الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال - رحمه الله - ) : وإذا اشترى المضارب بألف المضاربة عبدا ، أو أمة ليس له أن يزوج واحدا منهما في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - ، وفي قول أبي يوسف - رحمه الله - يزوج الأمة ، ولا يزوج العبد لأن في تزويج الأمة اكتساب المال واسقاط نفقتها من مال المضاربة ، وذلك بمنزلة بيعها وإجارتها ، وتزويج العبد إضرار لا منفعة فيه للمضاربة ، ولهما أن المضارب فوض إليه التجارة في هذا المال ، والتزويج ليس من التجارة فإن التجار ما اعتادوه ، ولم نعرف في موضع من البلدان سوقا معدا للتزويج ، وفيما ليس بتجارة المضارب كغيره من الأجانب .

( ألا ترى ) أنه لا يكاتب ; لأن الكتابة ليست بتجارة وإن كان فيها اكتساب المال ، فكذلك تزويج الأمة وإن كاتب عبدا من المضاربة ، ولا فضل في قيمته على رأس المال فأدى الكتابة فهو عبد ; لأنه لو أعتقه كان عتقه باطلا ، فكذلك إذا استوفى منه بدل الكتابة ، وما أداه فهو من المضاربة ; لأنه كسب عند المضاربة ، والكسب يتبع الأصل ، فإذا كان المكتسب على المضاربة فكذلك كسبه ، وإذا كان كاتبه وفيه فضل على رأس المال ; فكتابته أيضا باطلة ; لأنه لا يمكن تنفيذها على المضاربة فإنها ليست بتجارة ، ولا يمكن تنفيذها في نصيب نفسه باعتبار ملكه ; لأن ذلك القدر يخرج من المضاربة ; فيؤدي إلى سلامة شيء للمضارب قبل وصول رأس المال ، إلى رب المال ثم هذا عبد مشترك بينهما ، وأحد الشريكين إذا كاتب فللآخر أن يفسخ الكتابة لدفع الضرر عن نفسه ، [ ص: 123 ] فهنا للمولى أن يبطل الكتابة أيضا ، فإن لم يبطلها حتى أدى البدل عتق نصيب المضارب منه ; لأنه كان علق عتقه بالأداء ، فعند استيفاء البدل منه يصير كالمعتق إياه ، وإعتاق المضارب في نصيب نفسه صحيح إذا كان في العبد فضل على رأس المال ، ثم حصة نصيب المضارب من المكاتب وهو الربع يسلم له ، وما وراء ذلك كسب ثلاثة أرباعه ، فيكون على المضارب يستوفي رب المال منه رأس المال ، وما بقي بعد ذلك اقتسماه على الشرط في الربح ، ثم رب المال بالخيار في قول أبي حنيفة - رحمه الله - إن شاء ضمن المضارب إن كان موسرا نصف قيمة العبد إذا كانت المضاربة بالنصف ، وإن شاء استسعى العبد ، وإن شاء أعتقه ; لأنه لما وصل إلى رب المال رأس المال بقي العبد كله ربحا ، فيكون بينهما نصفين ، وقد عتق نصيب المضارب منه بإعتاقه ، وهو موسر فيكون للثالث ثلاث خيارات كما هو أصل أبي حنيفة

التالي السابق


الخدمات العلمية