الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نوش

                                                          نوش : ناشه بيده ينوشه نوشا : تناوله ، قال دريد بن الصمة :


                                                          فجئت إليه والرماح تنوشه كوقع الصياصي في النسيج الممدد



                                                          والانتياش مثله ، قال الراجز :


                                                          باتت تنوش العنق انتياشا



                                                          وتناوشه كناشه . وفي التنزيل : وأنى لهم التناوش من مكان بعيد أي فكيف لهم أن يتناولوا ما بعد عنهم من الإيمان وامتنع بعد أن كان مبذولا لهم مقبولا منهم . وقال ثعلب : التناوش ، بلا همز ، الأخذ من قرب ، والتناؤش بالهمز من بعد ، وقد تقدم ذكره أول الفصل . وقال أبو حنيفة : التناوش بالواو من قرب . قال الله تعالى : وأنى لهم التناوش من مكان بعيد قال أبو عبيد : التناوش بغير همز التناول والنوش مثله ، نشت أنوش نوشا . قال الفراء : وأهل الحجاز تركوا همز التناوش . وجعلوه من نشت الشيء : إذا تناولته . وقد تناوش القوم في القتال : إذا تناول بعضهم بعضا بالرماح ولم يتدانوا كل التداني . وفي حديث قيس بن عاصم : كنت أناوشهم وأهاوشهم في الجاهلية أي أقاتلهم ، وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي : التناؤش . بالهمز يجعلوه من نأشت وهو البطء ؛ وأنشد :


                                                          وجئت نئيشا بعدما فاتك الخبر



                                                          أي بطيئا متأخرا . من همز فمعناه كيف لهم بالحركة فيهما لا جدوى له ، وقد ذكر ذلك في ترجمة نأش . قال الزجاج : التناوش بغير همز التناول ؛ المعنى وكيف لهم أن يتناولوا ما كان مبذولا لهم وكان قريبا منهم فكيف يتناولونه حين بعد عنهم يعني الإيمان بالله كان قريبا في الحياة فضيعوه ، قال : ومن همز فهو الحركة في إبطاء ، والمعنى من أين لهم أن يتحركوا فيما لا حيلة لهم فيه ، الجوهري : يقول أنى لهم تناول الإيمان في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا ، قال : ولك أن تهمز الواو كما يقال أقتت ووقتت . وقرئ بهما جميعا . ونشت من الطعام شيئا : أصبت . وفي الحديث : يقول الله : يا محمد نوش العلماء اليوم في ضيافتي ، التنويش للدعوة : الوعد وتقدمته ، قال ابن الأثير : قاله أبو موسى . وناشت الظبية الأراك : تناولته ، قال أبو ذؤيب :


                                                          فما أم خشف بالعلاية شادن     تنوش البرير حيث طاب اهتصارها



                                                          والناقة تنوش الحوض بفيها ، كذلك ، قال غيلان بن حريث :


                                                          فهي تنوش الحوض نوشا من علا     نوشا به تقطع أجواز الفلا



                                                          الضمير في قوله ( فهي ) للإبل . وتنوش الحوض : تتناول ملأه . وقوله ( من علا ) أي من فوق يريد أنها عالية الأجسام طوال الأعناق ، وذلك النوش الذي تناله هو الذي يعينها على قطع الفلوات ، والأجواز جمع جوز وهو الوسط ، أي تتناول ماء الحوض من فوق وتشرب شربا كثيرا وتقطع بذلك الشرب فلوات فلا تحتاج إلى ماء آخر . وانتاشته فيهما : كناشته ، قال : ومنه المناوشة في القتال . ويقال للرجل إذا تناول رجلا ليأخذ برأسه ولحيته : ناشه ينوشه نوشا . ورجل نووش أي ذو بطش . ونشت الرجل نوشا : أنلته خيرا أو شرا . وفي الصحاح : نشته خيرا أي أنلته . وفي حديث علي - عليه السلام - وسئل عن الوصية فقال : الوصية نوش بالمعروف أي يتناول الموصي الموصى له بشيء من غير أن يجحف بماله . وقد ناشه ينوشه نوشا : إذا تناوله وأخذه ، ومنه حديث قتيلة أخت النضر بن الحرث :


                                                          ظلت سيوف بني أبيه تنوشه     لله أرحام هناك تشقق



                                                          أي تتناوله وتأخذه . وفي حديث عبد الملك لما أراد الخروج إلى مصعب بن الزبير ناشت به امرأته وبكت فبكت جواريها ، أي تعلقت به . وفي حديث عائشة تصف أباها - رضي الله عنهما : فانتاش الدين بنعشه . أي استدركه واستنقذه وتناوله وأخذه من مهواته ، وقد يهمز من النئيش وهو حركة في إبطاء . يقال : نأشت الأمر أنأشه وانتأش ، قال : والأول أوجه . ونشت الشيء نوشا : طلبته . وانتشت الشيء : استخرجته ؛ قال :


                                                          وانتاش عائنه من أهل ذي قار



                                                          ويقال : انتاشني فلان من الهلكة أي أنقذني بغير همز بمعنى تناولني . وناوش الشيء : خالطه ، عن ابن الأعرابي وبه فسر قول أبي العارم وذكر غيثا ، فقال : فما زلنا كذلك حتى ناوشنا الدو أي خالطناه . وناقة منوشة اللحم : إذا كانت رقيقة اللحم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية