحبس القطر ، وقد نكبت تنكب نكوبا ، وقال أبو زيد : النكباء التي لا يختلف فيها ، هي التي تهب بين الصبا والشمال . والجربياء : التي بين الجنوب والصبا ، وحكى ثعلب عن ابن الأعرابي : أن النكب من الرياح أربع : فنكباء الصبا والجنوب مهياف ملواح ميباس للبقل ، وهي التي تجيء بين الريحين قال الجوهري : تسمى الأزيب ، ونكباء الصبا والشمال معجاج مصراد ، لا مطر فيها ولا خير عندها وتسمى الصابية ، وتسمى أيضا النكيباء ، وإنما صغروها وهم يريدون تكبيرها ؛ لأنهم يستبردونها جدا ، ونكباء الشمال والدبور قرة ، وربما كان فيها مطر قليل ، وتسمى الجربياء وهي نيحة الأزيب ، ونكباء الجنوب والدبور حارة مهياف ، وتسمى الهيف وهي نيحة النكيباء ، لأن العرب تناوح بين هذه النكب كما ناوحوا بين القوم من الرياح ، وقد نكبت تنكب نكوبا . ودبور نكب : نكباء . الجوهري : والنكباء الريح الناكبة التي تنكب عن مهاب الرياح القوم ، والدبور ريح من رياح القيظ لا تكون إلا فيه وهي مهياف ، والجنوب تهب كل وقت . وقال ابن كناسة : تخرج النكباء ما بين مطلع الذراع إلى القطب ، وهو مطلع [ ص: 349 ] الكواكب الشامية ، وجعل ما بين القطب إلى مسقط الذراع ، مخرج الشمال ، وهو مسقط كل نجم طلع من مخرج النكباء ، من اليمانية ، واليمانية لا ينزل فيها شمس ولا قمر ، إنما يهتدى بها في البر والبحر ، فهي شامية . قال شمر : لكل ريح من الرياح الأربع نكباء تنسب إليها ، فالنكباء التي تنسب إلى الصبا هي التي بينها وبين الشمال ، وهي تشبهها في اللين ولها أحيانا عرام ، وهو قليل ، إنما يكون في الدهر مرة ، والنكباء التي تنسب إلى الشمال ، وهي التي بينها وبين الدبور ، وهي تشبهها في البرد ، ويقال لهذه الشمال : الشامية ، كل واحدة منها عند العرب شامية ، والنكباء التي تنسب إلى الدبور هي التي بينها وبين الجنوب تجيء من مغيب سهيل ، وهي تشبه الدبور في شدتها وعجاجها ، والنكباء التي تنسب إلى الجنوب هي التي بينها وبين الصبا ، وهي أشبه الرياح بها ، في رقتها وفي لينها في الشتاء . وبعير أنكب : يمشي متنكبا . والأنكب من الإبل : كأنما يمشي في شق ؛ وأنشد :


                                                          أنكب زياف وما فيه نكب



                                                          ومنكبا كل شيء مجتمع عظم العضد والكتف ، وحبل العاتق من الإنسان والطائر وكل شيء . ابن سيده : المنكب من الإنسان وغيره : مجتمع رأس الكتف والعضد ، مذكر لا غير ، حكى ذلك اللحياني . قال سيبويه : هو اسم للعضو ليس على المصدر ولا المكان ، لأن فعله نكب ينكب ، يعني أنه لو كان عليه لقال : منكب ، قال : ولا يحمل على باب مطلع لأنه نادر أعني باب مطلع . ورجل شديد المناكب ، قال اللحياني : هو من الواحد الذي يفرق فيجعل جميعا ، قال : والعرب تفعل هذا كثيرا ، وقياس قول سيبويه أن يكونوا ذهبوا في ذلك إلى تعظيم العضو ، كأنهم جعلوا كل طائفة منه منكبا . ونكب فلان ينكب نكبا إذا اشتكى منكبه . وفي حديث ابن عمر : خياركم ألينكم مناكب في الصلاة ، أراد لزوم السكينة في الصلاة ، وقيل أراد أن لا يمتنع على من يجيء ليدخل في الصف لضيق المكان ، بل يمكنه من ذلك . وانتكب الرجل كنانته وقوسه وتنكبها : ألقاها على منكبه . وفي الحديث : كان إذا خطب بالمصلى تنكب على قوس أو عصا أي اتكأ عليها ، وأصله من تنكب القوس وانتكبها إذا علقها في منكبه . والنكب بفتح النون والكاف : داء يأخذ الإبل في مناكبها ، فتظلع منه وتمشي منحرفة . ابن سيده : والنكب ظلع يأخذ البعير من وجع في منكبه ، نكب البعير ، بالكسر ، ينكب نكبا ، وهو أنكب ؛ قال :


