الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          829 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ونستحب أن يكثر من التلبية من حين الإحرام فما بعده دائما في حال الركوب ، والمشي ، والنزول ، وعلى كل حال ، ويرفع الرجل والمرأة صوتهما بها ولا بد ، وهو فرض - ولو مرة - وهي : لبيك ، اللهم لبيك ، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك .

                                                                                                                                                                                          نا أحمد بن محمد بن الجسور نا أحمد بن الفضل الدينوري نا محمد بن جرير الطبري حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي نا يعقوب بن محمد نا محمد بن موسى نا إسحاق بن سعيد بن جبير عن جعفر بن حمزة بن أبي داود المازني عن أبيه عن جده أبي داود - وهو بدري - قال { خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج ، فلما كان بذي الحليفة صلى في المسجد أربع ركعات ، ثم لبى دبر الصلاة ، ثم خرج إلى باب المسجد ، فإذا راحلته قائمة فلما انبعثت به أهل ثم مضى ، فلما علا البيداء أهل } .

                                                                                                                                                                                          قال علي : ومن حيث أهل أجزأه لأنه فعل لا أمر - : نا عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج حدثني حرملة بن يحيى أنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال : إن سالم بن عبد الله بن عمر أخبرني عن أبيه قال : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبيا يقول : لبيك ، اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك [ ص: 82 ] لبيك إن الحمد والنعمة لك ، والملك لا شريك لك } لا يزيد على هؤلاء الكلمات " .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وقد روى غيره الزيادة ، ومن زاد ذكر الله تعالى فحسن ، ومن اختصر على هذه فحسن ، كل ذلك ذكر حسن - : نا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب نا قتيبة بن سعيد نا حميد بن عبد الرحمن عن عبد العزيز بن أبي سلمة هو ابن الماجشون - عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة قال : { كان من تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك إله الحق } .

                                                                                                                                                                                          قال أحمد بن شعيب ما نعلم أحدا أسنده إلا عبد الله بن الفضل وهو ثقة - : نا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أنا إسحاق بن راهويه نا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن خلاد بن السائب عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { جاءني جبريل فقال لي : يا محمد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية } .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : هذا أمر ، وقال بعض الناس : يكره رفع الصوت .

                                                                                                                                                                                          قال علي : وهذا خلاف للسنة ; وقال بعضهم : لا ترفع المرأة .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : هذا خطأ وتخصيص بلا دليل ، وقد كان الناس يسمعون كلام أمهات المؤمنين ولا حرج في ذلك ، وقد روي عنهن وهن في حدود العشرين سنة وفويق ذلك ; ولم يختلف أحد في جواز ذلك واستحبابه - : روينا من طريق سعيد بن منصور نا هشيم أنا حميد هو ابن عبد الرحمن - عن بكر بن عبد الله المزني قال : سمعت ابن عمر يرفع صوته بالتلبية حتى أني لأسمع دوي صوته بين الجبال - : وبه إلى هشيم أنا الفضل بن عطية نا أبو حازم قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحرموا لم يبلغوا الروحاء حتى تبح أصواتهم . [ ص: 83 ] ومن طريق وكيع نا إبراهيم بن نافع قال : قدمت امرأة أعجمية فخرجت مع الناس ولم تهل بشيء إلا أنها كانت تذكر الله تعالى ، فقال عطاء : لا يجزئها .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ابن أبي شيبة نا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه قال : خرج معاوية ليلة النفر فسمع صوت تلبية فقال : من هذا ؟ قيل : عائشة أم المؤمنين اعتمرت من التنعيم فذكر ذلك لعائشة فقالت عائشة : لو سألني لأخبرته ; فهذه أم المؤمنين ترفع صوتها حتى يسمعها معاوية في حاله التي كان فيها .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : قد روي عن ابن عباس : لا ترفع المرأة صوتها بالتلبية - وعن ابن عمر : ليس على النساء أن يرفعن أصواتهن بالتلبية ؟ قلنا : رواية ابن عمر هي من طريق عيسى بن أبي عيسى الحناط وهو ضعيف ، ورواية ابن عباس هي من طريق إبراهيم بن أبي حبيبة وهو ضعيف ولو صحا لكانت رواية عائشة موافقة للنص .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية