الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن ملك نصابا من السائمة للتجارة ، فعليه زكاة التجارة دون السوم ، وإن لم يبلغ قيمتها نصاب التجارة ، فعليه زكاة السوم ، وإذا اشترى أرضا ونخلا للتجارة ، فأثمرت النخل ، وزرعت الأرض ، فعليه فيهما العشر ، ويزكي الأصل للتجارة ، وقال القاضي : يزكي الجميع زكاة القيمة ، ولا عشر عليه إلا أن يسبق وجوب العشر حول التجارة فيخرجه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن ملك نصابا من السائمة للتجارة ، فعليه زكاة التجارة ) ؛ لأن وضعها على التقلب ، فهي تزيل سبب زكاة السوم ، وهو الاقتناء لطلب النماء معه ، واقتصر في " المغني " ، و " الشرح " على التعليل بالأحظ ، فلذلك وجبت ( دون ) زكاة ( السوم ) ، وقيل : يجب زكاة السوم ؛ لأنها أقوى للإجماع وتعلقها بالعين ، وقيل : يعتبر الأحظ منهما للفقراء ، اختاره المجد ، ففي أربعين أو خمسين حقة أو جذعة أو ثنية أو إحدى وستين جذعة أو ثنية ، أو مائة من الغنم زكاة التجارة أحظ لزيادتها بزيادة القيمة من غير وقص ، وفي ست وثلاثين بنت مخاض أو بنت لبون زكاة السوم ، وفي إحدى وستين دون الجذعة ، أو خمسين بنت مخاض ، أو بنت لبون ، أو خمس وعشرين حقة ، أو خمس من الإبل يجب الأحظ من زكاة التجارة أو السوم ، وفي " الروضة " يزكي النصاب للعين ، والوقص للقيمة ، وهذا كله اتفق حولاهما أو لا في وجه ؛ وهو ظاهر كلام أحمد ، وجزم به المؤلف ، وقيل : يقدم السابق ، اختاره المجد ، لأنه وجد سبب زكاته بلا معارض ( وإن لم يبلغ قيمتها نصاب التجارة ) كمن ملك أربعين شاة ، قيمتها دون مائتي درهم ( فعليه زكاة السوم ) بغير خلاف ؛ لوجود سبب الزكاة فيه بلا معارض ، وقيل : يغلب ما يغلب إذا اجتمع النصابان ، ولو سقطت ، ذكره المجد ، وجزم جماعة بأنه إن نقص نصاب السوم ، كمن ملك أربعا من [ ص: 382 ] الإبل قيمتها مائتا درهم ، وجبت زكاة التجارة ، فأما إن سبق جري السوم بأن كانت قيمته دون نصاب في بعض الحول فلا زكاة حتى يتم الحول من بلوغ النصاب في ظاهر كلام أحمد ، قال القاضي : يتأخر وجوب الزكاة حتى يتم حول التجارة ؛ لأنه أنفع للفقراء ، وفيه وجه : تجب زكاة السوم عند تمام حولها لوجود مقتضيها ، إذ لا يمكن إيجاب زكاتين بكمالهما ، لأنه يفضي إلى إيجاب في حول واحد بسبب واحد ، فلم يجز ، بخلاف زكاة التجارة ، والفطر في العبد الذي للتجارة ؛ لأنهما يجتمعان بسببين مختلفين ( وإذا اشترى أرضا أو نخلا للتجارة ، فأثمرت النخل ، وزرعت الأرض ، فعليه فيهما العشر ) أي : في الثمر والزرع بشرطه ( ويزكي الأصل ) أي : الأرض والنخل ( للتجارة ) جزم به " الوجيز " لأنهما عينان تجب في أحدهما زكاة العين ؛ وهو أحظ للفقراء ؛ إذ العشر أحظ من ربعه ، وفي الأخرى زكاة القيمة حال الانفراد ، فكذا عند الاجتماع ، وحينئذ فمراده إذا اتفق حولاهما ، قاله في " الشرح " ( وقال القاضي ) وأصحابه ( يزكي الجميع زكاة القيمة ) إذا تم الحول ، نص عليه ، وقدمه في " المحرر " ، و " الفروع " ؛ وهو المذهب ؛ لأنه مال تجارة ، فوجبت زكاتها كالسائمة ، ولا شك أن الثمر والزرع جزء الخارج منه ، فوجب أن يقوم مع الأصل ، كالسخال ، والربح المتجدد إذا كانت الأصول للتجارة ( ولا عشر عليه ) ؛ لأنه لو وجب لاجتمع في مال واحد زكاتان ، وفيه ضرر بالمالك ؛ وهو منفي شرعا ( إلا أن يسبق وجوب العشر حول التجارة فيخرجه ) أي : فيخرج العشر لوجود سببه من غير معارض ؛ وهو أحظ للفقراء ، وكان الأنسب للمؤلف أن يقدم ذلك على قول القاضي ، [ ص: 383 ] ولعله أراد أن يحل الخلاف فيها ، ثم يذكر المستثنى ؛ لأنه من المعلوم أن من أوجب من الجميع زكاة القيمة لم يوجب العشر ، ولم يعتبر سبق أحدهما ، واعتراض ابن المنجا عليه بأنه قدم غير المذهب اعتبارا بما ذكره في " المغني " من إيماء أحمد إليه ليس بجيد ؛ إذ التقديم بحسب ما ظهر له من الدليل ، ويعضده أنه قول أكثر العلماء ، وقيل : بزكاة العشور هنا ؛ لكثرة الواجب ، لعدم الوقص ، والخلف في اعتبار النصاب .

                                                                                                                          تنبيه : يستأنف حول التجارة على زرع وثمر من حصاد وجذاذ ؛ لأن به ينتهي وجوب العشر الذي لولاه لجريا في حول التجارة ، وقيل : لا يستأنفه إلا بثمنها إن بيعا كمال القنية ، وإن اختلف وقت الوجوب ، أو وجد نصاب أحدهما فكمسألة سائمة التجارة ، وإن زرع بذر تجارة في أرض قنية ، فهل يزكى الزرع زكاة عشر ، أو قيمة ؛ فيه خلاف ، وفي بذر قنية العشر أو في أرضه للتجارة القيمة ، وإن كان الثمر والزرع لا زكاة فيه ضم قيمة الثمر والآخر إلى قيمة الأصل من الحول كربح ونتاج ، وقيل : لا .




                                                                                                                          الخدمات العلمية