                                                          يبغي فيردي وخدان الأنكب



                                                          الجوهري : قال العدبس : لا يكون النكب إلا في الكتف ، وقال رجل من فقعس :


                                                          فهلا أعدوني لمثلي تفاقدوا     إذا الخصم أبزى مائل الرأس أنكب



                                                          قال : وهو من صفة المتطاول الجائر . ومناكب الأرض : جبالها ، وقيل : طرقها ، وقيل : جوانبها ، وفي التنزيل العزيز : فامشوا في مناكبها قال الفراء : يريد في جوانبها ، وقال الزجاج : معناه في جبالها ، وقيل : في طرقها . قال الأزهري : وأشبه التفسير - والله أعلم - تفسير من قال : في جبالها لأن قوله : هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا معناه سهل لكم السلوك فيها ، فأمكنكم السلوك في جبالها ، فهو أبلغ في التذليل . والمنكب من الأرض : الموضع المرتفع . وفي جناح الطائر عشرون ريشة : أولها القوادم ثم المناكب ثم الخوافي ثم الأباهر ثم الكلى ، قال ابن سيده : ولا أعرف للمناكب من الريش واحدا ، غير أن قياسه أن يكون منكبا . غيره : والمناكب في جناح الطائر أربع بعد القوادم ، ونكب على قومه ينكب نكابة ونكوبا ، الأخيرة عن اللحياني ، إذا كان منكبا لهم ، يعتمدون عليه . وفي المحكم عرف عليهم ، قال : والمنكب العريف وقيل : عون العريف . وقال الليث : منكب القوم رأس العرفاء على كذا وكذا عريفا منكب ، ويقال له : النكابة في قومه . وفي حديث النخعي : كان يتوسط العرفاء والمناكب ، قال ابن الأثير : المناكب قوم دون العرفاء واحدهم منكب ، وقيل : المنكب رأس العرفاء . والنكابة : كالعرافة والنقابة . ونكب الإناء ينكبه نكبا : هراق ما فيه ولا يكون إلا من شيء غير سيال ، كالتراب ونحوه . ونكب كنانته ينكبها نكبا : نثر ما فيها ، وقيل إذا كبها ليخرج ما فيها من السهام . وفي حديث سعد قال يوم الشورى : إني نكبت قرني فأخذت سهمي الفالج ، أي كببت كنانتي . وفي حديث الحجاج : أن أمير المؤمنين نكب كنانته فعجم عيدانها . والنكبة : المصيبة من مصائب الدهر ، وإحدى نكباته نعوذ بالله منها . والنكب : كالنكبة ، قال قيس بن ذريح :

                                                          تشممنه لو يستطعن ارتشفنه ، إذا سفنه ، يزددن نكبا على نكب

                                                          وجمعه : نكوب . ونكبه الدهر ينكبه نكبا ونكبا : بلغ منه وأصابه بنكبة ويقال : نكبته حوادث الدهر وأصابته نكبة : ونكبات ونكوب كثيرة ونكب فلان فهو منكوب . ونكبته الحجارة نكبا أي لثمته . والنكب : أن ينكب الحجر ظفرا أو حافرا أو منسما ، يقال : منسم منكوب ونكيب ، قال لبيد :


                                                          وتصك المرو ، لما هجرت     بنكيب معر ، دامي الأظل



                                                          الجوهري : النكيب دائرة الحافر والخف ؛ وأنشد بيت لبيد . ونكب الحجر رجله وظفره ، فهو منكوب ونكيب : أصابه . ويقال : ليس دون هذا الأمر نكبة ولا ذباح ، قال ابن سيده : حكاه ابن الأعرابي ثم فسره ، فقال : النكبة أن ينكبه الحجر ، والذباح : شق في باطن القدم . وفي حديث قدوم المستضعفين بمكة : فجاؤوا يسوق بهم الوليد بن الوليد ، وسار ثلاثا على قدميه ، وقد نكبته الحرة أي نالته حجارتها وأصابته ، ومنه النكبة وهو ما يصيب الإنسان من الحوادث . وفي الحديث : أنه نكبت إصبعه أي نالتها الحجارة . ورجل أنكب : لا قوس معه . وينكوب : ماء معروف ؛ عن كراع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية