الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          ومن لم يرم جمرة العقبة يوم النحر أو باقي ذي الحجة فقد بطل حجه ; ويجزئ القارن طواف واحد لعمرته ولحجه ، كالمفرد بالحج ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك : ما حدثناه عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج نا أبو بكر بن أبي شيبة ، وإسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - جميعا عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه ( . . . ) قال : قلت لجابر بن عبد الله : أخبرني [ ص: 114 ] عن حجة الوداع ؟ فقال جابر - فذكر حديثا - وفيه { فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة - فذكر كلاما - ثم قال فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، ثم ركب القصواء - فذكر كلاما - ثم قال : حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم فقرأ { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } فجعل المقام بينه وبين البيت . . . ثم رجع إلى الركن فاستلمه ، ثم خرج من الباب إلى الصفا ; فلما دنا من الصفا قرأ { إن الصفا والمروة من شعائر الله } أبدأ بما بدأ الله به ; فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة ، فوحد الله وكبره وقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده . ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ; ثم نزل إلى المروة حتى انصبت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة قال : لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة ; فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد ؟ - فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال : دخلت العمرة في الحج مرتين - لا ، بل لأبد أبد ، وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة ممن حل ، ولبست ثيابا صبيغا فأنكر ذلك عليها فقالت : إني أمرت بهذا . . . فأخبر علي بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج ؟ قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به رسولك صلى الله عليه وسلم قال : فإن معي الهدي فلا تحل . . . فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي ; فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . حتى أتى عرفة . . . فنزل في القبة بنمرة حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس فقال : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا - ثم ذكر كلاما كثيرا - ثم أذن ، ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر [ ص: 115 ] ولم يصل بينهما شيئا ; ثم ركب عليه السلام حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا . . . وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام ، وقال : أيها الناس السكينة السكينة ، كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد ، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع عليه السلام حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ; ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله تعالى وكبره وهلله ووحده ; فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن العباس حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا ; ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف ، رمى من بطن الوادي ; ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه . ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر . ثم أتى زمزم فتناول دلوا فشرب منه } .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : كل ما في هذا الخبر من دعاء ، وصفة مشي ، وغير ذلك لا تحاش شيئا ، فهو كله سنة مستحبة

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية