الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قوله وكان عرشه على الماء

                                                                                                                                                                                                        4407 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل أنفق أنفق عليك وقال يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار وقال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع اعتراك افتعلك من عروته أي أصبته ومنه يعروه واعتراني آخذ بناصيتها أي في ملكه وسلطانه عنيد وعنود وعاند واحد هو تأكيد التجبر استعمركم جعلكم عمارا أعمرته الدار فهي عمرى جعلتها له نكرهم وأنكرهم واستنكرهم واحد حميد مجيد كأنه فعيل من ماجد محمود من حمد سجيل الشديد الكبير سجيل وسجين واللام والنون أختان وقال تميم بن مقبل

                                                                                                                                                                                                        ورجلة يضربون البيض ضاحية ضربا تواصى به الأبطال سجينا

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 202 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 202 ] قوله : باب قوله وكان عرشه على الماء ذكر فيه حديث أبي هريرة ، وفيه قوله " وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع " وسيأتي شرحه في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى ، وقوله " لا يغيضها " بالغين المعجمة والضاد المعجمة الساقطة أي لا ينقصها ، وسحاء بمهملتين مثقلا ممدود أي دائمة ، ويروي سحا بالتنوين فكأنها لشدة امتلائها تغيض أبدا ، ( والليل والنهار ) بالنصب على الظرفية ، والميزان كناية عن العدل

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( اعتراك افتعلك من عروته أي أصبته ، ومنه يعروه واعتراني ) هو كلام أبي عبيدة ، وقد تقدم شرحه في فرض الخمس ، وثبت هنا للكشميهني وحده ، ووقع في بعض النسخ اعتراك افتعلت بمثناة في آخره وهو كذلك عند أبي عبيدة ، واعترى افتعل من عراه يعروه إذا أصابه ، وقوله : إن نقول إلا اعتراك ما بعد إلا مفعول بالقول قبله ولا يحتاج إلى تقدير محذوف كما قدره بعضهم أي ما نقول إلا هـذا اللفظ ، فالجملة محكية ، نحو ما قلت إلا زيد قائم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( آخذ بناصيتها في ملكه وسلطانه ) هو كلام أبي عبيدة أيضا وقد تقدم في بدء الخلق وثبت هنا للكشميهني وحده .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عنيد وعنود وعاند واحد ، هو تأكيد التجبر ) هو قول أبي عبيدة بمعناه ، لكن قال : وهو العادل عن الحق وقال ابن قتيبة : المعارض المخالف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( استعمركم جعلكم عمارا ، أعمرته الدار فهي عمرى ) سقط هذا لغير أبي ذر ، وقد تقدم شرحه في كتاب الهبة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( نكرهم وأنكرهم واستنكرهم واحد ) هو قول أبي عبيدة وأنشد :

                                                                                                                                                                                                        وأنكرتني وما كان الذي نكرت

                                                                                                                                                                                                        .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حميد مجيد كأنه فعيل من ماجد محمود من حمد ) كذا وقع هنا ، والذي في كلام أبي عبيدة : حميد مجيد أي محمود ماجد ، وهذا هو الصواب ، والحميد فعيل من حمد فهو حامد أي يحمد من يطيعه ، [ ص: 203 ] أو هو حميد بمعنى محمود ، والمجيد فعيل من مجد بضم الجيم يمجد كشرف يشرف وأصله الرفعة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سجيل الشديد الكبير ، سجيل وسجين واحد ، واللام والنون أختان . وقال تميم بن مقبل : ورجلة يضربون البيض ضاحية ضربا تواصى به الأبطال سجينا هو كلام أبي عبيدة بمعناه ، قال في قوله تعالى حجارة من سجيل هو الشديد من الحجارة الصلب ، ومن الضرب أيضا قال ابن مقبل ، فذكره . قال : وقوله سجيلا أي شديدا ، وبعضهم يحول اللام نونا . وقال في موضع آخر : السجيل الشديد الكثير . وقد تعقبه ابن قتيبة بأنه لو كان معنى السجيل الشديد لما دخلت عليه من وكان يقول حجارة سجيلا لأنه لا يقال حجارة من شديد ، ويمكن أن يكون الموصوف حذف . وأنشد غير أبي عبيدة البيت المذكور فأبدل قوله " ضاحية " بقوله " عن عرض " وهو بضمتين وضاد معجمة ، وسيأتي قول ابن عباس ومن تبعه أن الكلمة فارسية في تفسير سورة الفيل ، وقد قال الأزهري : إن ثبت أنها فارسية فقد تكلمت بها العرب فصارت ، وقيل هو اسم لسماء الدنيا ، وقيل بحر معلق بين السماء والأرض نزلت منه الحجارة ، وقيل هي جبال في السماء .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        تميم بن مقبل هو ابن خبيب بن عوف بن قتيبة بن العجلان بن كعب بن عامر بن صعصعة العامري ثم العجلاني ، شاعر مخضرم أدرك في الجاهلية والإسلام ، وكان أعرابيا جافيا ، وله قصة مع عمر ، ذكره المرزباني " ورجلة بفتح الراء ويجوز كسرها على تقدير ذوي رجلة والجيم ساكنة ، وحكى ابن التين في هذا الحاء المهملة ، والبيض بفتح الموحدة جمع بيضة وهي الخوذة ، أو بكسرها جمع أبيض وهو السيف " فعلى الأول المراد مواضع البيض وهي الرءوس ، وعلى الثاني المراد يضربون بالبيض على نزع الخافض والأول أوجه . وضاحية أي ظاهرة ، أو المراد في وقت الضحوة . وتواصى أصله تتواصى فحذفت إحدى التاءين ، وروي تواصت بمثناة بدل التحتانية في آخره ، وقوله سجينا بكسر المهملة وتشديد الجيم ، قال الحسن بن المظفر : هو فعيل من السجن كأنه يثبت من وقع فيه فلا يبرح مكانه ، وعن ابن الأعرابي أنه رواه بالخاء المعجمة بدل الجيم أي ضربا حارا .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية