الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نمر

                                                          نمر : النمرة : النكتة من أي لون كان . والأنمر : الذي فيه نمرة بيضاء وأخرى سوداء ، والأنثى نمراء . والنمر والنمر : ضرب من السباع ، أخبث من الأسد ، سمي بذلك لنمر فيه ، وذلك أنه من ألوان مختلفة ، والأنثى نمرة والجمع أنمر وأنمار ونمر ونمر ونمور ونمار ، وأكثر كلام العرب نمر . وفي الحديث : نهى عن ركوب النمار ، وفي رواية : النمور أي جلود النمور ، وهي السباع المعروفة ، واحدها نمر ، وإنما نهى عن استعمالها لما فيها من الزينة والخيلاء ، ولأنه زي العجم أو لأن شعره لا يقبل الدباغ ، عند أحد الأئمة إذا كان غير ذكي ، ولعل أكثر ما كانوا يأخذون جلود النمور إذا ماتت لأن اصطيادها عسير . وفي حديث أبي أيوب : أنه أتي بدابة سرجها نمور فنزع الصفة يعني [ ص: 358 ] الميثرة ، فقيل الجديات نمور يعني البداد ، فقال : إنما ينهى عن الصفة . قال ثعلب : من قال نمر رده إلى أنمر ، ونمار عنده جمع نمر كذئب وذئاب ، وكذلك نمور عنده جمع نمر كستر وستور ، ولم يحك سيبويه نمرا في جمع نمر . الجوهري : وقد جاء في الشعر نمر وهو شاذ ، قال : ولعله مقصور منه ؛ قال :


                                                          فيها تماثيل أسود ونمر



                                                          قال ابن سيده : فأما ما أنشده من قوله :


                                                          فيها عياييل أسود ونمر



                                                          فإنه أراد على مذهبه ونمر ، ثم وقف على قول من يقول البكر وهو فعل ، قال ابن بري البيت الذي أنشد الجوهري :


                                                          فيها تماثيل أسود ونمر



                                                          وهو لحكيم بن معية الربعي ، وصواب إنشاده :


                                                          فيها عياييل أسود ونمر



                                                          قال : وكذلك أنشده ابن سيده وغيره . قال ابن بري : وصف قناة تنبت في موضع محفوف بالجبال والشجر ، وقبله :


                                                          حفت بأطواد جبال وسمر     في أشب الغيطان ملتف الحظر



                                                          يقول : حف موضع هذه القناة الذي تنبت فيه بأطواد الجبال وبالسمر ، وهو جمع سمرة ، وهي شجرة عظيمة . والأشب : المكان الملتف النبت المتداخل . والغيطان : جمع غائط وهو المنخفض من الأرض . والحظر : جمع حظيرة . والعيال : المتبختر في مشيه . وعياييل : جمعه . وأسود بدل منه ، ونمر معطوفة عليه . ويقال للرجل السيء الخلق‌‌‌ : قد نمر وتنمر . ونمر وجهه أي غيره وعبسه . والنمر لونه أنمر وفيه نمرة محمرة أو نمرة بيضاء وسوداء ، ومن لونه اشتق السحاب النمر ، والنمر من السحاب : الذي فيه آثار كآثار النمر ، وقيل : هي قطع صغار متدان بعضها من بعض ، واحدتها نمرة ، وقول أبي ذؤيب : أرنيها نمرة أركها مطرة . وسحاب أنمر وقد نمر السحاب ، بالكسر ، ينمر نمرا أي صار على لون النمر ترى في خلله نقاطا . وقوله : أرنيها نمرة أركها مطرة ، قال الأخفش : هذا كقوله تعالى : فأخرجنا منه خضرا يريد الأخضر . والأنمر من الخيل : الذي على شبه النمر ، وهو أن يكون فيه بقعة بيضاء وبقعة أخرى على أي لون كان . والنعم النمر : التي فيها سواد وبياض ، جمع أنمر ، الأصمعي : تنمر له أي تنكر وتغير وأوعده لأن النمر لا تلقاه أبدا إلا متنكرا غضبان ، وقول عمرو بن معد يكرب :


                                                          وعلمت أني يوم ذاك     منازل كعبا ونهدا
                                                          قوم إذا لبسوا الحدي     د تنمروا حلقا وقدا



                                                          أي تشبهوا بالنمر لاختلاف ألوان القد والحديد ، قال ابن بري : أراد بكعب بني الحارث بن كعب ، وهم من مذحج ونهد من قضاعة ، وكانت بينه وبينهم حروب ، ومعنى تنمروا تنكروا لعدوهم ، وأصله من النمر ؛ لأنه من أنكر السباع وأخبثها . يقال : لبس فلان لفلان جلد النمر إذا تنكر له ، قال : وكانت ملوك العرب إذا جلست لقتل إنسان لبست جلود النمر ثم أمرت بقتل من تريد قتله ، وأراد بالحلق الدروع ، وبالقد جلدا كان يلبس في الحرب ، وانتصبا على التمييز ، ونسب التنكر إلى الحلق والقد مجازا ، إذ كان ذلك سبب تنكر لابسيهما فكأنه قال تنكر حلقهم وقدهم ، فلما جعل الفعل لهما انتصبا على التمييز ، كما تقول : تنكرت أخلاق القوم ، ثم تقول : تنكر القوم أخلاقا . وفي حديث الحديبية : قد لبسوا لك جلود النمور ، هو كناية عن شدة الحقد والغضب تشبيها بأخلاق النمر وشراسته . ونمر الرجل ونمر وتنمر : غضب ، ومنه لبس له جلد النمر . وأسد أنمر : فيه غبرة وسواد . والنمرة : الحبرة لاختلاف ألوان خطوطها . والنمرة : شملة فيها خطوط بيض وسود . وطير منمر : فيه نقط سود ، وقد يوصف به البرود . ابن الأعرابي : النمرة البلق ، والنمرة العصبة ، والنمرة بردة مخططة ، والنمرة الأنثى من النمر ، الجوهري : والنمرة بردة من صوف يلبسها الأعراب . وفي الحديث : فجاءه قوم مجتابي النمار ، كل شملة مخططة من مآزر الأعراب ، فهي نمرة وجمعها نمار ، كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض ، وهي من الصفات الغالبة ، أراد أنه جاءه قوم لابسي أزر مخططة من صوف . وفي حديث مصعب بن عمير ، رضي الله عنه : أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه نمرة . وفي حديث خباب : لكن حمزة لم يترك له إلا نمرة ملحاء . وفي حديث سعد : نبطي في حبوته ، أعرابي في نمرته ، أسد في تامورته . والنمر والنمير ، كلاهما : الماء الزاكي في الماشية ، النامي ، عذبا كان أو غير عذب . قال الأصمعي : النمير النامي ، وقيل : ماء نمير أي ناجع ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          قد جعلت - والحمد لله - تفر     من ماء عد في جلودها نمر



                                                          أي شربت فعطنت ، وقيل : الماء النمير الكثير ، حكاه ابن كيسان في تفسير قول امرئ القيس :


                                                          غذاها نمير الماء غير المحلل



                                                          وفي حديث أبي ذر ، رضي الله عنه : الحمد لله الذي أطعمنا الخمير وسقانا النمير ، الماء النمير الناجع في الري . وفي حديث معاوية ، رضي الله عنه : خبز خمير وماء نمير . وحسب نمر ونمير : زاك ، والجمع أنمار . ونمر في الجبل نمرا : صعد . وفي حديث الحج : حتى أتى نمرة ، هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم بعرفات . أبو تراب : نمر في الجبل والشجر ونمل إذا علا فيهما . قال الفراء : إذا كان الجمع قد سمي به نسبت إليه فقلت في أنمار : أنماري ، وفي معافر معافري ، فإذا كان الجمع غير مسمى به نسبت إلى واحدة ، فقلت : نقيبي وعريفي ومنكبي . والنامرة : مصيدة تربط فيها شاة للذئب . والنامور : الدم كالتامور . وأنمار : حي من خزاعة ، قال سيبويه : النسب إليه أنماري ؛ لأنه اسم للواحد . الجوهري : ونمير أبو قبيلة من قيس ، وهو نمير بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن . ونمر ونمير : قبيلتان ، والإضافة إلى نمير نميري . قال سيبويه : وقالوا في الجمع النميرون ، استخفوا بحذف ياء الإضافة كما قالوا [ ص: 359 ] الأعجمون . ونمر : أبو قبيلة ، وهو نمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة ، والنسبة إلى نمر بن قاسط نمري ، بفتح الميم ، استيحاشا لتوالي الكسرات لأن فيه حرفا واحدا غير مكسور . ونمارة : اسم قبيلة . الجوهري : ونمر بكسر النون ، اسم رجل ؛ قال :


                                                          تعبدني نمر بن سعد ، وقد أرى     ونمر بن سعد لي مطيع ومهطع



                                                          قال ابن سيده : ونمران ونمارة اسمان . والنميرة : موضع ، قال الراعي :


                                                          لها بحقيل فالنميرة منزل     ترى الوحش عوذات به ومتاليا



                                                          ونمار : جبل ، قال صخر الغي :


                                                          سمعت ، وقد هبطنا من نمار     دعاء أبي المثلم يستغيث



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية