الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      [ ص: 74 ] ( فصل ويبدأ في القسامة بأيمان المدعين ) عدولا كانوا أو لا نص عليه لقوله صلى الله عليه وسلم { فيحلف خمسون رجلا منكم } ( فيحلفون خمسين يمينا ) لحديث عبد الله بن سهل ( بحضرة الحاكم أنه قتله ) لأنها أقيمت مقام البينة فلا يعتد بها إذا وقعت بغير حضرته .

                                                                                                                      ( و ) إذا حلفوا خمسين يمينا أنه قتله ( ثبت حقهم قبله ) أي المدعى عليه ( فإن لم يحلفوا ) أي المدعون ( حلف المدعى عليه ولو امرأة خمسين يمينا وبرئ ) لقوله صلى الله عليه وسلم في قصة عبد الله بن سهل { أتحلفون وتستحقون قاتلكم قالوا : كيف نحلف ولم نشهد ولم نر ؟ قال : فتبريكم يهود بخمسين يمينا قالوا : كيف نأخذ أقوال قوم كفار ؟ قال : فعقله النبي صلى الله عليه وسلم من عنده } رواه الجماعة .

                                                                                                                      ( ويعتبر حضور المدعى عليه وقت اليمين كالبينة ) أي كما يعتبر حضور المدعى عليه وقت إقامة البينة ( عليه و ) يعتبر ( حضور المدعي أيضا ) وقت اليمين كالمدعى عليه ( وتختص الأيمان بالورثة ) لأنها أيمان في دعوى فلم تشرع في حق غير الوارث كسائر الأيمان ( الذكور ) المكلفين لما تقدم من أنه لا مدخل للنساء والخناثى والصبيان والمجانين ( دون غيرهم ) أي غير الوراث الذكور ( فتقسم ) الأيمان ( بين الرجال من ذوي الفروض والعصبات على قدر إرثهم إن كانوا جماعة ) لأن موجبها الدية وهي تقسم كذلك فكذا يجب أن تقسم هي ( وإن كان ) الوارث رجلا ( واحدا حلفها ) أي الخمسين يمينا ( وإن كانوا ) أي الرجال الوارثون ( خمسين حلف كل واحد ) منهم ( يمينا ) واحدة تعديلا بينهم .

                                                                                                                      ( وإن كانوا أكثر ) من خمسين رجلا ( حلف منهم خمسون ) رجلا ( كل واحد ) منهما ( يمينا ) واحدة لقوله صلى الله عليه وسلم { يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع إليكم برمته } ( وإن كانوا ) أي الوراث ( أقل ) من خمسين رجلا ( فإن انقسمت ) الخمسون عليهم ( من غير كسر مثل أن يخلف المقتول ابنين أو ) خلف ( أخا وزوجا حلف كل واحد منهما خمسة وعشرين يمينا ) لأن ذلك قدر إرث كل منهما ( وإن كان فيها كسر جبر ) الكسر [ ص: 75 ] ( عليهم كزوج وابن يحلف الزوج ثلاثة عشر يمينا و ) يحلف ( الابن ثمانية وثلاثين ) يمينا لأن تكميل الخمسين واجب ولا يمكن تبعيضها والجبر في كل واحد لعدم المزية فالزوج له الربع اثنا عشر ونصف فيكمل والابن له الباقي وهو سبع وثلاثون ونصف فيكمل فيصير كما ذكر .

                                                                                                                      ( وإن كانوا ) أي الوراث ( ثلاثة بنين حلف كل واحد ) منهم ( سبعة عشر ) يمينا لأن لكل ابن ثلاثة أيمان ستة عشر يمينا وثلثين ثم يكمل ( وإن كان فيهم ) أي الوراث ( من لا قسامة عليه لحال كالنساء ) الخناثى ( سقط حكمه ) لأنه لا مدخل له في القسامة ( فابن وبنت يحلف الابن خمسين ) يمينا كما لو لم تكن البنت ( وأخ وأخت لأب وأم ) أو لأب فقط ( وأخ وأخت لأم ) فقط ( قسمت الأيمان بين الأخوين ) دون الأختين ( على أحد عشر ) لأنها سهام الأخوين من مصحح المسألة فإن أصلها من ثلاثة مخرج الثلث لولدي الأم واحد لا ينقسم عليها ولولدي الأبوين أو لأب اثنان لا ينقسمان على ثلاثة والاثنان والثلاثة متباينان مسطحهما ستة هي جزء السهم فاضربها في ثلاثة يحصل ثمانية عشر ومنها تصح حصة الأخ لأبوين أو لأب ثمانية وحصة الأخ لأم ثلاثة ومجموع ذلك أحد عشر .

                                                                                                                      فلذلك قال ( على الأخ من الأبوين ) أو لأب ( ثمانية وعلى الأخ لأم ثلاثة ) فيحصل في قسمة الخمسين على الأحد عشر كسر ( ثم يجبر الكسر عليهما فيحلف الأخ من الأب سبعا وثلاثين و ) يحلف الأخ ( الآخر ) وهو الأخ من الأم فقط ( أربع عشرة ) يمينا .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية