الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 107 ] المسألة ] الحادية عشرة

                                                      كل ما يحتاج إلى [ تأخير البيان ] من عام ، ومجمل ، ومجاز ، ومشترك ، وفعل متردد ، ومطلق لتأخير بيانه حالان : الأول : أن يؤخر عن وقت الحاجة ، وهو الوقت الذي إن أخر البيان عنه لم يتمكن المكلف من المعرفة بما تضمنه الخطاب ، وذلك كل ما كان واجبا على الفور ، كالإيمان ، ورد المغصوب ، والودائع ، لأن الإتيان بالشيء مع عدم العلم به ممتنع بناء على منع تكليف ما لا يطاق ، ومن جوزه أجازه ، لكن لا يقع . ولهذا نقل إجماع أرباب الشرائع على امتناعه . والتعبير بالحاجة لم يستحسنه الأستاذ أبو إسحاق . وقال : هي عبارة تليق بمذهب المعتزلة القائلين بأن بالمؤمنين حاجة إلى التكليف . قال : فالعبارة الصحيحة على مذهبنا أن يقال : تأخير البيان عن وقت وجوب الفعل بالخطاب . انتهى . وهي مشاحة لفظية ، وقد عرف أن المعني بالحاجة كما قال إمام الحرمين : توجه الطلب . وتردد بعضهم : هل معنى التأخير عن وقت الحاجة تأخيره عن زمن يمكن فيه الفعل إلى زمن آخر ممكن ؟ أو معناه تأخيره إلى وقت لا يمكن فيه الفعل كالظهر مثلا ، هل يجب بيانها بمجرد دخول الوقت أو لا يجب إلا إذا ضاق وقتها ؟ ا هـ . والمراد الثاني كما بيناه أولا ، وبه صرح أبو الحسين في " المعتمد " وغيره .

                                                      وقال ابن السمعاني : لا خلاف بين الأمة في امتناع تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى الفعل ، ولا خلاف في جوازه إلى وقت الفعل ، لأن المكلف قد يؤخر النظر ، وقد يخطئ إذا نظر ، فهذان الضربان لا خلاف فيهما . [ ص: 108 ]

                                                      الحال الثاني : أن يؤخر عن وقت ورود الخطاب إلى وقت الحاجة إلى الفعل ، وهو كل ما لم يكن وجوبه على الفور كالحج وغيره ، وهو إما أن يكون لا ظاهر له كالأسماء المتواطئة والمشتركة ، أو له ظاهر وقد استعمل في خلافه ، كتأخير بيان التخصيص ، وتأخير بيان النسخ ، وتأخير بيان الأسماء الشرعية إذا استعملت في غير المسميات الشرعية ، كالصلاة مرادا بها الدعاء ونحوه .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية