الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نيب

                                                          نيب : الناب مذكر : من الأسنان . ابن سيده : الناب هي السن التي خلف الرباعية ، وهي أنثى . قال سيبويه : أمالوا نابا في حد الرفع تشبيها له بألف رمى ؛ لأنها منقلبة عن ياء وهو نادر ، يعني أن الألف المنقلبة عن الياء والواو إنما تمال إذا كانت لاما ، وذلك في الأفعال خاصة ، وما جاء من هذا في الاسم كالمكا نادر ، وأشذ منه ما كانت ألفه منقلبة عن ياء عينا ، والجمع أنيب ، عن اللحياني ، وأنياب ونيوب وأناييب ، الأخيرة عن سيبويه ، جمع الجمع كأبيات وأباييت . ورجل أنيب : غليظ الناب لا يضغم شيئا إلا كسره ، عن ثعلب وأنشد :


                                                          فقلت تعلم أنني غير نائم إلى مستقل بالخيانة أنيبا



                                                          ونيوب نيب على المبالغة قال :


                                                          مجوبة جوب الرحى لم تثقب     تعض منها بالنيوب النيب



                                                          ونبته : أصبت نابه واستعار بعضهم الأنياب للشر ، وأنشد ثعلب :


                                                          أفر حذار الشر والشر تاركي     وأطعن في أنيابه وهو كالح



                                                          والناب والنيوب : الناقة المسنة سموها بذلك حين طال نابها وعظم ، مؤنثة أيضا . وهو مما سمي فيه الكل باسم الجزء ، وتصغير الناب من الإبل : نييب بغير هاء ، وهذا على نحو قولهم للمرأة : ما أنت إلا بطين ، وللمهزولة : إبرة الكعب وإشفى المرفق . والنيوب : كالناب ، وجمعهما معا أنياب ونيوب ونيب ، فذهب سيبويه إلى أن نيبا جمع ناب ، وقال : بنوها على فعل ، كما بنوا الدار على فعل ، كراهية نيوب ؛ لأنها ضمة في ياء ، وقبلها ضمة وبعدها واو ، فكرهوا ذلك ، وقالوا فيها أيضا : أنياب كقدم وأقدام هذا قوله ، قال ابن سيده : والذي عندي أن أنيابا جمع ناب ، على ما فعلت في هذا النحو ، كقدم وأقدام ، وأن نيبا جمع نيوب كما حكى هو عن يونس ، أن من العرب من يقول صيد وبيض في جمع صيود وبيوض ، على من قال : رسل وهي التميمية ، ويقوي مذهب [ ص: 397 ] سيبويه أن نيبا ، لو كانت جمع نيوب ، لكانت خليقة بنيب ، كما قالوا في صيود : صيد ، وفي بيوض : بيض ؛ لأنهم لا يكرهون في الياء ، من هذا الضرب كما يكرهون في الواو لخفتها وثقل الواو ، فإن لم يقولوا : نيب ، دليل على أن نيبا جمع ناب ، كما ذهب إليه سيبويه ، وكلا المذهبين قياس إذا صحت نيوب ، وإلا فنيب جمع ناب ، كما ذهب إليه سيبويه قياسا على دور . ونابه ينيبه أي أصاب نابه . ونيب سهمه أي عجم عوده ، وأثر فيه بنابه . والناب : المسنة من النوق . وفي الحديث : لهم من الصدقة الثلب والناب . وفي الحديث أنه قال لقيس بن عاصم : كيف أنت عند القرى ؟ قال : ألصق بالناب الفانية ، والجمع النيب . وفي المثل : لا أفعل ذلك ما حنت النيب ، قالمنظور بن مرثد الفقعسي :


                                                          حرقها حمض بلاد فل     فما تكاد نيبها تولي



                                                          أي ترجع من الضعف وهو فعل مثل أسد وأسد ، وإنما كسروا النون لتسلم الياء ، ومنه حديث عمر : أعطاه ثلاثة أنياب جزائر ، والتصغير نييب ، يقال : سميت لطول نابها ، فهو كالصفة فلذلك لم تلحقه الهاء لأن الهاء لا تلحق تصغير الصفات . تقول منه : نيبت الناقة أي صارت هرمة ، ولا يقال للجمل ناب . قال سيبويه : ومن العرب من يقول في تصغير ناب : نويب ، فيجيء بالواو لأن هذه الألف يكثر انقلابها من الواوات ، وقال ابن السراج : هذا غلط منه . قال ابن بري : ظاهر هذا اللفظ أن ابن السراج غلط سيبويه فيما حكاه ، قال : وليس الأمر كذلك وإنما قوله : وهو غلط منه من تتمة كلام سيبويه إلا أنه قال : منهم ، وغيره ابن السراج فقال : منه ، فإن سيبويه قال : وهذا غلط منهم أي من العرب الذين يقولونه كذلك . وقول ابن السراج غلط منه هو بمعنى غلط من قائله ، وهو من كلام سيبويه ليس من كلام ابن السراج . وقال اللحياني : الناب من الإبل مؤنثة لا غير ، وقد نيبت وهي منيب . وفي حديث زيد بن ثابت : أن ذئبا نيب في شاة ، فذبحوها بمروة أي أنشب أنيابه فيها . والناب : السن التي خلف الرباعية . وناب القوم : سيدهم . والناب : سيد القوم وكبيرهم ، وأنشد أبو بكر قول جميل :


                                                          رمى الله في عيني بثينة بالقذى     وفي الغر من أنيابها بالقوادح



                                                          قال : أنيابها ساداتها أي رمى الله بالهلاك والفساد في أنياب قومها وساداتها إذ حالوا بينها وبين زيارتي ، وقوله :


                                                          رمى الله في عيني بثينة بالقذى



                                                          كقولك : سبحان الله ما أحسن عينها . ونحو منه : قاتله الله ما أشجعه ، وهوت أمه ما أرجله . وقالت الكندية ترثي إخوتها :


                                                          هوت أمهم ما ذامهم يوم صرعوا     بنيسان من أنياب مجد تصرما



                                                          ويقال : فلان جبل من الجبال إذا كان عزيزا ، وعز فلان يزاحم الجبال ؛ وأنشد :


                                                          أللبأس أم للجود أم لمقاوم     من العز يزحمن الجبال الرواسيا



                                                          ونيب النبت وتنيب : خرجت أرومته ، وكذلك الشيب قال ابن سيده : وأراه على التشبيه بالناب ، قال مضرس :


                                                          فقالت أما ينهاك عن تبع الصبا     معاليك والشيب الذي قد تنيبا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية