الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها في قوله ليستفزونك وجهان: أحدهما: يقتلونك ، قاله الحسن.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يزعجونك باستخفافك ، قاله ابن عيسى. قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        يطيع سفيه القوم إذ يستفزه ويعصي حكيما شيبته الهزاهز



                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله ليخرجوك منها أربعة أقاويل: أحدها: أنهم اليهود أرادوا أن يخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة ، فقالوا: إن أرض الأنبياء هي الشام وإن هذه ليست بأرض الأنبياء ، قاله سليمان التيمي.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنهم قريش هموا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قبل الهجرة ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنهم أرادوا إخراجه من جزيرة العرب كلها لأنهم قد أخرجوه من مكة.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أنهم أرادوا قتله ليخرجوه من الأرض كلها ، قاله الحسن. وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا يعني بعدك ، يقال خلفك وخلافك وقد قرئا جميعا بمعنى بعدك ، ومنه قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        عفت الديار خلافها فكأنما     بسط الشواطب بينهم حصيرا



                                                                                                                                                                                                                                        وقيل خلفك بمعنى مخالفتك ، ذكره ابن الأنباري. إلا قليلا فيه وجهان: أحدهما: أن المدة التي لبثوها بعده ما بين إخراجهم له إلى قتلهم يوم بدر ، وهذا قوله من ذكر أنهم قريش.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 262 ] الثاني: ما بين ذلك وقتل بني قريظة وجلاء بني النضير ، وهذا قول من ذكر أنهم اليهود.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية