الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نهر

                                                          نهر : النهر والنهر : واحد الأنهار ، وفي المحكم : النهر والنهر من مجاري المياه ، والجمع أنهار ونهر ونهور ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          سقيتن ، ما زالت بكرمان نخلة عوامر تجري بينكن نهور



                                                          هكذا أنشده ما زالت ، قال : وأراه ما دامت وقد يتوجه ما زالت على معنى ما ظهرت وارتفعت ، قال النابغة :


                                                          كأن رحلي ، وقد زال النهار بنا     يوم الجليل على مستأنس وحد



                                                          وفي الحديث : نهران مؤمنان ونهران كافران ، فالمؤمنان النيل والفرات . والكافران دجلة ونهر بلخ . ونهر الماء إذا جرى في الأرض وجعل لنفسه نهرا . ونهرت النهر : حفرته . ونهر النهر ينهره نهرا : أجراه . واستنهر النهر : إذا أخذ لمجراه موضعا مكينا . والمنهر : موضع في النهر يحتفره الماء ، وفي التهذيب : موضع النهر . والمنهر : خرق في الحصن نافذ يجري منه الماء ، وهو في حديث عبد الله بن أنس : فأتوا منهرا فاختبأوا . وحفر البئر حتى نهر ينهر أي بلغ الماء ، مشتق من النهر . التهذيب : حفرت البئر حتى نهرت فأنا أنهر أي بلغت الماء . ونهر الماء : إذا جرى في الأرض وجعل لنفسه نهرا . وكل كثير جرى فقد نهر واستنهر . الأزهري : والعرب تسمي العواء والسماك أنهرين لكثرة مائهما . والناهور : السحاب ؛ وأنشد :


                                                          أو شقة خرجت من جوف ناهور



                                                          ونهر واسع : نهر ، قال أبو ذؤيب :


                                                          أقامت به فابتنت خيمة     على قصب وفرات نهر



                                                          والقصب : مجاري الماء من العيون ، ورواه الأصمعي : ( وفرات نهر ) على البدل ومثله لأصحابه فقال : هو كقولك مررت بظريف رجل ، وكذلك ما حكاه ابن الأعرابي من أن ساية واد عظيم فيه أكثر من سبعين عينا نهرا تجري ، إنما النهر بدل من العين . وأنهر الطعنة : وسعها ، قال قيس بن الخطيم يصف طعنة :


                                                          ملكت بها كفي فأنهرت فتقها     يرى قائم من دونها ما وراءها



                                                          ملكت أي شددت وقويت . ويقال : طعنه طعنة أنهر فتقها أي وسعه ؛ وأنشد أبو عبيد قول أبي ذؤيب . وأنهرت الدم أي أسلته . وفي الحديث : أنهروا الدم بما شئتم إلا الظفر والسن ، وفي حديث آخر : ما أنهر الدم فكل ، الإنهار الإسالة والصب بكثرة ، شبه خروج الدم من موضع الذبح بجري الماء في النهر ، وإنما نهى عن السن والظفر لأن من تعرض للذبح بهما خنق المذبوح ولم يقطع حلقه . المنهر : خرق في الحصن نافذ يدخل فيه الماء ، وهو مفعل من النهر ، والميم زائدة . في حديث عبد الله بن سهل : أنه قتل وطرح في منهر من مناهير خيبر . وأما قوله - عز وجل - : إن المتقين في جنات ونهر فقد يجوز أن يعني به السعة والضياء وأن يعني به النهر الذي هو مجرى الماء على وضع الواحد موضع الجميع ؛ قال :


                                                          لا تنكروا القتل وقد سبينا     في حلقكم عظم وقد شجينا



                                                          وقيل في قوله : جنات ونهر أي في ضياء وسعة لأن الجنة ليس فيها ليل إنما هو نور يتلألأ ، وقيل : نهر أي أنهار . وقال أحمد بن يحيى : نهر جمع نهر ، وهو جمع الجمع للنهار . ويقال : هو واحد نهر كما يقال : شعر وشعر ، ونصب الهاء أفصح . وقال الفراء : في جنات ونهر ، معناه أنهار كقوله - عز وجل - : ويولون الدبر أي الأدبار ، وقال أبو إسحاق نحوه وقال : الاسم الواحد يدل على الجميع فيجتزأ به عن الجميع ويعبر بالواحد عن الجمع كما قال تعالى : ويولون الدبر وماء نهر : كثير . وناقة نهرة : كثيرة النهر ؛ عن ابن الأعرابي وأنشد :


                                                          حندلس غلباء مصباح البكر     نهيرة الأخلاف في غير فخر



                                                          حندلس : ضخمة عظيمة . والفخر : أن يعظم الضرع ، فيقل اللبن . وأنهر العرق : لم يرقأ دمه . وأنهر الدم : أظهره وأساله . وأنهر دمه أي أسال دمه . ويقال : أنهر بطنه : إذا جاء بطنه مثل مجيء النهر . وقال أبو الجراح : أنهر بطنه واستطلقت عقده . ويقال : أنهرت دمه وأمرت دمه وهرقت دمه . والمنهرة : فضاء يكون بين بيوت القوم وأفنيتهم يطرحون فيه كناساتهم . وحفروا بئرا فأنهروا : لم يصيبوا خيرا ؛ عن اللحياني : والنهار : ضياء ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، وقيل : من طلوع الشمس إلى غروبها ، وقال بعضهم : النهار انتشار ضوء البصر واجتماعه ، والجمع أنهر ؛ عن ابن الأعرابي ، ونهر عن غيره . الجوهري : النهار ضد الليل ، ولا يجمع كما لا يجمع العذاب والسراب ، فإن جمعت قلت في قليله : أنهر ، وفي الكثير : نهر ، مثل سحاب وسحب . وأنهرنا : من النهار ؛ وأنشد ابن سيده :


                                                          لولا الثريدان لمتنا بالضمر     ثريد ليل وثريد بالنهر



                                                          قال ابن بري : ولا يجمع ، وقال في أثناء الترجمة : النهر جمع نهار هاهنا . وروى الأزهري عن أبي الهيثم قال : النهار اسم وهو ضد الليل ، والنهار اسم لكل يوم ، والليل اسم لكل ليلة ، لا يقال نهار ونهاران ولا ليل وليلان ، إنما واحد النهار يوم ، وتثنيته يومان ، وضد اليوم ليلة ، ثم جمعوه نهرا ؛ وأنشد :


                                                          ثريد ليل وثريد بالنهر



                                                          ورجل نهر : صاحب نهار على النسب ، كما قالوا عمل وطعم وسته ؛ قال :


                                                          لست بليلي ولكني نهر



                                                          قال سيبويه : قوله بليلي يدل أن نهرا على النسب حتى كأنه قال نهاري . ورجل نهر أي صاحب نهار يغير فيه ، قال الأزهري وسمعت العرب تنشد :

                                                          [ ص: 368 ]

                                                          إن تك ليليا فإني نهر     متى أتى الصبح فلا أنتظر



                                                          قال : ومعنى نهر أي صاحب نهار لست بصاحب ليل ، وهذا الرجز أورده الجوهري :


                                                          إن كنت ليليا فإني نهر



                                                          قال ابن بري : البيت مغير ، قال : وصوابه على ما أنشده سيبويه :


                                                          لست بليلي ولكني نهر     لا أدلج الليل ولكن أبتكر



                                                          وجعل نهر في مقابلة ليلي كأنه قال : لست بليلي ولكني نهاري . وقالوا : نهار أنهر كليل أليل ونهار نهر كذلك . كلاهما على المبالغة . واستنهر الشيء أي اتسع . والنهار : فرخ القطا والغطاط ، والجمع أنهرة ، وقيل : النهار ذكر البوم ، وقيل : هو ولد الكروان ، وقيل : هو ذكر الحبارى ، والأنثى ليل . الجوهري : والنهار فرخ الحبارى ، ذكره الأصمعي في كتاب الفرق . والليل : فرخ الكروان ، حكاه ابن بري عن يونس بن حبيب ، قال : وحكى التوزي عن أبي عبيدة أن جعفر بن سليمان قدم من عند المهدي فبعث إلى يونس بن حبيب فقال : إني وأمير المؤمنين اختلفنا في بيت الفرزدق وهو :


                                                          والشيب ينهض في السواد     كأنه ليل يصيح بجانبيه نهار



                                                          ما الليل والنهار ؟ فقال له : الليل هو الليل المعروف ، وكذلك النهار ، فقال جعفر : زعم المهدي أن الليل فرخ الكروان والنهار فرخ الحبارى ، قال أبو عبيدة : القول عندي ما قال يونس ، وأما الذي ذكره المهدي . فهو معروف في الغريب ولكن ليس هذا موضعه . قال ابن بري : قد ذكر أهل المعاني أن المعنى على ما قاله يونس ، وإن كان لم يفسره تفسيرا شافيا وإنه لما قال : ليل يصيح بجانبيه نهار ، فاستعار للنهار الصياح لأن النهار لما كان آخذا في الإقبال والإقدام والليل آخذ في الإدبار ، صار النهار كأنه هازم ، والليل مهزوم ، ومن عادة الهازم أنه يصيح على المهزوم ، ألا ترى إلى قول الشماخ :


                                                          ولاقت بأرجاء البسيطة ساطعا     من الصبح لما صاح بالليل نفرا



                                                          فقال : صاح بالليل حتى نفر وانهزم ، قال : وقد استعمل هذا المعنى ابن هانئ في قوله :


                                                          خليلي هبا فانصراها على الدجى     كتائب حتى يهزم الليل هازم
                                                          وحتى ترى الجوزاء تنثر عقدها     وتسقط من كف الثريا الخواتم



                                                          والنهر : من الانتهار . ونهر الرجل ينهره نهرا وانتهره : زجره . وفي التهذيب : نهرته وانتهرته إذا استقبلته بكلام تزجره عن خبر . قال : والنهر الدغر وهي الخلسة . ونهار : اسم رجل . ونهار بن توسعة : اسم شاعر من تميم . والنهروان : موضع ، وفي الصحاح : نهروان ، بفتح النون والراء ، بلدة ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية