الباب الخامس .
: في
nindex.php?page=treesubj&link=1979_32082كلام المحتضرين من الخلفاء والأمراء والصالحين .
لما حضرت
معاوية بن أبي سفيان الوفاة قال : أقعدوني ، فأقعد فجعل يسبح الله تعالى ويذكره ، ثم بكى ، وقال : تذكر ربك يا
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بعد الهرم والانحطاط إلا ، كان هذا وغصن الشباب نضر ريان ، وبكى حتى علا بكاؤه ، وقال : يا رب ارحم الشيخ العاصي ذا القلب القاسي ، اللهم أقل العثرة واغفر الزلة وعد بحلمك على من لا يرجو غيرك ، ولم يثق بأحد سواك .
وروي عن شيخ من قريش أنه دخل مع جماعة عليه في مرضه فرأوا في جلده غضونا فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فهل الدنيا أجمع إلا ما جربنا ورأينا أما والله لقد استقبلنا زهرتها بجدتنا وباستلذاذنا بعيشنا فما لبثت الدنيا أن نقضت ذلك منا حالا بعد حال ، وعروة بعد عروة ، فأصبحت الدنيا وقد وترتنا وأخلفتنا واستلأمت إلينا أف ، للدنيا من دار ، ثم أف لها من دار .
ويروى أن آخر خطبة خطبها
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية أن قال : أيها الناس إني من زرع قد استحصد وإني قد وليتكم ولن يليكم أحد من بعدي إلا وهو شر مني كما كان من قبلي خيرا مني ويا
يزيد nindex.php?page=treesubj&link=31711إذا وفي أجلي فول غسلي رجلا لبيبا ، فإن اللبيب من الله بمكان ، فلينعم الغسل وليجهر بالتكبير ، ثم اعمد إلى منديل في الخزانة فيه ثوب من ثياب النبي صلى الله عليه وسلم وقراضة من شعره وأظفاره فاستودع القراضة أنفي وفمي وأذني وعيني واجعل الثوب على جلدي دون أكفاني ، ويا يزيد ، احفظ وصية الله في الوالدين ، فإذا أدرجتموني في جديدي ووضعتموني في حفرتي فخلوا
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية وأرحم الراحمين وقال
محمد بن عتبة لما نزل
بمعاوية الموت قال : يا ليتني كنت رجلا من قريش بذي طوى وإني لم أل من هذا الأمر شيئا .
ولما حضرت
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان الوفاة نظر إلى غسال بجانب
دمشق يلوي ثوبا بيده ثم يضرب به المغسلة ، فقال
عبد الملك : ليتني كنت غسالا آكل من كسب يدي يوما بيوم ، ولم أل من أمر الدنيا شيئا ، فبلغ ذلك أبا حازم فقال : الحمد لله الذي جعلهم إذا حضرهم الموت يتمنون ما نحن فيه ، وإذا حضرنا الموت لم نتمن ما هم فيه .
وقيل
لعبد الملك بن مروان في مرضه الذي مات فيه كيف تجدك يا أمير المؤمنين ؟ قال : أجدني كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=94ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم الآية ومات .
وقالت
فاطمة بنت عبد الملك بن مروان امرأة
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز كنت أسمع
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في مرضه الذي مات فيه يقول : اللهم أخف عليهم موتي ولو ساعة من نهار ، فلما كان اليوم الذي قبض فيه خرجت من عنده فجلست في بيت آخر بيني وبينه باب وهو في قبة له ، فسمعته يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=83تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ثم هدأ فجعلت لا أسمع له حركة ولا كلاما فقلت : لوصيف له انظر أنائم هو ؟ فلما دخل صاح ، فوثبت فإذا هو ميت .
وقيل له لما حضره الموت: اعهد يا أمير المؤمنين ، قال أحذركم : مثل مصرعي هذا فإنه لا بد لكم منه .
الْبَابُ الْخَامِسُ .
: فِي
nindex.php?page=treesubj&link=1979_32082كَلَامِ الْمُحْتَضَرِينَ مِنَ الْخُلَفَاءِ وَالْأُمَرَاءِ وَالصَّالِحِينَ .
لَمَّا حَضَرَتْ
مُعَاوِيَةَ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْوَفَاةُ قَالَ : أَقْعِدُونِي ، فَأُقْعِدَ فَجَعَلَ يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى وَيَذْكُرُهُ ، ثُمَّ بَكَى ، وَقَالَ : تَذْكُرُ رَبَّكَ يَا
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ بَعْدَ الْهَرَمِ وَالِانْحِطَاطِ إِلَّا ، كَانَ هَذَا وَغُصْنُ الشَّبَابِ نَضِرٌ رَيَّانُ ، وَبَكَى حَتَّى عَلَا بُكَاؤُهُ ، وَقَالَ : يَا رَبِّ ارْحَمِ الشَّيْخَ الْعَاصِيَ ذَا الْقَلْبِ الْقَاسِي ، اللَّهُمَّ أَقِلِ الْعَثْرَةَ وَاغْفِرِ الزَّلَّةَ وَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلَى مَنْ لَا يَرْجُو غَيْرَكَ ، وَلَمْ يَثِقْ بِأَحَدٍ سِوَاكَ .
وَرُوِيَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ جَمَاعَةٍ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ فَرَأَوْا فِي جِلْدِهِ غُضُونًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَهَلِ الدُّنْيَا أَجْمَعُ إِلَّا مَا جَرَّبْنَا وَرَأَيْنَا أَمَا وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَقْبَلْنَا زَهْرَتَهَا بِجِدَّتِنَا وَبِاسْتِلْذَاذِنَا بِعَيْشِنَا فَمَا لَبِثَتِ الدُّنْيَا أَنْ نَقَضَتْ ذَلِكَ مِنَّا حَالًا بَعْدَ حَالٍ ، وَعُرْوَةً بَعْدَ عُرْوَةٍ ، فَأَصْبَحَتِ الدُّنْيَا وَقَدْ وَتَرَتْنَا وَأَخْلَفَتْنَا وَاسْتَلْأَمَتْ إِلَيْنَا أُفٍّ ، لِلدُّنْيَا مِنْ دَارٍ ، ثُمَّ أُفٍّ لَهَا مَنْ دَارٍ .
وَيُرْوَى أَنَّ آخِرَ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةُ أَنْ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي مَنْ زَرَعَ قَدِ اسْتَحْصَدَ وَإِنِّي قَدْ وَلِيتُكُمْ وَلَنْ يَلِيَكُمْ أَحَدٌ مِنْ بَعْدِي إِلَّا وَهُوَ شَرٌّ مِنِّي كَمَا كَانَ مَنْ قَبْلِي خَيْرًا مِنِّي وَيَا
يَزِيدُ nindex.php?page=treesubj&link=31711إِذَا وُفِّيَ أَجَلِي فَوَلِّ غُسْلِي رَجُلًا لَبِيبًا ، فَإِنَّ اللَّبِيبَ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ ، فَلْيُنْعِمِ الْغُسْلَ وَلْيَجْهَرْ بِالتَّكْبِيرِ ، ثُمَّ اعْمَدْ إِلَى مَنْدِيلٍ فِي الْخِزَانَةِ فِيهِ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُرَاضَةٍ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ فَاسْتَوْدِعِ الْقُرَاضَةَ أَنْفِي وَفَمِي وَأُذُنِي وَعَيْنِي وَاجْعَلِ الثَّوْبَ عَلَى جِلْدِي دُونَ أَكْفَانِي ، وَيَا يَزِيدُ ، احْفَظْ وَصِيَّةَ اللَّهِ فِي الْوَالِدَيْنِ ، فَإِذَا أَدْرَجْتُمُونِي فِي جَدِيدِي وَوَضَعْتُمُونِي فِي حُفْرَتِي فَخَلُّوا
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ وَأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ عُتْبَةَ لَمَّا نَزَلَ
بِمُعَاوِيَةَ الْمَوْتُ قَالَ : يَا لَيْتَنِي كُنْتُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ بِذِي طُوًى وَإِنِّي لَمْ أَلِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ شَيْئًا .
وَلَمَّا حَضَرَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ الْوَفَاةُ نَظَرَ إِلَى غَسَّالٍ بِجَانِبِ
دِمَشْقَ يَلْوِي ثَوْبًا بِيَدِهِ ثُمَّ يَضْرِبُ بِهِ الْمِغْسَلَةَ ، فَقَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : لَيْتَنِي كُنْتُ غَسَّالًا آكَلُ مِنْ كَسْبَ يَدِي يَوْمًا بِيَوْمٍ ، وَلَمْ أَلِ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا شَيْئًا ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا حَازِمٍ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَهُمْ إِذَا حَضَرَهُمُ الْمَوْتُ يَتَمَنَّوْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ ، وَإِذَا حَضَرَنَا الْمَوْتُ لَمْ نَتَمَنَّ مَا هُمْ فِيهِ .
وَقِيلَ
لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : أَجِدُنِي كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=94وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ الْآيَةَ وَمَاتَ .
وَقَالَتْ
فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ امْرَأَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كُنْتُ أَسْمَعُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ أَخْفِ عَلَيْهِمْ مَوْتِي وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَجَلَسَتْ فِي بَيْتٍ آخَرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ بَابٌ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=83تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ثُمَّ هَدَأَ فَجَعَلْتُ لَا أَسْمَعُ لَهُ حَرَكَةً وَلَا كَلَامًا فَقُلْتُ : لِوَصِيفٍ لَهُ انْظُرْ أَنَائِمٌ هُوَ ؟ فَلَمَّا دَخَلَ صَاحَ ، فَوَثَبَتْ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ .
وَقِيلَ لَهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ: اعْهَدْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ أُحَذِّرُكُمْ : مِثْلَ مَصْرَعِي هَذَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنْهُ .