الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5049 [ ص: 45 ] 9 - باب: إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف

                                                                                                                                                                                                                              5364 - حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا يحيى، عن هشام قال: أخبرني أبي، عن عائشة أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم. فقال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". [انظر:2211 - مسلم: 1714 - فتح: 9 \ 507]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث هند السالف.

                                                                                                                                                                                                                              وهو ظاهر فيما ترجم له، وهو حجة لمن قال: تلزمه نفقة ولده وإن كان كبيرا، وخالف فيه مالك; لأنها واقعة عين، ولا عموم في الأفعال، ولعله كان صغيرا أو كبيرا زمنا، وبعض المالكية قال: تلزمه إذا كان زمنا مطلقا. وبعضهم قال بسقوطها إذا بلغ مطلقا، ومذهبه: إن بلغ زمنا بقيت نفقته.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أيضا مسألة الظفر السالفة، وهي جواز الأخذ لمن منع من حقه بقدر ماله عنده ولا إثم عليه فيه; لأنه - عليه السلام - أجاز لهند ما أخذت من مال زوجها بالمعروف.

                                                                                                                                                                                                                              وأصل هذا الحديث في التنزيل في قوله تعالى: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وقد سلف في المظالم اختلافهم في جاحد الوديعة ثم يوجد له مال هل يأخذ عوض حقه أم لا؟

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 46 ] وفيه: أن وصف الإنسان بما فيه من النقص على سبيل التظلم منه والضرورة إلى طلب الانتصاف من حق عليه أنه جائز وليس بغيبة; لأنه - عليه السلام - لم ينكر عليها قولها. واختلف العلماء في مقدار ما يفرض السلطان للزوجة على زوجها: فقال مالك: يفرض لها بقدر كفايتها في اليسر والعسر، ويعتبر حالها من حاله . وبه قال أبو حنيفة، وليست مقدرة.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الشافعي: هي مقدرة باجتهاد الحاكم فيها، وهي معتبر بحاله دونها، فإن كان موسرا فمدان لكل يوم، فإن كان متوسطا فمد ونصف، وإن كان معسرا فمد، فيجب لبنت الخليفة ما يجب لبنت الحارس . حجة مالك والكوفيين في قوله تعالى: لينفق ذو سعة من سعته الآية [الطلاق: 7] ولم يذكر لها تقديرا وقال لهند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" فلم يقدر لها ما تأخذه لولدها وبنتها، فثبت أنها غير مقدرة وأنها على قدر كفايتها، وإنما يجب ذلك كله بالعقد والتمكين، وهو عوض عن الاستمتاع عند العلماء.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية