[ ص: 2229 ] سورة الأنعام
[ ص: 2230 ] بسم الله الرحمن الرحيم 6- سورة الأنعام
وهي مكية. وهي مائة وخمس وستون آية.
روى العوفي وعكرمة عن وعطاء قال: أنزلت سورة الأنعام ابن عباس بمكة.
روى أبو صالح عن قال: هي مكية، نزلت جملة واحدة، نزلت ليلا وكتبوها من ليلتهم، غير ست آيات منها، فإنها مدنيات، وهي قوله تعالى: ابن عباس إلى آخر الثلاث آيات. وقوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم [ ص: 2231 ] الآية. وقوله تعالى: وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآيتين. ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا
وذكر نحو هذا وزاد آيتين، وهما قوله تعالى: مقاتل الآية. وقوله تعالى: والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منـزل من ربك الآية. الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه
وروي عن أيضا ابن عباس أنهما قالا: إنها مكية إلا آيتين نزلتا وقتادة بالمدينة، قوله: وقوله: وما قدروا الله حق قدره الآية. وهو الذي أنشأ جنات
[ ص: 2232 ] قال في (الدلائل): في بعض السور التي نزلت البيهقي بمكة آيات نزلت بالمدينة، فألحقت بها. وكذا قال ابن الحصار: كل نوع من المكي والمدني، منه آيات مستثناة. قالا: إلا أن من الناس من اعتمد في الاستثناء على الاجتهاد دون النقل. ثم ناقش هذه الآيات، قال: ولا يصح به نقل، خصوصا ما ورد أنها نزلت جملة.
ورد عليه السيوطي بأنه صح النقل عن باستثناء: ابن عباس، الآيات الثلاث، والبواقي: قل تعالوا لما أخرجه وما قدروا الله حق قدره أنها نزلت في ابن أبي حاتم مالك بن الصيف. وقوله تعالى: نزلتا في ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا مسيلمة، وقوله: وقوله: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منـزل من ربك بالحق
وأخرج عن أبو الشيخ قال: نزلت الأنعام كلها الكلبي بمكة، إلا آيتين نزلتا بالمدينة في رجل من اليهود، وهو الذي قال: - كذا في (اللباب) و (الإتقان). ومن ما أنـزل الله على بشر من شيء ما أخرجه خصائص هذه السورة عن الطبراني قال: نزلت سورة الأنعام ابن عباس بمكة ليلا، جملة واحدة، حولها سبعون ألف ملك، يجأرون بالتسبيح.
[ ص: 2233 ] وروى عن السدي قال: نزلت سورة الأنعام يشيعها سبعون ألفا من الملائكة. وروي نحوه من وجه آخر عنه أيضا. ابن مسعود
روى في (مستدركه) عن الحاكم قال: جابر لما نزلت سورة الأنعام سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق. . ثم قال: صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه عن ابن مردويه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنس نزلت سورة الأنعام معها موكب الملائكة سد ما بين الخافقين، لهم زجل بالتسبيح، والأرض بهم ترتج، ورسول الله يقول: سبحان الله العظيم؟ سبحان الله العظيم!
وأخرج أيضا عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عمر: نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة، وشيعها سبعون ألفا من الملائكة، لهم زجل بالتسبيح والتحميد.
قال الرازي: قال الأصوليون: هذه السورة اختصت بنوعين من الفضيلة:
أحدهما: - أنها نزلت دفعة واحدة.
والثاني: أنها شيعها سبعون ألفا من الملائكة. والسبب فيه أنها مشتملة على دلائل التوحيد، والعدل، والنبوة، والمعاد، وإبطال مذاهب المبطلين والملحدين، وذلك يدل على أن علم الأصول في غاية الجلالة والرفعة. وأيضا فإنزال ما يدل على الأحكام، قد تكون المصلحة أن ينزله الله تعالى قدر حاجتهم، وبحسب الحوادث والنوازل. وأما ما يدل على علم الأصول، فقد أنزله الله تعالى جملة واحدة، وذلك يدل على أن تعلم علم الأصول واجب على الفور، لا على التراخي.
وأخرج في (مسنده) عن الدارمي رضي الله عنه قال: الأنعام من نواجب القرآن. عمر
وفي القاموس: نجائب القرآن: أفضله ومحضه. ونواجبه لبابه. انتهى.
لأن أكثر أحكامها، وجهالات المشركين فيها، وفي التقرب بها إلى أصنامهم - مذكورة فيها. وسميت ب (سورة الأنعام)،
[ ص: 2234 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى:
[1] الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون
أي: جميع المحامد، بما حمد به نفسه أو خلقه، أو حمد به الخلق ربهم، أو بعضهم، مخصوص به. ثم أخبر عن قدرته الكاملة، الواجبة لاستحقاقه لجميع المحامد بقوله: الحمد لله خصهما بالذكر، لأنهما أعظم المخلوقات، فيما يرى العباد، وفيهما العبر والمنافع؛ لأن السماوات بأوضاعها وحركاتها أسباب الكائنات والفاسدات التي هي مظاهر الكمالات الإلهية. والأرض مشتملة على قوابل الكون والفساد التي هي المسببات. الذي خلق السماوات والأرض
أي: أوجدهما منفعة لعباده، في ليلهم ونهارهم. وجعل الظلمات والنور
وههنا لطائف:
الأولى: أن المقصود من الآية التنبيه على أن المنعم بهذه النعم الجسام هو الحقيق بالحمد والعبادة، دون ما سواه.
الثانية: لفظ (جعل) يتعدى إلى واحد إذا كان بمعنى أحدث وأنشأ، كما هنا; وإلى مفعولين إذا كان بمعنى (صير) كقوله: والفرق بين (الخلق) و (الجعل) أن الخلق فيه معنى التقدير، وفي (الجعل) معنى التضمين، كإنشاء شيء من شيء أو تصيير شيء شيئا، أو نقله من مكان إلى مكان. ومن ذلك: [ ص: 2235 ] وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا وجعل منها زوجها وإنما حسن لفظ (الجعل) ههنا؛ لأن النور والظلمة لما تعاقبا، صار كأن كل واحد منهما إنما تولد من الآخر - قاله أجعل الآلهة إلها واحدا الرازي - وسبقه إليه قال الزمخشري. الناصر في "الانتصاف": وقد وردت: جعل و: خلق موردا واحدا. فورد: وخلق منها زوجها . وورد: وجعل منها زوجها . وذلك ظاهر في الترادف. إلا أن للخاطر ميلا إلى الفرق الذي أبداه ويؤيده أن: جعل لم يصحب السماوات والأرض، وإما لزمتهما: خلق . وفي إضافة (الخلق) في هذه الآية إلى السماوات والأرض، و (الجعل) إلى الظلمات والنور، مصداق للميز بينهما، والله أعلم. الزمخشري.
الثالثة: إن قيل: لم جمعت السماوات دون الأرض مع أنها مثلهن لقوله تعالى: [ ص: 2236 ] وفي الحديث: ومن الأرض مثلهن - أخرجه «هل تدرون ما هذه؟ قالوا: هذه أرض. هل تدرون ما تحتها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم؟ قال: أرض أخرى، وبينهما مسير خمسمائة عام، حتى عد سبع أرضين، بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام». الترمذي، عن وأبو الشيخ رضي الله عنه. أبي هريرة
[ ص: 2237 ] فالجواب: لأن السماوات طبقات متفاضلة بالذات، مختلفة بالحقيقة، بخلاف الأرضين، كما قاله البيضاوي.
وقال الرازي: إن السماء جارية مجرى الفاعل. والأرض مجرى القابل. فلو كانت السماء واحدة لتشابه الأثر، وذلك يخل بمصالح هذا العالم. أما لو كانت كثيرة اختلفت الاتصالات الكوكبية، فحصل بسببها الفصول الأربعة، وسائر الأحوال المختلفة، وحصل بسبب تلك الاختلافات مصالح هذا العالم. أما الأرض فهي قابلة للأثر، والقابل الواحد كاف في القبول. انتهى.
وقدم السماوات لشرفها وعلو مكانها.
الرابعة: الظاهر في (الظلمات والنور) أن المراد منهما الأمران المحسوسان بحس البصر. والذي يقوي ذلك أن اللفظ حقيقة فيهما. والأصل اللفظ على حقيقته. ولأن (الظلمات والنور) إذا قرنا بالسماوات والأرض، لم يفهم منهما إلا الأمران المحسوسان، ونقل عن بعض السلف أنه عنى بهما الكفر والإيمان.
ورجح الرازي الأول لما ذكر.
ووجه بعضهم الثاني بأن المعنى: أنه لما خلق السماوات والأرض، فقد نصب الأدلة على معرفته وتوحيده. ثم بين طريق الضلال، وطريق الهدى، بإنزال الشرائع والكتب السماوية ثم الذين كفروا بربهم يعدلون فناسب المقام (ثم) الاستبعادية إذ يبعد من العاقل الناظر بعد إقامة الدليل، اختيار الباطل. انتهى.
وعليه فجمع (الظلمات) وتوحيد (النور) ظاهر؛ لأن الهدى واحد، والضلال متعدد، كما قال في آخر هذه السورة: وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله
[ ص: 2238 ] وعلى الأول، فجمعها لظهور كثرة أسبابها ومحالها عند الناس، فإن لكل جرم ظلمة، وليس لكل جرم نور. وأما تقديمهما فلسبقها في التقدير والتحقق، على النور.
وفي الأثر: إن الله خلق الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره.
وقوله تعالى: معطوف على الجملة السابقة الناطقة بما مر من موجبات اختصاصه تعالى، بالحمد المستدعي لاقتصار العبادة عليه. مسوق لإنكار ما عليه الكفرة، واستبعاده من مخالفتهم لمضمونها، واجترائهم على ما يقضي ببطلانه بديهة [ ص: 2239 ] العقول. والمعنى أنه تعالى مختص باستحقاق الحمد والعبادة، باعتبار ذاته، وباعتبار ما فصل من شؤونه العظيمة الخاصة به، الموجبة لقصر الحمد والعبادة عليه، ثم هؤلاء الكفرة لا يعملون بموجبه، ويعدلون به سبحانه. أي: يسوون به غيره في العبادة التي هي أقصى غايات الشكر، الذي رأسه الحمد، مع كون كل ما سواه مخلوقا له، غير متصف بشيء من مبادئ الحمد. وكلمة (ثم) لاستبعاد الشرك بعد وضوح ما ذكر من الآيات التكوينية، القاضية ببطلانه. و (الباء) متعلقة ب (يعدلون) ووضع (الرب) موضع ضميره تعالى، لزيادة التشنيع والتقبيح. والتقديم لمزيد الاهتمام والمسارعة إلى تحقيق مدار الإنكار والاستبعاد، والمحافظة على الفواصل، وترك المفعول لظهوره، أو لتوجيه الإنكار إلى نفس الفعل، بتنزيله منزلة اللازم، إيذانا بأنه المدار في الاستبعاد، لا خصوصية المفعول. هذا هو الحقيق بجزالة التنزيل؛ أفاده ثم الذين كفروا بربهم يعدلون أبو السعود.
ثم ناقش ما وقع للمفسرين هنا مما يخالفه. فانظره.
وأصل (العدل) مساواة الشيء بالشيء. والمعنى: أنهم يجعلون له عديلا من خلقه، مما لا يقدر على شيء، فيعبدون الحجارة، مع إقرارهم بأن الله خلق السماوات والأرض.
وقال (الباء) بمعنى (عن) أي: عن ربهم يعدلون وينحرفون، من العدول عن الشيء. النضر بن شميل:
لطيفة:
قال رحمه الله: (ثم) دالة على قبح فعل الذين كفروا؛ لأن المعنى أن خلقه السماوات قد تقرر، وآياته قد سطعت، وإنعامه بذلك قد تبين، ثم بعد هذا كله قد عدلوا بربهم. فهذا كما تقول: أعطيتك وأحسنت إليك، ثم تشتمني؟ ولو وقع العطف في هذا ونحوه ب (الواو) لم يلزم التوبيخ كلزومه ب (ثم). انتهى. أي: ففيها الدلالة على التوبيخ والإنكار، كالتعجيب أيضا. ابن عطية
[ ص: 2240 ] قال أبو حيان: هذا الذي ذهب إليه من أن (ثم) للتوبيخ. ابن عطية من أنها للاستبعاد - مفهوم من سياق الكلام، لا من مدلول (ثم). انتهى. والزمخشري
وإنما لم تحمل (ثم) على التراخي، مع استقامته، لكون الاستبعاد أوفق بالمقام؛ لأن التراخي الزماني معلوم فيه، فلا فائدة في ذكره.
تفسير سورة الأنعام
- تفسير قوله تعالى الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور
- تفسير قوله تعالى هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده
- تفسير قوله تعالى وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم
- تفسير قوله تعالى وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين
- تفسير قوله تعالى فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء
- تفسير قوله تعالى ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض
- تفسير قوله تعالى ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم
- تفسير قوله تعالى وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر
- تفسير قوله تعالى ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون
- تفسير قوله تعالى ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم
- تفسير قوله تعالى قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين
- تفسير قوله تعالى قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة
- تفسير قوله تعالى وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم
- تفسير قوله تعالى قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض
- تفسير قوله تعالى قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم
- تفسير قوله تعالى من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين
- تفسير قوله تعالى وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو
- تفسير قوله تعالى وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير
- تفسير قوله تعالى قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم
- تفسير قوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم
- تفسير قوله تعالى ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته
- تفسير قوله تعالى ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم
- تفسير قوله تعالى ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا
- تفسير قوله تعالى انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون
- تفسير قوله تعالى ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه
- تفسير قوله تعالى وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون
- تفسير قوله تعالى ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد
- تفسير قوله تعالى بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل
- تفسير قوله تعالى وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا
- تفسير قوله تعالى ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق
- تفسير قوله تعالى قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله
- تفسير قوله تعالى وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير
- تفسير قوله تعالى قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك
- تفسير قوله تعالى ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا
- تفسير قوله تعالى وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض
- تفسير قوله تعالى إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله
- تفسير قوله تعالى وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل
- تفسير قوله تعالى وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم
- تفسير قوله تعالى والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات
- تفسير قوله تعالى قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة
- تفسير قوله تعالى بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء
- تفسير قوله تعالى ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء
- تفسير قوله تعالى فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم
- تفسير قوله تعالى فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء
- تفسير قوله تعالى فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين
- تفسير قوله تعالى قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم
- تفسير قوله تعالى قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة
- تفسير قوله تعالى وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح
- تفسير قوله تعالى والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب
- تفسير قوله تعالى قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب
- تفسير قوله تعالى وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم
- تفسير قوله تعالى ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه
- تفسير قوله تعالى وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا
- تفسير قوله تعالى وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم
- تفسير قوله تعالى وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين
- تفسير قوله تعالى قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله
- تفسير قوله تعالى قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به
- تفسير قوله تعالى قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم
- تفسير قوله تعالى وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو
- تفسير قوله تعالى وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار
- تفسير قوله تعالى وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة
- تفسير قوله تعالى ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم
- تفسير قوله تعالى قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية
- تفسير قوله تعالى قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون
- تفسير قوله تعالى قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم
- تفسير قوله تعالى وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل
- تفسير قوله تعالى لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون
- تفسير قوله تعالى وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم
- تفسير قوله تعالى وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء
- تفسير قوله تعالى وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا
- تفسير قوله تعالى قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا
- تفسير قوله تعالى وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون
- تفسير قوله تعالى وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون
- تفسير قوله تعالى وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة
- تفسير قوله تعالى وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض
- تفسير قوله تعالى فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي
- تفسير قوله تعالى فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل
- تفسير قوله تعالى فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر
- تفسير قوله تعالى إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا
- تفسير قوله تعالى وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هداني
- تفسير قوله تعالى وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله
- تفسير قوله تعالى الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم
- تفسير قوله تعالى وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء
- تفسير قوله تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل
- تفسير قوله تعالى ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم
- تفسير قوله تعالى ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده
- تفسير قوله تعالى أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء
- تفسير قوله تعالى أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده
- تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر
- تفسير قوله تعالى وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه
- تفسير قوله تعالى ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا
- تفسير قوله تعالى ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم
- تفسير قوله تعالى إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت
- تفسير قوله تعالى فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا
- تفسير قوله تعالى وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر
- تفسير قوله تعالى وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع
- تفسير قوله تعالى وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء
- تفسير قوله تعالى وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم
- تفسير قوله تعالى بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة
- تفسير قوله تعالى ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه
- تفسير قوله تعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير
- تفسير قوله تعالى قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه
- تفسير قوله تعالى وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست
- تفسير قوله تعالى اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين
- تفسير قوله تعالى ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا
- تفسير قوله تعالى ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم
- تفسير قوله تعالى وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها
- تفسير قوله تعالى ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة
- تفسير قوله تعالى ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى
- تفسير قوله تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن
- تفسير قوله تعالى ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة
- تفسير قوله تعالى أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا
- تفسير قوله تعالى وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته
- تفسير قوله تعالى وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله
- تفسير قوله تعالى إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين
- تفسير قوله تعالى فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين
- تفسير قوله تعالى وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه
- تفسير قوله تعالى وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم
- تفسير قوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق
- تفسير قوله تعالى أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس
- تفسير قوله تعالى وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها
- تفسير قوله تعالى وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله
- تفسير قوله تعالى فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام
- تفسير قوله تعالى وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات
- تفسير قوله تعالى لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون
- تفسير قوله تعالى ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس
- تفسير قوله تعالى وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون
- تفسير قوله تعالى يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي
- تفسير قوله تعالى ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون
- تفسير قوله تعالى ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون
- تفسير قوله تعالى وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم
- تفسير قوله تعالى إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين
- تفسير قوله تعالى قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون
- تفسير قوله تعالى وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا
- تفسير قوله تعالى وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم
- تفسير قوله تعالى وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم
- تفسير قوله تعالى وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا
- تفسير قوله تعالى قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم
- تفسير قوله تعالى وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع
- تفسير قوله تعالى ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله
- تفسير قوله تعالى ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين
- تفسير قوله تعالى ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم
- تفسير قوله تعالى قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه
- تفسير قوله تعالى وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم
- تفسير قوله تعالى فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة
- تفسير قوله تعالى سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا
- تفسير قوله تعالى قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين
- تفسير قوله تعالى قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا
- تفسير قوله تعالى قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا
- تفسير قوله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده
- تفسير قوله تعالى وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل
- تفسير قوله تعالى ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن
- تفسير قوله تعالى وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا
- تفسير قوله تعالى أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا
- تفسير قوله تعالى أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم
- تفسير قوله تعالى هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك
- تفسير قوله تعالى إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء
- تفسير قوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة
- تفسير قوله تعالى قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما
- تفسير قوله تعالى قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين
- تفسير قوله تعالى لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين
- تفسير قوله تعالى قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء
- تفسير قوله تعالى وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض
[ ص: 2229 ] سُورَةُ الْأَنْعَامِ
[ ص: 2230 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 6- سُورَةُ الْأَنْعَامِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. وَهِيَ مِائَةٌ وَخَمْسٌ وَسِتُّونَ آيَةً.
رَوَى الْعَوْفِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٌ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ.
رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هِيَ مَكِّيَّةٌ، نَزَلَتْ جُمْلَةً وَاحِدَةً، نَزَلَتْ لَيْلًا وَكَتَبُوهَا مِنْ لَيْلَتِهِمْ، غَيْرَ سِتِّ آيَاتٍ مِنْهَا، فَإِنَّهَا مَدَنِيَّاتٌ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ إِلَى آخِرِ الثَّلَاثِ آيَاتٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [ ص: 2231 ] الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ.
وَذَكَرٌ nindex.php?page=showalam&ids=17132مُقَاتِلٌ نَحْوَ هَذَا وَزَادَ آيَتَيْنِ، وَهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=114وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَـزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=20الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ الْآيَةَ.
وَرُوِيَ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَتَيْنِ نَزَلَتَا بِالْمَدِينَةِ، قَوْلُهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَقَوْلُهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ الْآيَةَ.
[ ص: 2232 ] قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي (الدَّلَائِلِ): فِي بَعْضِ السُّوَرِ الَّتِي نَزَلَتْ بِمَكَّةَ آيَاتٌ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، فَأُلْحِقَتْ بِهَا. وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: كُلُّ نَوْعٍ مِنَ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ، مِنْهُ آيَاتٌ مُسْتَثْنَاةٌ. قَالَا: إِلَّا أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنِ اعْتَمَدَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الِاجْتِهَادِ دُونَ النَّقْلِ. ثُمَّ نَاقَشَ هَذِهِ الْآيَاتِ، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ بِهِ نَقْلٌ، خُصُوصًا مَا وَرَدَ أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً.
وَرَدَّ عَلَيْهِ السُّيُوطِيُّ بِأَنَّهُ صَحَّ النَّقْلُ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ، بِاسْتِثْنَاءِ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قُلْ تَعَالَوْا الْآيَاتُ الثَّلَاثُ، وَالْبَوَاقِي: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ لِمَا أَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَالِكِ بْنِ الصَّيْفِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا نَزَلَتَا فِي مُسَيْلِمَةَ، وَقَوْلُهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=20الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ وَقَوْلُهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=114وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَـزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ
وَأَخْرَجَ nindex.php?page=showalam&ids=11868أَبُو الشَّيْخِ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=15097الْكَلْبِيِّ قَالَ: نَزَلَتِ الْأَنْعَامُ كُلُّهَا بِمَكَّةَ، إِلَّا آيَتَيْنِ نَزَلَتَا بِالْمَدِينَةِ فِي رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ - كَذَا فِي (اللُّبَابِ) وَ (الْإِتْقَانِ). وَمِنْ nindex.php?page=treesubj&link=29568_28882خَصَائِصِ هَذِهِ السُّورَةِ مَا أَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ لَيْلًا، جُمْلَةً وَاحِدَةً، حَوْلَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، يَجْأَرُونَ بِالتَّسْبِيحِ.
[ ص: 2233 ] وَرَوَى nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ يُشَيِّعُهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ أَيْضًا.
رَوَى nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ شَيَّعَ هَذِهِ السُّورَةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا سَدَّ الْأُفُقَ. . ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ.
وَأَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=13508ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: nindex.php?page=hadith&LINKID=939371نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ مَعَهَا مَوْكِبُ الْمَلَائِكَةِ سَدَّ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ، وَالْأَرْضُ بِهِمْ تَرْتَجُّ، وَرَسُولُ اللَّهِ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ؟ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ!
وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَزَلَتْ عَلَيَّ سُورَةُ الْأَنْعَامِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَشَيَّعَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ.
قَالَ الرَّازِيُّ: قَالَ الْأُصُولِيُّونَ: هَذِهِ السُّورَةُ اخْتُصَّتْ بِنَوْعَيْنِ مِنَ الْفَضِيلَةِ:
أَحَدُهُمَا: - أَنَّهَا نَزَّلَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا شَيَّعُهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ، وَالْعَدْلِ، وَالنُّبُوَّةِ، وَالْمَعَادِ، وَإِبْطَالِ مَذَاهِبِ الْمُبْطِلِينَ وَالْمُلْحِدِينَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلْمَ الْأُصُولِ فِي غَايَةِ الْجَلَالَةِ وَالرِّفْعَةِ. وَأَيْضًا فَإِنْزَالُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَحْكَامِ، قَدْ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ أَنْ يُنْزِلَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَدْرَ حَاجَتِهِمْ، وَبِحَسْبِ الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ. وَأَمَّا مَا يَدُلُّ عَلَى عِلْمِ الْأُصُولِ، فَقَدْ أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّمَ عِلْمِ الْأُصُولِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ، لَا عَلَى التَّرَاخِي.
وَأَخْرَجَ nindex.php?page=showalam&ids=14274الدَّارِمِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الْأَنْعَامُ مِنْ نَوَاجِبِ الْقُرْآنِ.
وَفِي الْقَامُوسِ: نَجَائِبُ الْقُرْآنِ: أَفْضَلُهُ وَمَحْضُهُ. وَنَوَاجِبُهُ لُبَابُهُ. انْتَهَى.
nindex.php?page=treesubj&link=28883وَسُمِّيَتْ بِ (سُورَةِ الْأَنْعَامِ)، لِأَنَّ أَكْثَرَ أَحْكَامِهَا، وَجَهَالَاتِ الْمُشْرِكِينَ فِيهَا، وَفِي التَّقَرُّبِ بِهَا إِلَى أَصْنَامِهِمْ - مَذْكُورَةٌ فِيهَا.
[ ص: 2234 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[1] nindex.php?page=treesubj&link=28659_31755_31756_32501_33144_33147_34513_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ أَيْ: جَمِيعُ الْمَحَامِدِ، بِمَا حَمِدَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ خَلْقُهُ، أَوْ حَمِدَ بِهِ الْخَلْقُ رَبَّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ، مَخْصُوصٌ بِهِ. ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ قُدْرَتِهِ الْكَامِلَةِ، الْوَاجِبَةِ لِاسْتِحْقَاقِهِ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ بِقَوْلِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ خَصَّهَمَا بِالذِّكْرِ، لِأَنَّهُمَا أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ، فِيمَا يَرَى الْعِبَادُ، وَفِيهِمَا الْعِبَرُ وَالْمَنَافِعُ؛ لِأَنَّ السَّمَاوَاتِ بِأَوْضَاعِهَا وَحَرَكَاتِهَا أَسْبَابُ الْكَائِنَاتِ وَالْفَاسِدَاتِ الَّتِي هِيَ مَظَاهِرُ الْكَمَالَاتِ الْإِلَهِيَّةِ. وَالْأَرْضُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى قَوَابِلِ الْكَوْنِ وَالْفَسَادِ الَّتِي هِيَ الْمُسَبِّبَاتُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ أَيْ: أَوْجَدَهُمَا مَنْفَعَةً لِعِبَادِهِ، فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ.
وَهَهُنَا لَطَائِفُ:
الْأُولَى: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْآيَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُنْعِمَ بِهَذِهِ النِّعَمِ الْجِسَامِ هُوَ الْحَقِيقُ بِالْحَمْدِ وَالْعِبَادَةِ، دُونَ مَا سِوَاهُ.
الثَّانِيَةُ: لَفْظُ (جَعَلَ) يَتَعَدَّى إِلَى وَاحِدٍ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى أَحْدَثَ وَأَنْشَأَ، كَمَا هُنَا; وَإِلَى مَفْعُولَيْنِ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى (صَيَّرَ) كَقَوْلِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ (الْخَلْقِ) وَ (الْجَعْلِ) أَنَّ الْخَلْقَ فِيهِ مَعْنَى التَّقْدِيرِ، وَفِي (الْجَعْلِ) مَعْنَى التَّضْمِينِ، كَإِنْشَاءِ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ أَوْ تَصْيِيرِ شَيْءٍ شَيْئًا، أَوْ نَقْلِهِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ. وَمِنْ ذَلِكَ: [ ص: 2235 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا حَسُنَ لَفْظُ (الْجَعْلِ) هَهُنَا؛ لِأَنَّ النُّورَ وَالظُّلْمَةَ لَمَّا تَعَاقَبَا، صَارَ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنَّمَا تَوَلَّدَ مِنَ الْآخَرِ - قَالَهُ الرَّازِيُّ - وَسَبَقَهُ إِلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ. قَالَ النَّاصِرُ فِي "الِانْتِصَافِ": وَقَدْ وَرَدَتْ: جَعَلَ وَ: خَلَقَ مَوْرِدًا وَاحِدًا. فَوَرَدَ: وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا . وَوَرَدَ: وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا . وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي التَّرَادُفِ. إِلَّا أَنَّ لِلْخَاطِرِ مَيْلًا إِلَى الْفَرْقِ الَّذِي أَبْدَاهُ nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ: جَعَلَ لَمْ يَصْحَبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَإِمَّا لَزِمَتْهُمَا: خَلَقَ . وَفِي إِضَافَةِ (الْخَلْقِ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَ (الْجَعْلِ) إِلَى الظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ، مِصْدَاقٌ لِلْمَيْزِ بَيْنَهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثَةُ: إِنْ قِيلَ: لِمَ جُمِعَتِ السَّمَاوَاتُ دُونَ الْأَرْضِ مَعَ أَنَّهَا مِثْلُهُنَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: [ ص: 2236 ] nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ وَفِي الْحَدِيثِ: nindex.php?page=hadith&LINKID=665590«هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ؟ قَالُوا: هَذِهِ أَرْضٌ. هَلْ تَدْرُونَ مَا تَحْتَهَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ؟ قَالَ: أَرْضٌ أُخْرَى، وَبَيْنَهُمَا مَسِيرُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرْضِينَ، بَيْنَ كُلِّ أَرْضِينَ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ». - أَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ، nindex.php?page=showalam&ids=11868وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
[ ص: 2237 ] فَالْجَوَابُ: لِأَنَّ السَّمَاوَاتِ طَبَقَاتٌ مُتَفَاضِلَةٌ بِالذَّاتِ، مُخْتَلِفَةٌ بِالْحَقِيقَةِ، بِخِلَافِ الْأَرْضِينَ، كَمَا قَالَهُ nindex.php?page=showalam&ids=13926الْبَيْضَاوِيُّ.
وَقَالَ الرَّازِيُّ: إِنَّ السَّمَاءَ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْفَاعِلِ. وَالْأَرْضَ مَجْرَى الْقَابِلِ. فَلَوْ كَانَتِ السَّمَاءُ وَاحِدَةً لَتَشَابَهَ الْأَثَرُ، وَذَلِكَ يُخِلُّ بِمَصَالِحِ هَذَا الْعَالَمِ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ كَثِيرَةً اخْتَلَفَتِ الِاتِّصَالَاتُ الْكَوْكَبِيَّةُ، فَحَصَلَ بِسَبَبِهَا الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ، وَسَائِرُ الْأَحْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَحَصَلَ بِسَبَبِ تِلْكَ الِاخْتِلَافَاتِ مَصَالِحُ هَذَا الْعَالَمِ. أَمَّا الْأَرْضُ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْأَثَرِ، وَالْقَابِلُ الْوَاحِدُ كَافٍ فِي الْقَبُولِ. انْتَهَى.
وَقَدَّمَ السَّمَاوَاتِ لِشَرَفِهَا وَعُلُوِّ مَكَانِهَا.
الرَّابِعَةُ: الظَّاهِرُ فِي (الظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ) أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا الْأَمْرَانِ الْمَحْسُوسَانِ بِحِسِّ الْبَصَرِ. وَالَّذِي يُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا. وَالْأَصْلُ اللَّفْظُ عَلَى حَقِيقَتِهِ. وَلِأَنَّ (الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) إِذَا قُرِنَا بِالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُمَا إِلَّا الْأَمْرَانِ الْمَحْسُوسَانِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ عَنَى بِهِمَا الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ.
وَرَجَّحَ الرَّازِيُّ الْأَوَّلَ لِمَا ذُكِرَ.
وَوَجَّهَ بَعْضُهُمُ الثَّانِيَ بِأَنَّ الْمَعْنَى: أَنَّهُ لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَقَدْ نَصَبَ الْأَدِلَّةَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ. ثُمَّ بَيَّنَ طَرِيقَ الضَّلَالِ، وَطَرِيقَ الْهُدَى، بِإِنْزَالِ الشَّرَائِعِ وَالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فَنَاسَبَ الْمَقَامَ (ثُمَّ) الِاسْتِبْعَادِيَّةُ إِذْ يَبْعُدُ مِنَ الْعَاقِلِ النَّاظِرِ بَعْدَ إِقَامَةِ الدَّلِيلِ، اخْتِيَارُ الْبَاطِلِ. انْتَهَى.
وَعَلَيْهِ فَجَمْعُ (الظُّلُمَاتِ) وَتَوْحِيدُ (النُّورِ) ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْهُدَى وَاحِدٌ، وَالضَّلَالَ مُتَعَدِّدٌ، كَمَا قَالَ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
[ ص: 2238 ] وَعَلَى الْأَوَّلِ، فَجَمْعُهَا لِظُهُورِ كَثْرَةِ أَسْبَابِهَا وَمَحَالِّهَا عِنْدَ النَّاسِ، فَإِنَّ لِكُلِّ جِرْمٍ ظُلْمَةً، وَلَيْسَ لِكُلِّ جِرْمٍ نُورٌ. وَأَمَّا تَقْدِيمُهُمَا فَلِسَبْقِهَا فِي التَّقْدِيرِ وَالتَّحَقُّقِ، عَلَى النُّورِ.
وَفِي الْأَثَرِ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ رَشَّ عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ النَّاطِقَةِ بِمَا مَرَّ مِنْ مُوجِبَاتِ اخْتِصَاصِهِ تَعَالَى، بِالْحَمْدِ الْمُسْتَدْعِي لِاقْتِصَارِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ. مَسُوقٌ لِإِنْكَارِ مَا عَلَيْهِ الْكَفَرَةُ، وَاسْتِبْعَادِهِ مِنْ مُخَالَفَتِهِمْ لِمَضْمُونِهَا، وَاجْتِرَائِهِمْ عَلَى مَا يَقْضِي بِبُطْلَانِهِ بَدِيهَةُ [ ص: 2239 ] الْعُقُولِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى مُخْتَصٌّ بِاسْتِحْقَاقِ الْحَمْدِ وَالْعِبَادَةِ، بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ، وَبِاعْتِبَارِ مَا فُصِّلَ مِنْ شُؤُونِهِ الْعَظِيمَةِ الْخَاصَّةِ بِهِ، الْمُوجِبَةِ لِقَصْرِ الْحَمْدِ وَالْعِبَادَةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةُ لَا يَعْمَلُونَ بِمُوجِبِهِ، وَيَعْدِلُونَ بِهِ سُبْحَانَهُ. أَيْ: يُسَوُّونَ بِهِ غَيْرَهُ فِي الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ أَقْصَى غَايَاتِ الشُّكْرِ، الَّذِي رَأَسُهُ الْحَمْدُ، مَعَ كَوْنِ كُلِّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقًا لَهُ، غَيْرَ مُتَّصِفٍ بِشَيْءٍ مِنْ مَبَادِئِ الْحَمْدِ. وَكَلِمَةُ (ثُمَّ) لِاسْتِبْعَادِ الشِّرْكِ بَعْدَ وُضُوحِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْآيَاتِ التَّكْوِينِيَّةِ، الْقَاضِيَةِ بِبُطْلَانِهِ. وَ (الْبَاءُ) مُتَعَلِّقَةٌ بِ (يَعْدِلُونَ) وَوُضِعَ (الرَّبُّ) مَوْضِعَ ضَمِيرِهِ تَعَالَى، لِزِيَادَةِ التَّشْنِيعِ وَالتَّقْبِيحِ. وَالتَّقْدِيمُ لِمَزِيدِ الِاهْتِمَامِ وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى تَحْقِيقِ مَدَارِ الْإِنْكَارِ وَالِاسْتِبْعَادِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَوَاصِلِ، وَتُرِكَ الْمَفْعُولُ لِظُهُورِهِ، أَوْ لِتَوْجِيهِ الْإِنْكَارِ إِلَى نَفْسِ الْفِعْلِ، بِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، إِيذَانًا بِأَنَّهُ الْمَدَارُ فِي الِاسْتِبْعَادِ، لَا خُصُوصِيَّةُ الْمَفْعُولِ. هَذَا هُوَ الْحَقِيقُ بِجَزَالَةِ التَّنْزِيلِ؛ أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ.
ثُمَّ نَاقَشَ مَا وَقَعَ لِلْمُفَسِّرِينَ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُهُ. فَانْظُرْهُ.
وَأَصْلُ (الْعَدْلِ) مُسَاوَاةُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ عَدِيلًا مِنْ خَلْقِهِ، مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، فَيَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ، مَعَ إِقْرَارِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ.
وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=15409النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: (الْبَاءُ) بِمَعْنَى (عَنْ) أَيْ: عَنْ رَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ وَيَنْحَرِفُونَ، مِنَ الْعُدُولِ عَنِ الشَّيْءِ.
لَطِيفَةٌ:
قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=13365ابْنُ عَطِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (ثُمَّ) دَالَّةٌ عَلَى قُبْحِ فِعْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ خَلْقَهُ السَّمَاوَاتِ قَدْ تَقَرَّرَ، وَآيَاتُهُ قَدْ سَطَعَتْ، وَإِنْعَامُهُ بِذَلِكَ قَدْ تَبَيَّنَ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ قَدْ عَدَلُوا بِرَبِّهِمْ. فَهَذَا كَمَا تَقُولُ: أَعْطَيْتُكَ وَأَحْسَنْتُ إِلَيْكَ، ثُمَّ تَشْتُمُنِي؟ وَلَوْ وَقَعَ الْعَطْفُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ بِ (الْوَاوِ) لَمْ يَلْزَمِ التَّوْبِيخُ كَلُزُومِهِ بِ (ثُمَّ). انْتَهَى. أَيْ: فَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى التَّوْبِيخِ وَالْإِنْكَارِ، كَالتَّعْجِيبِ أَيْضًا.
[ ص: 2240 ] قَالَ أَبُو حَيَّانَ: هَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=13365ابْنُ عَطِيَّةَ مِنْ أَنْ (ثُمَّ) لِلتَّوْبِيخِ. nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّهَا لِلِاسْتِبْعَادِ - مَفْهُومٌ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، لَا مِنْ مَدْلُولِ (ثُمَّ). انْتَهَى.
وَإِنَّمَا لَمْ تَحْمِلْ (ثُمَّ) عَلَى التَّرَاخِي، مَعَ اسْتِقَامَتِهِ، لِكَوْنِ الِاسْتِبْعَادِ أَوْفَقُ بِالْمَقَامِ؛ لِأَنَّ التَّرَاخِيَ الزَّمَانِيَّ مَعْلُومٌ فِيهِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ.
[ ص: 2230 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 6- سُورَةُ الْأَنْعَامِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. وَهِيَ مِائَةٌ وَخَمْسٌ وَسِتُّونَ آيَةً.
رَوَى الْعَوْفِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٌ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ.
رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هِيَ مَكِّيَّةٌ، نَزَلَتْ جُمْلَةً وَاحِدَةً، نَزَلَتْ لَيْلًا وَكَتَبُوهَا مِنْ لَيْلَتِهِمْ، غَيْرَ سِتِّ آيَاتٍ مِنْهَا، فَإِنَّهَا مَدَنِيَّاتٌ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ إِلَى آخِرِ الثَّلَاثِ آيَاتٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [ ص: 2231 ] الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ.
وَذَكَرٌ nindex.php?page=showalam&ids=17132مُقَاتِلٌ نَحْوَ هَذَا وَزَادَ آيَتَيْنِ، وَهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=114وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَـزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=20الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ الْآيَةَ.
وَرُوِيَ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَتَيْنِ نَزَلَتَا بِالْمَدِينَةِ، قَوْلُهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَقَوْلُهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ الْآيَةَ.
[ ص: 2232 ] قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي (الدَّلَائِلِ): فِي بَعْضِ السُّوَرِ الَّتِي نَزَلَتْ بِمَكَّةَ آيَاتٌ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، فَأُلْحِقَتْ بِهَا. وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: كُلُّ نَوْعٍ مِنَ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ، مِنْهُ آيَاتٌ مُسْتَثْنَاةٌ. قَالَا: إِلَّا أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنِ اعْتَمَدَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الِاجْتِهَادِ دُونَ النَّقْلِ. ثُمَّ نَاقَشَ هَذِهِ الْآيَاتِ، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ بِهِ نَقْلٌ، خُصُوصًا مَا وَرَدَ أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً.
وَرَدَّ عَلَيْهِ السُّيُوطِيُّ بِأَنَّهُ صَحَّ النَّقْلُ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ، بِاسْتِثْنَاءِ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قُلْ تَعَالَوْا الْآيَاتُ الثَّلَاثُ، وَالْبَوَاقِي: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ لِمَا أَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَالِكِ بْنِ الصَّيْفِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا نَزَلَتَا فِي مُسَيْلِمَةَ، وَقَوْلُهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=20الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ وَقَوْلُهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=114وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَـزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ
وَأَخْرَجَ nindex.php?page=showalam&ids=11868أَبُو الشَّيْخِ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=15097الْكَلْبِيِّ قَالَ: نَزَلَتِ الْأَنْعَامُ كُلُّهَا بِمَكَّةَ، إِلَّا آيَتَيْنِ نَزَلَتَا بِالْمَدِينَةِ فِي رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ - كَذَا فِي (اللُّبَابِ) وَ (الْإِتْقَانِ). وَمِنْ nindex.php?page=treesubj&link=29568_28882خَصَائِصِ هَذِهِ السُّورَةِ مَا أَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ لَيْلًا، جُمْلَةً وَاحِدَةً، حَوْلَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، يَجْأَرُونَ بِالتَّسْبِيحِ.
[ ص: 2233 ] وَرَوَى nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ يُشَيِّعُهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ أَيْضًا.
رَوَى nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ) عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ شَيَّعَ هَذِهِ السُّورَةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا سَدَّ الْأُفُقَ. . ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ.
وَأَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=13508ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: nindex.php?page=hadith&LINKID=939371نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ مَعَهَا مَوْكِبُ الْمَلَائِكَةِ سَدَّ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ، وَالْأَرْضُ بِهِمْ تَرْتَجُّ، وَرَسُولُ اللَّهِ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ؟ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ!
وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَزَلَتْ عَلَيَّ سُورَةُ الْأَنْعَامِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَشَيَّعَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ.
قَالَ الرَّازِيُّ: قَالَ الْأُصُولِيُّونَ: هَذِهِ السُّورَةُ اخْتُصَّتْ بِنَوْعَيْنِ مِنَ الْفَضِيلَةِ:
أَحَدُهُمَا: - أَنَّهَا نَزَّلَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا شَيَّعُهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ، وَالْعَدْلِ، وَالنُّبُوَّةِ، وَالْمَعَادِ، وَإِبْطَالِ مَذَاهِبِ الْمُبْطِلِينَ وَالْمُلْحِدِينَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلْمَ الْأُصُولِ فِي غَايَةِ الْجَلَالَةِ وَالرِّفْعَةِ. وَأَيْضًا فَإِنْزَالُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَحْكَامِ، قَدْ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ أَنْ يُنْزِلَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَدْرَ حَاجَتِهِمْ، وَبِحَسْبِ الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ. وَأَمَّا مَا يَدُلُّ عَلَى عِلْمِ الْأُصُولِ، فَقَدْ أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّمَ عِلْمِ الْأُصُولِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ، لَا عَلَى التَّرَاخِي.
وَأَخْرَجَ nindex.php?page=showalam&ids=14274الدَّارِمِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الْأَنْعَامُ مِنْ نَوَاجِبِ الْقُرْآنِ.
وَفِي الْقَامُوسِ: نَجَائِبُ الْقُرْآنِ: أَفْضَلُهُ وَمَحْضُهُ. وَنَوَاجِبُهُ لُبَابُهُ. انْتَهَى.
nindex.php?page=treesubj&link=28883وَسُمِّيَتْ بِ (سُورَةِ الْأَنْعَامِ)، لِأَنَّ أَكْثَرَ أَحْكَامِهَا، وَجَهَالَاتِ الْمُشْرِكِينَ فِيهَا، وَفِي التَّقَرُّبِ بِهَا إِلَى أَصْنَامِهِمْ - مَذْكُورَةٌ فِيهَا.
[ ص: 2234 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[1] nindex.php?page=treesubj&link=28659_31755_31756_32501_33144_33147_34513_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ أَيْ: جَمِيعُ الْمَحَامِدِ، بِمَا حَمِدَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ خَلْقُهُ، أَوْ حَمِدَ بِهِ الْخَلْقُ رَبَّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ، مَخْصُوصٌ بِهِ. ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ قُدْرَتِهِ الْكَامِلَةِ، الْوَاجِبَةِ لِاسْتِحْقَاقِهِ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ بِقَوْلِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ خَصَّهَمَا بِالذِّكْرِ، لِأَنَّهُمَا أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ، فِيمَا يَرَى الْعِبَادُ، وَفِيهِمَا الْعِبَرُ وَالْمَنَافِعُ؛ لِأَنَّ السَّمَاوَاتِ بِأَوْضَاعِهَا وَحَرَكَاتِهَا أَسْبَابُ الْكَائِنَاتِ وَالْفَاسِدَاتِ الَّتِي هِيَ مَظَاهِرُ الْكَمَالَاتِ الْإِلَهِيَّةِ. وَالْأَرْضُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى قَوَابِلِ الْكَوْنِ وَالْفَسَادِ الَّتِي هِيَ الْمُسَبِّبَاتُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ أَيْ: أَوْجَدَهُمَا مَنْفَعَةً لِعِبَادِهِ، فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ.
وَهَهُنَا لَطَائِفُ:
الْأُولَى: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْآيَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُنْعِمَ بِهَذِهِ النِّعَمِ الْجِسَامِ هُوَ الْحَقِيقُ بِالْحَمْدِ وَالْعِبَادَةِ، دُونَ مَا سِوَاهُ.
الثَّانِيَةُ: لَفْظُ (جَعَلَ) يَتَعَدَّى إِلَى وَاحِدٍ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى أَحْدَثَ وَأَنْشَأَ، كَمَا هُنَا; وَإِلَى مَفْعُولَيْنِ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى (صَيَّرَ) كَقَوْلِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ (الْخَلْقِ) وَ (الْجَعْلِ) أَنَّ الْخَلْقَ فِيهِ مَعْنَى التَّقْدِيرِ، وَفِي (الْجَعْلِ) مَعْنَى التَّضْمِينِ، كَإِنْشَاءِ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ أَوْ تَصْيِيرِ شَيْءٍ شَيْئًا، أَوْ نَقْلِهِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ. وَمِنْ ذَلِكَ: [ ص: 2235 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا حَسُنَ لَفْظُ (الْجَعْلِ) هَهُنَا؛ لِأَنَّ النُّورَ وَالظُّلْمَةَ لَمَّا تَعَاقَبَا، صَارَ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنَّمَا تَوَلَّدَ مِنَ الْآخَرِ - قَالَهُ الرَّازِيُّ - وَسَبَقَهُ إِلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ. قَالَ النَّاصِرُ فِي "الِانْتِصَافِ": وَقَدْ وَرَدَتْ: جَعَلَ وَ: خَلَقَ مَوْرِدًا وَاحِدًا. فَوَرَدَ: وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا . وَوَرَدَ: وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا . وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي التَّرَادُفِ. إِلَّا أَنَّ لِلْخَاطِرِ مَيْلًا إِلَى الْفَرْقِ الَّذِي أَبْدَاهُ nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ: جَعَلَ لَمْ يَصْحَبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَإِمَّا لَزِمَتْهُمَا: خَلَقَ . وَفِي إِضَافَةِ (الْخَلْقِ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَ (الْجَعْلِ) إِلَى الظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ، مِصْدَاقٌ لِلْمَيْزِ بَيْنَهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثَةُ: إِنْ قِيلَ: لِمَ جُمِعَتِ السَّمَاوَاتُ دُونَ الْأَرْضِ مَعَ أَنَّهَا مِثْلُهُنَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: [ ص: 2236 ] nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ وَفِي الْحَدِيثِ: nindex.php?page=hadith&LINKID=665590«هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ؟ قَالُوا: هَذِهِ أَرْضٌ. هَلْ تَدْرُونَ مَا تَحْتَهَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ؟ قَالَ: أَرْضٌ أُخْرَى، وَبَيْنَهُمَا مَسِيرُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرْضِينَ، بَيْنَ كُلِّ أَرْضِينَ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ». - أَخْرَجَهُ nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ، nindex.php?page=showalam&ids=11868وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
[ ص: 2237 ] فَالْجَوَابُ: لِأَنَّ السَّمَاوَاتِ طَبَقَاتٌ مُتَفَاضِلَةٌ بِالذَّاتِ، مُخْتَلِفَةٌ بِالْحَقِيقَةِ، بِخِلَافِ الْأَرْضِينَ، كَمَا قَالَهُ nindex.php?page=showalam&ids=13926الْبَيْضَاوِيُّ.
وَقَالَ الرَّازِيُّ: إِنَّ السَّمَاءَ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْفَاعِلِ. وَالْأَرْضَ مَجْرَى الْقَابِلِ. فَلَوْ كَانَتِ السَّمَاءُ وَاحِدَةً لَتَشَابَهَ الْأَثَرُ، وَذَلِكَ يُخِلُّ بِمَصَالِحِ هَذَا الْعَالَمِ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ كَثِيرَةً اخْتَلَفَتِ الِاتِّصَالَاتُ الْكَوْكَبِيَّةُ، فَحَصَلَ بِسَبَبِهَا الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ، وَسَائِرُ الْأَحْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَحَصَلَ بِسَبَبِ تِلْكَ الِاخْتِلَافَاتِ مَصَالِحُ هَذَا الْعَالَمِ. أَمَّا الْأَرْضُ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْأَثَرِ، وَالْقَابِلُ الْوَاحِدُ كَافٍ فِي الْقَبُولِ. انْتَهَى.
وَقَدَّمَ السَّمَاوَاتِ لِشَرَفِهَا وَعُلُوِّ مَكَانِهَا.
الرَّابِعَةُ: الظَّاهِرُ فِي (الظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ) أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا الْأَمْرَانِ الْمَحْسُوسَانِ بِحِسِّ الْبَصَرِ. وَالَّذِي يُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا. وَالْأَصْلُ اللَّفْظُ عَلَى حَقِيقَتِهِ. وَلِأَنَّ (الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) إِذَا قُرِنَا بِالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُمَا إِلَّا الْأَمْرَانِ الْمَحْسُوسَانِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ عَنَى بِهِمَا الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ.
وَرَجَّحَ الرَّازِيُّ الْأَوَّلَ لِمَا ذُكِرَ.
وَوَجَّهَ بَعْضُهُمُ الثَّانِيَ بِأَنَّ الْمَعْنَى: أَنَّهُ لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَقَدْ نَصَبَ الْأَدِلَّةَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ. ثُمَّ بَيَّنَ طَرِيقَ الضَّلَالِ، وَطَرِيقَ الْهُدَى، بِإِنْزَالِ الشَّرَائِعِ وَالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فَنَاسَبَ الْمَقَامَ (ثُمَّ) الِاسْتِبْعَادِيَّةُ إِذْ يَبْعُدُ مِنَ الْعَاقِلِ النَّاظِرِ بَعْدَ إِقَامَةِ الدَّلِيلِ، اخْتِيَارُ الْبَاطِلِ. انْتَهَى.
وَعَلَيْهِ فَجَمْعُ (الظُّلُمَاتِ) وَتَوْحِيدُ (النُّورِ) ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْهُدَى وَاحِدٌ، وَالضَّلَالَ مُتَعَدِّدٌ، كَمَا قَالَ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
[ ص: 2238 ] وَعَلَى الْأَوَّلِ، فَجَمْعُهَا لِظُهُورِ كَثْرَةِ أَسْبَابِهَا وَمَحَالِّهَا عِنْدَ النَّاسِ، فَإِنَّ لِكُلِّ جِرْمٍ ظُلْمَةً، وَلَيْسَ لِكُلِّ جِرْمٍ نُورٌ. وَأَمَّا تَقْدِيمُهُمَا فَلِسَبْقِهَا فِي التَّقْدِيرِ وَالتَّحَقُّقِ، عَلَى النُّورِ.
وَفِي الْأَثَرِ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ رَشَّ عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ النَّاطِقَةِ بِمَا مَرَّ مِنْ مُوجِبَاتِ اخْتِصَاصِهِ تَعَالَى، بِالْحَمْدِ الْمُسْتَدْعِي لِاقْتِصَارِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ. مَسُوقٌ لِإِنْكَارِ مَا عَلَيْهِ الْكَفَرَةُ، وَاسْتِبْعَادِهِ مِنْ مُخَالَفَتِهِمْ لِمَضْمُونِهَا، وَاجْتِرَائِهِمْ عَلَى مَا يَقْضِي بِبُطْلَانِهِ بَدِيهَةُ [ ص: 2239 ] الْعُقُولِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى مُخْتَصٌّ بِاسْتِحْقَاقِ الْحَمْدِ وَالْعِبَادَةِ، بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ، وَبِاعْتِبَارِ مَا فُصِّلَ مِنْ شُؤُونِهِ الْعَظِيمَةِ الْخَاصَّةِ بِهِ، الْمُوجِبَةِ لِقَصْرِ الْحَمْدِ وَالْعِبَادَةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةُ لَا يَعْمَلُونَ بِمُوجِبِهِ، وَيَعْدِلُونَ بِهِ سُبْحَانَهُ. أَيْ: يُسَوُّونَ بِهِ غَيْرَهُ فِي الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ أَقْصَى غَايَاتِ الشُّكْرِ، الَّذِي رَأَسُهُ الْحَمْدُ، مَعَ كَوْنِ كُلِّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقًا لَهُ، غَيْرَ مُتَّصِفٍ بِشَيْءٍ مِنْ مَبَادِئِ الْحَمْدِ. وَكَلِمَةُ (ثُمَّ) لِاسْتِبْعَادِ الشِّرْكِ بَعْدَ وُضُوحِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْآيَاتِ التَّكْوِينِيَّةِ، الْقَاضِيَةِ بِبُطْلَانِهِ. وَ (الْبَاءُ) مُتَعَلِّقَةٌ بِ (يَعْدِلُونَ) وَوُضِعَ (الرَّبُّ) مَوْضِعَ ضَمِيرِهِ تَعَالَى، لِزِيَادَةِ التَّشْنِيعِ وَالتَّقْبِيحِ. وَالتَّقْدِيمُ لِمَزِيدِ الِاهْتِمَامِ وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى تَحْقِيقِ مَدَارِ الْإِنْكَارِ وَالِاسْتِبْعَادِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَوَاصِلِ، وَتُرِكَ الْمَفْعُولُ لِظُهُورِهِ، أَوْ لِتَوْجِيهِ الْإِنْكَارِ إِلَى نَفْسِ الْفِعْلِ، بِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، إِيذَانًا بِأَنَّهُ الْمَدَارُ فِي الِاسْتِبْعَادِ، لَا خُصُوصِيَّةُ الْمَفْعُولِ. هَذَا هُوَ الْحَقِيقُ بِجَزَالَةِ التَّنْزِيلِ؛ أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ.
ثُمَّ نَاقَشَ مَا وَقَعَ لِلْمُفَسِّرِينَ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُهُ. فَانْظُرْهُ.
وَأَصْلُ (الْعَدْلِ) مُسَاوَاةُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ عَدِيلًا مِنْ خَلْقِهِ، مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، فَيَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ، مَعَ إِقْرَارِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ.
وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=15409النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: (الْبَاءُ) بِمَعْنَى (عَنْ) أَيْ: عَنْ رَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ وَيَنْحَرِفُونَ، مِنَ الْعُدُولِ عَنِ الشَّيْءِ.
لَطِيفَةٌ:
قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=13365ابْنُ عَطِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (ثُمَّ) دَالَّةٌ عَلَى قُبْحِ فِعْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ خَلْقَهُ السَّمَاوَاتِ قَدْ تَقَرَّرَ، وَآيَاتُهُ قَدْ سَطَعَتْ، وَإِنْعَامُهُ بِذَلِكَ قَدْ تَبَيَّنَ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ قَدْ عَدَلُوا بِرَبِّهِمْ. فَهَذَا كَمَا تَقُولُ: أَعْطَيْتُكَ وَأَحْسَنْتُ إِلَيْكَ، ثُمَّ تَشْتُمُنِي؟ وَلَوْ وَقَعَ الْعَطْفُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ بِ (الْوَاوِ) لَمْ يَلْزَمِ التَّوْبِيخُ كَلُزُومِهِ بِ (ثُمَّ). انْتَهَى. أَيْ: فَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى التَّوْبِيخِ وَالْإِنْكَارِ، كَالتَّعْجِيبِ أَيْضًا.
[ ص: 2240 ] قَالَ أَبُو حَيَّانَ: هَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=13365ابْنُ عَطِيَّةَ مِنْ أَنْ (ثُمَّ) لِلتَّوْبِيخِ. nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّهَا لِلِاسْتِبْعَادِ - مَفْهُومٌ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، لَا مِنْ مَدْلُولِ (ثُمَّ). انْتَهَى.
وَإِنَّمَا لَمْ تَحْمِلْ (ثُمَّ) عَلَى التَّرَاخِي، مَعَ اسْتِقَامَتِهِ، لِكَوْنِ الِاسْتِبْعَادِ أَوْفَقُ بِالْمَقَامِ؛ لِأَنَّ التَّرَاخِيَ الزَّمَانِيَّ مَعْلُومٌ فِيهِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ.